قصة الزبير بن العوام الجزء الثالث
بسم الله الرحمن الرحيم
ما زلنا نتحدث عن الصحابى الشجاع الزبير بن العوام ( رضى الله عنه) ، ونستكمل معا حياته .
غيرة الزبير:
كان الزبير ( رضى الله عنه) مشهورا بغيرته الشديدة على نسائه وأهل بيته ، وقد تزوج بأربعة من النساء ، هن : أسماء بنت أبى بكر الصديق، وأم خالد بنت خالد بن سعيد ، وأم مصعب الكلبية ، وعاتكة بنت زيد ابن عمرو بن نفيل ، وكان له من الأولاد 11 ذكرا و9 بنات .
ومما يذكر عن غيرة الزبير أنه كان متزوجا بالسيدة أسماء بنت أبى بكر ، وكان ذلك فى بداية حياته ، فكان فقيرا ، ليس عنده مال ولا خادم ، فكانت أسماء تسقى الماء ، وتعجن ، وتقوم على خدمة البيت ، وكانت تذهب تجمع النوى لتطعم به فرس الزبير.
وذات يوم ، كانت تحمل النوى على رأسها ، فلقيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومعه جماعة من الأنصار ، فدعاها لتركب معهم ، فاستحيت من الرجال، وتذكرة غيرة الزبير ، فعرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنها قد استحيت ، فتركها وذهب ، فلما عادت أخبرت الزبير، فأشفق عليها ، وقال :" والله لحملك النوى كان أشد على من ركوبك معه" البخارى.
جراح فى سبيل الله :
ظل الزبير مع النبى ( صلى الله عليه وسلم) بعد غزوة بنى قريظة حتى جاء فتح مكة ، فكانت مع الزبير إحدى رايات المهاجرين فى ذلك الفتح المبين ، ثم شهد مع النبى ( صلى الله عليه وسلم) جميع الغزوات والمعارك ، ولم يتخلف عن غزوة قط ، وفى غزوة حنين رأى الزبير مالك بن عوف زعيم هوازن وقائد جيوش الشرك فى تلك الغزوة واقفا وسط أصحابه ، فاقتحم الزبير حشدهم وحده ، وشتت شملهم ، وأزاحهم عن المكان الذى يتربصون فيه للمسلمين ، كما شهد الزبير غزوة تبوك وغيرها حتى توفى النبى(صلى الله عليه وسلم)وهو راض عن الزبير.
ومن كثرة المعارك التى حضرها الزبير كان جسده ممتلئا بالجروح والطعنات.
إنفاق وعطاء:
كان الزبير ( رضى الله عنه) من أجود الناس وأكرمهم ، ينفق كل أموال تجارته فى سبيل الله، وكان له ألف مملوك يؤدون إليه الخراج ، فما كان يدخل بيته منها درهما واحدا ، بل يتصدق بها كلها .
ولقد تصدق الزبير بن العوام (رضى الله عنه) بماله كله الذى كان فى بيته ، ولم يبق منه شيئا حتى مات مديونا ، ووصى ابنه عبد الله بقضاء دينه، وقال له : إذا أعجزك دين فاستعن بمولاى ، فسأله عبد الله : أى مولى تقصد ؟ فقال الزبير: الله ، نعم المولى ونعم المصير.
فكان عبد الله بن الزبير إذا وقع فى كربة قال : يا مولى الزبير اقض دينه ، فيقضيه. البخارى.
استشهاده:
بشر النبى ( صلى الله عليه وسلم) الزبير بأنه سيموت شهيدا ، فعن أبى هريرة أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) كان على جبل حراء ، فتحرك الجبل ، فقال ( صلى الله عليه وسلم) :" اسكن حراء، فما عليك إلا نبى أو صديق أو شهيد " ابن سعد. وكان مع النبى ( صلى الله عليه وسلم) أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير ، وقد تحققت هذه البشارة بعدما ترك الزبير موقعة الجمل ، فتعقبه رجل اسمه عمرو بن جرموز ، فقتله غدرا بمكان اسمه وادى السباع وهو يصلى ، وكان ذلك يوم الخميس فى شهر جمادى الأولى سنة 36 هجرية ، وكان عمره 64 عاما ، ودفن ( رضى الله عنه) بوادى السباع فى طريق مكة ، وقد أخذ القاتل سيف الزبير وذهب به إلى على بن أبى طالب ، فلما رآه بكى وقال : سيف والله طالما جلا به صاحبه الكرب عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) . ثم قال لمن معه : بشر قاتل ابن صفية بالنار ، حدثنى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) أن قاتل الزبير فى النار. (أحمد).
رحم الله الزبير بن العوام ( رضى الله عنه) ، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
الخاتمة:
بشر النبى ( صلى الله عليه وسلم) عشرة من أصحابه الكرام بالجنة فى حديث واحد ، وذلك نظير ما قدموه من تضحيات عظيمة وأعمال جليلة لنصرة الإسلام.
وقد تعرفنا على قصة الزبر بن العوام ( رضى الله عنه) وأخذنا مقتطفات من حياته لنجعل من سيرته العطرة نبراسا نقتدى به ونسير على منهاجه.
نشكركم على حسن متابعتكم للأجزاء الثلاثة للصحابى الزبير بن العوام( رضى الله عنه).
وإلى هنا ننتهى من قصتنا هذه ، ونلتقى المرة القادمة مع قصة جديدة بإذن الله.