مقالة عن شر الحقد والغل والحسد
تعتبر الأمراض الاجتماعية النفسية، كالكراهية والحقد والحسد، والكبر والأثرة، الجحود والغضب والتنافس ونكران المعروف، لونًا من ألوان الضغينة الهوجاء، والتي تصيب القلوب الضعيفة الحاقدة الحاسدة بداء العداوة والكراهية والتناحر والتدابر، وكل هذه الأمراض النفسية ذات خطر واسع وضرر عظيم، وشر مستطير على النفس والمجتمع، وما خبر قابيل مع أخيه هابيل عنكم ببعيد.
فالإنسان الحاقد الحاسد المبغض لغيره تغلي في نفسه قدور الشر، فتحمله نفسه على الرغبة في الانتقام والتشفي وإرواء غليل النفس دون التقيد بشرع أو عرف أو حتى قانون. وقد صدق الإمام ابن القيم حينما قال في كتابه العظيم بدائع الفوائد: أوثق غضبك بسلاسل الحلم فإنه كلب عقور إن أفلت أتلف.
ولذلك يجب على الانسان العاقل الحكيم المنصف لنفسه أن يبتعد عن كل ما فيه شر للناس وأن لا يورد نفسه الموارد التي تبعث فيها الحقد والحسد والغل، فلا ينظر إلى من هو فوقه، وإنما ينظر أمامه أو ينظر إلى من هو دونه، حتى يرضى بما هو فيه، فيكون معتدلًا في علاقته بغيره من الناس، فيحبب حبيبه هونًا ما، عسى أن يكون بغيضه يومًا ما، ويبغض بغيضه هونًا ما عسى أن يكون حبيبه يوما ما. فيكره نعمة الله على عباده ويتمنى زوالها عنهم، ويضمر السوء لأصحابها، وتظل نفسه على تلك الحال فيصبح في نفق مظلم وطريق من العذاب في الشديد والألم النفسي كلما أحرز غيره من الناس نجاحًا معينًا وامتلك ما ليس لديه من الماديات والمعنويات، فيشعر بمدى نقصه وحقارته أمام عينه فيسعى للقضاء على ذلك النجاح الذي أصاب غيره لإطفاء نار الفتنة والحقد والحسد المشتعلة في نفسه، وما علم المسكين أن صحة الجسد وراحة البال تنبع من عدم الحسد.
ولما كانت الأمراض الاجتماعية سابقة الذكر، من قبيل النقائص الأخلاقية وأمراض القلوب الخبيثة المستعصية، كان لابد من مواجهتها بكل حسم وعزم، ولا يتحقق العزم ولا تقدر النفس على العزم إلا بتقوى الله، وتنفيذ أ وامره، واجتناب، وبذلك يأنس الإنسان بالقرب من ربه، ويصح البدن بعد مرضه، وينشط القلب بعد مرضه وعجزه. وقد صدق من قال " ألا وإن من البلاء الفاقة، وأشد من الفاقة، مرض البدن، وأشد من مرض البدن، مرض القلب. ألا وإن من النِعم سعة المال، فأفضل من سعة المال، صحة البدن، وأفضل من صحة البدن تقوى القلب".