كرم عثمان بن عفان رضي الله عنه: قدوة في البذل والعطاء

كرم عثمان بن عفان رضي الله عنه: قدوة في البذل والعطاء

Rating 0 out of 5.
0 reviews

كرم عثمان بن عفان رضي الله عنه: قدوة في البذل والعطاء

image about كرم عثمان بن عفان رضي الله عنه: قدوة في البذل والعطاء

 

مقدمة

إذا تحدثنا عن القيم العظيمة التي نشرها الإسلام في نفوس المسلمين، فإن الكرم يأتي في مقدمتها، فهو صفة تُظهر صدق الإيمان وقوة اليقين بالله. وعندما نذكر الكرم بين الصحابة الكرام، يتصدر المشهد الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثالث الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وزوج ابنتي رسول الله ﷺ، وأحد أعظم الرجال الذين بذلوا أموالهم في سبيل الله دون تردد. لقد ترك عثمان بصمات خالدة في التاريخ الإسلامي من خلال مواقفه العظيمة في العطاء والإنفاق، حتى صار قدوة للأمة في السخاء ونكران الذات.

صفاته ومكانته

ولد عثمان بن عفان في بيت من بيوت قريش الثرية، وعُرف منذ شبابه بحسن الخلق، والحياء الشديد، والكرم الفطري. كان غنيًّا، ولكنه لم يكن عبدًا لماله، بل كان المال عنده وسيلة لخدمة الدين وإسعاد الناس. أسلم عثمان بدعوة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان من السابقين الأولين الذين تحملوا الأذى في سبيل الله. تزوج من رقية بنت النبي ﷺ، ثم من أم كلثوم بعد وفاة أختها، حتى لُقب بـ "ذو النورين". وقد قال فيه النبي ﷺ: "ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة." وهذا يدل على طهارته وعظمة مكانته عند الله ورسوله.

إنفاقه في بئر رومة

من أبرز صور كرمه ما فعله في المدينة المنورة عندما اشتد على المسلمين العطش. فقد كان هناك بئر يُسمى "بئر رومة" يملكه رجل يهودي، وكان يبيع ماءه للمسلمين بثمن مرتفع. فاشتراه عثمان رضي الله عنه بماله الخاص، وجعله وقفًا عامًا يشرب منه المسلمون بلا مقابل. لقد خفف هذا الموقف عن الناس معاناة كبيرة، وصار البئر صدقة جارية يستفيد منها المسلمون قرونًا طويلة. وهذا يبين أن كرم عثمان لم يكن مجرد هبات وقتية، بل أعمالًا خالدة نفعها ممتد للأمة.

موقف تجهيز جيش العسرة

ومن المواقف العظيمة التي لا تُنسى، ما حدث في غزوة تبوك، التي سُميت "غزوة العسرة" لشدة ما أصاب المسلمين من ضيق في المال والمؤونة. دعا النبي ﷺ المسلمين للتبرع وتجهيز الجيش، فخرج كل واحد بما يستطيع، وجاء عثمان رضي الله عنه بما يفوق الخيال. فقد قدم ثلاثمئة بعير محملة بالأحلاس والأقتاب، وألف دينار وضعها في حجر النبي ﷺ، حتى تهلل وجهه الشريف وقال: "ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم." كما دعا له النبي ﷺ قائلًا: "اللهم ارضَ عن عثمان، فإني راضٍ عنه." لقد سجّل التاريخ هذا الموقف شاهدًا خالدًا على عظمة كرم عثمان، وكيف كان ماله كله في خدمة الدين.

أعماله في خدمة الإسلام

لم يقف عطاؤه عند هذا الحد، بل كان دائم السخاء في كل مواقف حياته. فقد كان ينفق على تجهيز الغزوات الأخرى، ويساعد الفقراء والمساكين سرًا وعلانية. كما ساهم عثمان رضي الله عنه في جمع المصحف الشريف وتوزيعه على الأمصار، وهو عمل عظيم كان له أثر بالغ في حفظ كتاب الله للأمة كلها. لقد جمع بين العبادة والإنفاق والجهاد والإدارة الحكيمة، حتى صار مثالًا متكاملًا للقائد المسلم السخي الأمين.

أثر كرمه في المجتمع الإسلامي

كان لكرم عثمان أثر مباشر في ترسيخ معاني التكافل بين المسلمين. فقد خفف عن الفقراء والمحتاجين أعباء الحياة، وأعان الأمة على مواجهة التحديات الاقتصادية في زمن النبوة والخلافة. كان المسلمون إذا أصابهم ضيق أو أزمة، وجدوا في عثمان صدرًا رحبًا ويدًا كريمة. وقد زرع كرمه في قلوب الناس حبًا عظيمًا له، حتى صار رمزًا للعطاء الخالص في سبيل الله. وهذا يبين أن المال إذا وُظف في الخير صار وسيلة لرفعة الدين وصناعة الحضارة.

دروس وعبر من حياته

من خلال تأمل سيرته، نتعلم أن المال نعمة عظيمة إذا استُعملت في الخير. لقد كان عثمان مثالًا على أن الغنى لا يعني الترف والأنانية، بل قد يكون بابًا للجنة إذا صُرف في وجوه البر. نتعلم منه أن العطاء الحقيقي ليس ما يزيد عن حاجتنا فقط، بل ما نقدمه برضا ويقين أن الله سيخلفه خيرًا. كما نتعلم أن العمل الصالح لا يضيع عند الله، وأن الصدقة الجارية أعظم استثمار يتركه الإنسان بعد موته.

سؤال المقال :-

برأيك، كيف يمكن أن نقتدي بكرم سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه في حياتنا اليومية؟

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

5

followings

1

followings

1

similar articles
-