مقالات اخري بواسطة أروى بنت عمر
رمضان نعمة ونعيم

رمضان نعمة ونعيم

0 المراجعات

ذاك النعيم الذي تسلل إلى القلب من حين سماع خبر قدومه، والتيقن برؤية هلاله، والاستبشار بحلوله، شهر أتى ليطهر القلوب من عبث الإحدى عشر شهرا الماضية، شهر أتى ليجدد الطاقة الروحية لقلوبنا، شهر له فرحته ونكهته الخاصة، الكل يستشعر فرحة قدومه لكن ليس الكل يستشعر نعيمه، هذا الشهر الذي أغاثنا الله به لترتوي القلوب حبا وإقبالا وتضرعا، لتدرك النفس أن العيش مع الله يساوي كل لذة في الدنيا، ولكن مانلبث أن نعود على أدراجنا مع وداع هذا الضيف العزيز.

هناك من يستشعر فرحة قدوم رمضان؛ بسبب الاختلاف في الروتين اليومي، والاجتماع العائلي على مائدة الطعام، والفوازير والمسلسلات و و و و...، يالبؤسه! لم يدرك الهدية الربانية والنعيم الرمضاني.

أهدانا ربنا هذه الهدية الربانية ويسر لنا السبل في هذا الشهر لنستكشف النعيم الذي كان يجب أن نعيشه كل الشهور لا شهر رمضان فقط، فأراد لنا أن نتذوق لذة القرب منه ونستمر على هذا الطريق لا نحيد عنه، فصفدت الشياطين، وأغلقت أبواب النيران، وفتحت أبواب الجنان، وهبت نسائم الرحمة والغفران، وتنافس المتنافسون للعتق من النيران، شعارهم (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) طه:84.

هذا النعيم أشار الله إليه في الحكمة من الصوم في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة:183 إذًا ليس الهدف من الصيام قضاء الوقت بين الفوازير والمسلسلات أو التفنن في مائدة الطعام، أو التجويع وضعف الطاقة البدنية، بل الهدف هو زيادة الطاقة القلبية (التقوى) ومن حقق هذا الهدف وصل إلى النعيم الرمضاني.

رمضان يهدينا مفتاح النعيم، ألا ترى أن الكثير في رمضان يستطيع قيام الليل بركعات وصيام النهار في الرمضاء، وتلاوة القرآن آناء الليل وأطراف النهار، ما الذي حدث، أتغير الزمن؟ أم قلت الساعات؟ أم ماذا؟ هي تلك (التقوى) الطاقة الروحية التي أمدت الجسد بالوقود فأصبح يسابق للطاعات ابتغاء مرضات الله متذكرا أن رمضان (أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ) البقرة:184، فحينما أدرك النعيم ولامست بشاشة قلبه لم يشعر بالتعب البدني، وهكذا كان السلف-رضوان الله عليهم- يتزودون بالطاقة الروحية، يغذون قلوبهم بالعبادات القلبية فتكون هي الوقود للبدن، فيقوم الواحد منهم من العشاء إلى الفجر لايكل ولا يتعب، ويختم الآخر القرآن في ثلاثة أيام وربما في يوم بدون نصب أو ملل، وفي زماننا قد نجد من كبار السن من يقوم الليل بأضعاف أضعاف مايقومه الشباب؛ لأن الطاقة التي يستمد منها قوته هي طاقة القلب والروح وليس المعيار الطاقة البدنية والصحة الجسدية، فمتى ماسمت الروح وعلت أجابها البدن مطيعا خاضعا، ومتى ما ارتفع معدل تقوى الله في قلب المرء لم يشعر بوهن الجسد وتعب البدن؛ لأن ثمة وقود قلبي يتزود منه، ونعيم روحي يتلذذ به، وقدجاء في الحديث عن الرسول-صلى الله عليه وسلم- (ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ) رواه البخاري.

رمضان.. (أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ) فأقبل عليه بقلبك وروحك، اطلق طاقتك القلبية وتنافس مع المتنافسون ، وأدرك نعيم رمضان قبل أن ينصرم، لا تكن من الخائبين يدخل الشهر ويخرج وقلبك هو هو لم يتغير، ومعدل طاقتك الروحية في انخفاض ونقصان، أدرك رمضان بقلبك وروحك لتنعم بالنعيم، وتذكر مفتاح النعيم (التقوى) لتنعم به طيلة حياتك.

 

 

قد يهمك أيضا قراءة مقال تعلم فن الشكوى

 https://islamic.amwaly.com/blog/22062/%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%85-%D9%81%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%83%D9%88%D9%89

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

2

متابعين

2

متابعهم

3

مقالات مشابة