صلاح الدين الأيوبي: من أشهر ملوك الإسلام

صلاح الدين الأيوبي: من أشهر ملوك الإسلام

Rating 0 out of 5.
0 reviews

صلاح الدين الأيوبي: من أشهر ملوك الإسلام 

دخل الجنرال اللنبي إلى القدس يتيه فخراً بقوة الإمبراطورية البريطانية العظمى. ونظر إلى القبة الشريفة وإلى ثاني الحرمين الشريفين " بيت المقدس" وجنح بخياله بعيداً في أعماق التاريخ، وتصور أنه وريث " بوهمند" النورماني- أو ريتشارد قلب الأسد فأطلق مقولته المشهورة التي حفظتها الأجيال المعاصرة:" اليوم انتهت الحروب الصليبية" مشيرا بذلك إلى عودة " الإفرنج" الجدد واستيلائهم على القدس – بعد أن حررها صلاح الدين الأيوبي عام 1188م .

ودخل القائد الفرنسي – غورو إلى دمشق، مزهواً بقومة الحملة الجديدة – وكان أول عمل له أن توجه إلى قبر صلاح الدين ولعله طار بخياله أيضا فتصور أنه من أحفاد غودفروا " دو بويون" و" كندفري – أو – قندهري" من قادة الحملة الصليبية الأولى، فأطلق بدوره مقولة حفظتها قلوب أبناء الشام، ونقلتها إلى العالم وأورثتها إلى الأجيال . وهي:" لقد عدنا يا صلاح الدين" ونسي القائدان الاستعماريان " اللنبي وغوورو" أنهما إذا افترضا بأنهما من أحفاد قدامى الفرنج " الصليبيين" فإنه لا بد من وجود أحفاد أيضا لصلاح الدين يحفظون ذكراه، ويقتدون بسيرته، ويعملون على نهجه، ويؤمنون بما كان يؤمن.

وقد حالف الحظ " صلاح الدين" ودعمه في عد من المآزق الصعبة، فكان في ذلك نموذجاً لمصادفة الخط ولعبة القدر التي تمارس دورها في لحظات التاريخ  الحرجة

وفي الواقع، فقد كانت صورة صلاح الدين تزين بيوتات الشام القديمة. وكان رجال الشام خلال تظاهراتهم" عرضاتهم" ضد قوى الاستعمار كثيرا ما يرفعون صورة صلاح الدين، لعلهم كانوا بذلك يتحدون التحدي الذي فرضه عليهم اللنبي وغورو ومدارسهما الاستعمارية. ولعل صورة صلاح الدين (التي تم طبعها على الحجر في تلك الفترة) هي أول صورة يتم طبيعها لأي قائد أو لأي إنسان، خلال فترة انتشار الطباعة في بلاد الشام.

المهم في الأمر هو أن أبناء الشام " والعرب جميعاً" لا يكادون يغفلون فترى عن ذكرى قائدهم العظيم حتى تأتي الحراب الأجنبية لتذكرهم بأن الحرب لا زالت مستمرة، وأن صلاح الدين الذي قادهم في أصعب فترة من تاريخهم. وانتقل بهم من نصر إلى نصر، لازال يعيش في قلوبهم، ولا زالت أعماله ترسم السطور الأولى في ملحمة الدفاع الطويلة عن العرب والمسلمين.

وصلاح الدين الأيوبي" هو يوسف بن أيوب بن شادي " أبو المظفر – ولقبه الملك الناصر من أشهر ملوك الإسلام . كان أبوه وأهله من قرية " دُوَين" في شرقي أذربيجان (وهو بطن من الروادية من قبيلة الهذانية من الأكراد) ولهذا أطلق على دولتهم فيما بعد اسم " دولة الأكراد" وربما كانت كلمة كرد تعني الذئب.

وقد تعني هذه الدلالة على طبيعة بلاد الأكراد الجبلية التي كانت ملجأ للذئاب ومستقراً.

وكان الكرد يعيشون في أوائل أمرهم قبائل متفرقة تحت حكم أمرائها، ويظهر أنهم أفادوا من فترة اضطراب العالم الإسلامي (التي سبقت قيام الحكم الأموي) ففرضوا هيمنتهم على معظم أرض فارس " إيران" مما دفع الحجاج لتوجيه يزيد بن المهلب لحربهم. فأظهروا خضوعهم إلى أن ضعفت الدولة العباسية فعادوا للظهور، وتعاظمت قوتهم. مما حمل البويهيين "آل بويه" الذين سيطروا على الدولة لتوجيه الحرب ضدهم ، فقاتلوهم في أماكن متعددة من سجستان وآذربيجان وديار بكر بالجزيرة الشامية. وعندما جاء السلاجقة إلى العراق قضوا على البويهيين وعلى بقية الإمارات – وخاصة في غربي الجبال الإيرانية التي أصبحت تعرف منذ ذلك الوقت باسم " كردستان".

مهما كان عليه الأمر، فقد هاجر " شادي" جد صلاح الدين إلى بغداد وفرض وجوده على أمراء السلاجقة ورجال دولتهم بما كان له من قوة الشخصية . فمنحوه حكم قلعة تكريت على الضفة اليمنى من نهر دجلة " شمالي سامراء" حيث كان أغلب سكانها من الكرد. وبعد موت شادي، أصبح ابنه نجم الدين أيوب وريثه فيها – يعاونه في ذلك أخوه الأصغر " شيركوه" بمعنى أسد الجبل- وولد لأيوب في تكريت هذه صلاح الدين يوسف وذلك في عام 532 للهجرة (1137م) . ثم ولي أيوب " والد صلاح الدين" أعمالا للسلاجقة في بغداد والموصل ودمشق.

ونشأ صلاح الدين في دمشق، ثم دخل مع أبيه وعمه " شيركوه" في خدمة نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي " حاكم" دمشق وحلب والموصل، واشترك صلاح الدين مع عمه شيركوه في حملة وجهها نور الدين للاستيلاء  على مصر وأضعاف نفوذ الفاطميين فيها. فكانت وقائع ظهرت فيها مزايا صلاح الدين وكفاءته القيادية، وتم لشيركوه الظفر في النهاية باسم السلطان نور الدين زنكي . ولكن شيركوه الظفر في  النهاية باسم السلطان نور الدين زنكي. ولكن شيركوه ما لبث أن مات.. فاختار العاضد للوزارة وقيادة الجيش صلاح الدين" ولقبه بالملك الناصر" وهاجم الفرنج دمياط فصدهم صلاح الدين ثم استقل بملك مصر مع اعترافه بسيادة نور الدين. ومرض العاضد فقطع صلاح الدين خطبته وخطب للعباسيين وانتهى بذلك أمر الفاطميين.

لم يكن طريق صلاح الدين (سهلاً) فقد كان عليه خوض صراع مرير ضد نفوذ الفاطميين، والعمل بحزم ومهارة لتصفية مراكز القوى المضادة، ثم كان عليه التحرك بحذر في مواجهة الزنكيين. كل ذلك وسط الأخطار المحيطة بالعالم الإسلامي في كل مكان. وإعطاء الأفضلية في كل مرحلة لجبهة من جبهات الصراع الداخلية والإسلامية والخارجية " مع الفرنج" وقد كان صلاح الدين من ذلك النوع من الرجال الذين لا تفتر لهم همة ولا تهدأ لهم ثائرة إلا بتحقيق أهدافهم.

وقد حالف الحظ " صلاح الدين" ودعمه في عد من المآزق الصعبة، فكان في ذلك نموذجاً لمصادفة الخط ولعبة القدر التي تمارس دورها في لحظات التاريخ  الحرجة. كان ذلك بصورة خاصة عندما توفي شيركوه فأفسح في ذلك المجال لصعود صلاح الدين، وكان ذلك أيضاً عند وفاة العاضد الفاطمي فأصبح الطريق ممهدا للسيطرة على الشام. وكان ذلك أيضاً عندما توفي نور الدين زنكي سنة 569هـ = 1176م. فكان في ذلك وحدة الشام ومصر. وكان في ذلك طريق النصر.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

316

followings

606

followings

6665

similar articles
-