الطريق إلى النور: رحلة حياة الرسول ﷺ
🕊️ الطريق إلى النور: رحلة حياة الرسول ﷺ
في صحراءٍ تمتد فيها الرمال بلا نهاية، وسماءٍ يكسوها الصمت والانتظار، وُلد في مكة طفل لم يكن أحدٌ يعلم أن حياته ستغيّر وجه التاريخ. وُلد محمد بن عبد الله ﷺ في عام الفيل، يتيمًا بلا أب، ثم لم يلبث أن فقد أمَّه آمنة وهو في السادسة من عمره. لكن الله كان يُعدّه لرحلة نورٍ عظيمة، تتخطى حدود الزمان والمكان.
كبر محمد ﷺ في بيت عمّه أبي طالب، وتعلّم من الصغر معنى الصبر والصدق والأمانة. كان الناس في مكة يلقبونه "الصادق الأمين"، لا يكذب ولا يخون، حتى قبل أن يُبعث نبيًا. كان يرعى الغنم، ثم عمل في التجارة، وأظهر من الأمانة ما جعل خديجة بنت خويلد رضي الله عنها تعجب بخلقه وأمانته، فتزوجته وكان عمره خمسًا وعشرين سنة وهكذا بدأت ملامح النبي محمد ﷺ تظهر أكثر في صدقه وإخلاصه، حتى صار مثالًا يُحتذى به في الرسول قدوتنا في كل زمان.
مرت السنوات، والرسول ﷺ يعتزل ضجيج مكة ويبحث عن الحقيقة في غار حراء. وفي ليلةٍ مباركة، جاءه جبريل عليه السلام بأول آية من النور:
" اقرأ باسم ربك الذي خلق"
ارتجف قلبه، لكنه أدرك أن هذه ليست مجرد كلمات، بل بداية طريقٍ يضيء العالم.
بدأت الدعوة سرًّا، فآمن به القليل: خديجة، وعلي، وأبو بكر، وزيد بن حارثة. ثم صدع بالأمر الجليل:
"فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين".
تحمل الرسول ﷺ وأصحابه الأذى والاستهزاء، صبروا وثبتوا لأنهم آمنوا أن النور أقوى من الظلام. هاجر إلى المدينة، وهناك وُلد المجتمع الإسلامي الأول، قائمًا على العدل والإخاء. آخى بين المهاجرين والأنصار، ونشر قيم الرحمة والتسامح، حتى مع من عاداه.
خاض المعارك دفاعًا عن الدين، لكنه لم يحمل سيفًا إلا ليرفع الظلم. وكان دائمًا يقول:
"اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".
وبينما كانت الدنيا تفتح له أبوابها، ظل متواضعًا، يرقع ثوبه بيده، ويجلس بين أصحابه كواحدٍ منهم.
وفي العام العاشر للهجرة، بعد أن أتم الله له الدين، خطب في الناس يوم حجة الوداع قائلًا:
تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا: كتاب الله وسنتي".
ثم عاد إلى ربه بعد رحلةٍ كانت طريقًا إلى النور، لا ينتهي أثرها ما دامت القلوب تنبض بالإيمان.
هكذا كانت حياة النبي ﷺ: رحلة من اليُتم إلى الهداية، ومن الألم إلى الأمل، ومن مكة إلى العالم كله.
رحلةٌ علّمت البشرية أن النور لا يولد إلا بعد ظلمة، وأن الصبر هو طريق المجد.
🌿 العبرة:
كل طريق في الحياة يبدأ بخطوة، وقد بدأ طريق النور من قلبٍ يتيمٍ صادقٍ أحبَّ الله، فأحبه الله ورفع ذكره في العالمين.
فلنجعل من حياة الرسول ﷺ قدوةً لنا، في الصبر، والرحمة، والصدق، والأمل.
🤍 اللهم صلِّ وسلم وبارك على من علّمنا معنى النور، محمدٍ النبي الأمي، وعلى آله وصحبه أجمعين.
