يوسف الصدّيق: من الجبّ إلى الملك

يوسف الصدّيق: من الجبّ إلى الملك

Rating 0 out of 5.
0 reviews

يوسف الصديق: من بئر الجب إلى عرش مصر

​في قديم الزمان، عاش نبي الله يعقوب عليه السلام، وكان له اثنا عشر ولداً، من بينهم يوسف وأخوه بنيامين، وكانا أحب أولاده إلى قلبه. كان يوسف عليه السلام يتمتع بجمال أخّاذ، وعقل راجح، وحسن خلق. وفي يوم من الأيام، رأى يوسف رؤيا عجيبة قصّها على أبيه يعقوب، قال: "يا أبتِ إني رأيت أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين." أدرك يعقوب أنها رؤيا حق، وأن الله سيصطفي يوسف ويجعله ذا شأن عظيم، فنصحه ألا يقص هذه الرؤيا على إخوته خوفًا من حسدهم.

image about يوسف الصدّيق: من الجبّ إلى الملك

​لكن غيرة الإخوة من حب أبيهم ليوسف كانت قد بلغت مبلغها. اجتمعوا وتشاوروا فيما بينهم، وقرروا أن يتخلصوا من يوسف. وبعد نقاش، استقر رأيهم على إلقائه في بئر بعيدة، علّ يمر بها أحد القوافل فيأخذه.

​أخذوا يوسف معهم بحجة اللعب، ولما وصلوا إلى البئر، ألقوه فيها، وعادوا إلى أبيهم يبكون بقميص يوسف الملطخ بدم كاذب، قائلين إن الذئب قد أكله. كان يعقوب يعلم أنهم يكذبون، لكنه لم يملك إلا أن يصبر ويحتسب أمره إلى الله، وهو يقول: "بل سولت لكم أنفسكم أمرًا، فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون."

من العبودية إلى العزة

​مرت قافلة بجانب البئر، ولما أرسلوا واردهم (ساقيهم) ليستقي الماء، وجد يوسف في البئر. أخذوه معهم وباعوه في مصر بثمن بخس لعبد من عبيد الله. اشتراه عزيز مصر، وهو منصب رفيع يشبه وزير المالية. أدرك العزيز في يوسف الفطنة والذكاء، فأمر زوجته أن تحسن معاملته وقال لها: "أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا."

​نشأ يوسف في بيت العزيز، وأحبته امرأة العزيز حبًا شديدًا، وحاولت أن تغريه، ولكنه امتنع ورفض، قائلًا: "معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي، إنه لا يفلح الظالمون." فرت هاربة خلفه، وأمسكت بقميصه من الخلف فشقته. وفي هذه اللحظة، دخل العزيز، فادعت عليه أنه أراد بها سوءًا. لكن يوسف برّأ نفسه، وظهر الحق عندما شهد شاهد من أهلها أن قميصه قد شُقّ من الخلف، وهذا دليل على أنه كان هاربًا وهي التي تتبعه.

​ورغم براءة يوسف، خاف العزيز من الفضيحة، فألقى يوسف في السجن. قضى يوسف في السجن سنوات طويلة، لكنه لم ييأس. كان يستغل وقته في دعوة الناس إلى الله، وتعليمهم التوحيد. وفي السجن، فسّر رؤيا لصديقين له، وتحقق تفسيره، مما زاد من ثقة الناس به.

تأويل الرؤيا والعودة إلى النور

​وفي يوم من الأيام، رأى ملك مصر رؤيا غريبة، فلم يستطع أحد أن يفسرها. تذكر أحد رفيقي يوسف في السجن قدرته على تفسير الأحلام، فأخبر الملك به. أمر الملك بإحضار يوسف، ففسر له رؤياه بأن مصر ستشهد سبع سنوات من الخير والرخاء، تليها سبع سنوات من الجفاف والقحط. ونصح الملك بضرورة التخطيط للمستقبل، وتخزين المحاصيل في سنوات الخير.

​أعجب الملك بذكاء يوسف، وطلب منه أن يتولى هذا الأمر بنفسه. وهكذا، خرج يوسف من السجن ليصبح وزيرًا على خزائن مصر. قال للملك: "اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم."

اللقاء الكبير والتسامح العظيم

​جاءت سنوات القحط، وأصاب الجوع كل المناطق المجاورة لمصر، حتى إخوة يوسف جاءوا يطلبون الميرة. لم يتعرفوا على يوسف، لكنه عرفهم. أعطاهم ما يحتاجونه، وطلب منهم أن يحضروا معهم أخاهم الأصغر بنيامين في المرة القادمة. ولما جاءوا ومعهم بنيامين، احتجز يوسف أخاه بحيلة، حتى يضطروا للعودة إلى أبيهم.

​عاد الإخوة وأخبروا أباهم بما حدث. لم يصدق يعقوب، ولكنه أرسلهم مرة أخرى إلى مصر للبحث عن أخويهم. وهناك، اعترفوا بيأسهم، وكشف يوسف عن هويته الحقيقية قائلًا: "أنا يوسف وهذا أخي، قد منّ الله علينا."

​عادوا جميعًا إلى يوسف، وطلب منهم أن يعودوا إلى أبيهم بقميصه، وأن يلقوه على وجهه حتى يستعيد بصره. ولما جاءوا إلى يوسف وأبيهم، سجدوا له جميعًا، وفسر لهم رؤياه القديمة. وفي مشهد مهيب، تسامح يوسف مع إخوته، وقال لهم: "لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين."

​وبهذا، اجتمع شمل العائلة من جديد، وعادت البسمة إلى وجه يعقوب عليه السلام، وعاشوا في مصر في رخاء وأمان تحت حكم يوسف الصديق.

​تعلّمنا هذه القصة أن الصبر مفتاح الفرج، وأن الله لا يضيّع أجر المحسنين، وأن التسامح والعفو أجمل ما يمكن أن نقدمه للآخرين.image about يوسف الصدّيق: من الجبّ إلى الملك

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

1

followings

0

followings

0

similar articles
-