
🌿 قصة أماني بين الصبر واليقين
قصة أماني بين الصبر واليقين
الطفولة تحت وطأة الظلم
وُلدت الفتاة أماني في بيت كان يفترض أن يكون حصنًا للأمان، لكنه كان بداية امتحانها الأكبر. نشأت وهي تتلقى أنواعًا من القسوة واللوم، حتى من أقرب الناس إليها. لم تسمع كلمات الحنان التي تذيب قلوب الأطفال، ولم تجد صدرًا يحتويها عند ضعفها، بل كانت تُعاقَب ظلمًا وتُحمَّل ما لا طاقة لها به.
ومع ذلك، كان قلبها مؤمنًا، يردد دائمًا:
"حسبي الله ونعم الوكيل، إن الله معي ولن يتركني."
نور القرآن في قلب مظلوم
رغم قسوة أهلها، وجدت أماني سلوتها في القرآن. كانت تمسك بالمصحف الصغير وتقرأ بصوت خافت، فتشعر أن كل آية تنزل بردًا وسلامًا على قلبها. وكانت تستحضر قول الله تعالى:
﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ • فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر: 97-98]
فكلما اشتد البلاء، زادت خشوعًا، وأيقنت أن فرج الله قريب.
اختبار جديد: مرض الأخ
مرض أحد إخوتها مرضًا شديدًا، ووقف الجميع عاجزين. لم تتردد أماني، بل سهرت بجواره، وأطعمته بيديها، وكانت تُكثر من قراءة القرآن عند رأسه، وتردد الأدعية النبوية لشفائه.
لكن المفاجأة أنها لم تلقَ شكرًا ولا امتنانًا، بل وُجهت باتهامات قاسية. قالوا إنها تتظاهر بالخير طلبًا للمديح. شعرت حينها أن القلوب قد قست، لكنها رفعت يديها قائلة:
"اللهم إنك تعلم سريرتي، فاجعل صبري هذا في ميزان حسناتي."
الحرب الخفية
ازدادت قسوة أهلها عليها بعد مرض أخيها، حتى تحولت حياتها إلى حرب يومية. كانوا يسخرون من طيبتها ويحمّلونها وزر كل خطأ. لكنها لم تفقد إيمانها، بل كانت تستحضر قول الله تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 153]
وكانت تبكي بين يدي الله في جوف الليل، مستيقنة أن الدموع في سبيله لا تضيع أبدًا.
بداية التغيير
مرت الأيام، وأدركت أماني أن النجاة ليست في رضا الناس، وإنما في رضا الله. بدأت تحفظ القرآن، وتتعلم علوم الدين، ووجدت في ذلك أنسًا وسكينة لم تذقها من قبل.
كما تعلمت أن تعتمد على نفسها، ففتحت باب رزق صغير بالحلال، وأثبتت أن المرأة المسلمة قوية بعفتها وصبرها وتوكلها على الله.
أماني ودرس الحياة
تحولت أماني من فتاة مكسورة إلى امرأة مؤمنة شامخة. لم تعد ترى نفسها ضحية ظلم عائلتها، بل مؤمنة صابرة اختارها الله ليمتحنها. وأصبحت تردد دائمًا:
"الصبر مفتاح الفرج، ومن يتوكل على الله فهو حسبه."
الخاتمة
وفي ليلة من ليالي الدعاء، كتبت في دفترها:
"الحمد لله الذي جعلني أذوق مرارة البلاء لأفهم حلاوة القرب منه. لعلهم حرموني من الحب، لكن الله غمرني برحمته. أنا أماني، الفتاة التي لم يكسرها الظلم، بل قوّاها الإيمان."
وهكذا بدأت صفحة جديدة في حياتها، صافية نقية، مليئة بالأمل واليقين، مستسلمة لقول الله تعالى:
﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا • إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: 5-6]
