قصة الملك طالوت في القرآن
قصص القرأن الكريم ،وتفسيرها وفهما حتي نستفيد من حكمة رسائيلها لنا في حياتنا والتصرف بحكمة في أمورنا المختلفة،
-في بداية القصة عندما نسي اليهود تعاليم دينهم ونبيهم وما حل عليهم من غضب ربهم عليهم.
تباعد اليهود عن تعاليم التوراة التي نزلت على موسى عليه السلام ، حين هجروا كثيرا من تعاليمه وأوامره ، عندئذ وقع لهم ما يقع لكل أمة تهجر كتابها أو تضيع أوامر نبيها المرسل ، تدهورت أحوال بني إسرائيل عندئذ ، وهزموا من أعدائهم العماليق وأستولى الأعداء على تابوت العهد وألواح التوراة ، وفيه بقية مما ترك آل موسى وهارون ، وتشردوا في الأرض ، وطردوا من ديارهم وساءت أحوالهم ، وشاع الذل بينهم وحكمهم الضعف ، ثم شاء الله تبارك وتعالى أن يرحمهم فأرسل اليهم نبيا ليتبعوا هداه ، وبدأ هذا النبي يدعو قومه الى الله .
-وذات يوم ذهب كبار القوم من بني إسرائيل إلى هذا النبي وقالوا له ، أليس الله هو الذي بعثك الينا ، قال نعم ، قالوا له : ألسنا مشردين ؟
قال : نعم .
قالوا : ألسنا مظلومين أيها النبي مغلوب على أمرنا ؟
قال: نعم
قالوا : لماذا لا تسأل أن يبعث لنا ملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد حقنا ونصلح ما فسد من أحوالنا
، فقال نبيهم : أخاف إن دعوت الله أن يبعث لكم ملكا يدعوكم إلى القتال ألا تقاتلوا ،
قال كبار القوم : ولماذا لا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا ؟
-قال نبيهم : لن تتراجعوا لو حدث ما تطلبونه
- فأنتم من طلبتم يا بني إسرائيل تذكروا هذا ،
فقالوا : أبدا لن نتراجع ، قال نبيهم : سوف أسأل الله تعالى أن يختار لكم ملكا تقاتلون تحت رايته ،
انصرف القوم ودعا النبي رب العالمين أن يختار لهم ملكا ،
في نفس الوقت ، خرج طالوت
وكان شابا فقيرا ولكنه قوي الجسد يرعى غنمه وكان واحد من بني إسرائيل ،
وكان قلبه ينطوى على الخير ، وكان معه أحد فتيانه ، فانشغل في حديث هامس مع الفتى ، فشردت غنمه في السهول ، ثم انتهى حديثة مع الغلام ، فنظر حوله فلم ير الغنم ولا رأى الحمير ، قال لغلامه : لقد استغرقنا الحديث فسارت الأغنام في الصحراء ،
تعال نبحث عنهم
-انطلق طالوت في الصحراء بحثا عن قطيعة ، فسار مسافة طويلة ، حتى اذا اجهده التعب وانحدرت الشمس نحو المغيب ولم يجد غنمه ويئس من العثور عليها ، قرر أن يذهب إلى النبي ليسأله أين ضاعت ، عاد طالوت من الصحراء وشق طريقة إلى بيت نبيهم ودخل عليه ،
قال طالوت : أيها النبي الكريم خرجت أرعى الأغنام والحمير ، فشدت منى في الصحراء ، ولم أعرف أين ذهبت ، وقد جئت أسألك عنها ،
سأل النبي : هل تحس بالقلق على أغنامك وحميرك ؟
قال طالوت : نعم
-قال النبي : لا تشغل بالك لقد عادت إلى بيت أبيك ، دعك من موضوع الأغنام وأستمع لي ،
- لقد سألني الملأ من بني أسرائيل أن أدعوا الله أن يختار لهم ملكا ، يقاتلون تحت رايته في سبيل الله ،
وقد دعوت الله فاختارك ملكا على بني اسرائيل ، وعليك أن عد نفسك للقتال ،
- سأل طالوت : الله هو الذي اختارني ؟
قال : نعم ، وهنا قال طالوت وهو يحس بالسعادة والرهبة ، أنا رهن إشارتك ،
قال النبي: غدا نقابل رؤساء بني إسرائيل ، جاء الغد ، فاجتمع الرؤساء من بني اسرائيل واجتمع معهم طالوت ،
وقال لهم نبيهم : إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ، وهنا برزت عوامل العناد في نفوس بني اسرائيل
فقالوا : كيف يكون له الملك ونحن احق منه بالملك ،
- سألهم نبيهم لماذا تتصورون أنكم أحق منه بالملك
،قال رؤساء بني اسرائيل : نحن اغنى كثيرا منه ، انظر اليه انه يرتدي ملابس الرعاة الفقيرة ،
قال النبي : ليست العبرة في حكم الشعوب بالغنى أو الفقر ، العبرة بالقدرة على قيادة الشعوب ،
إن طالوت هو اختيار الله تعالى لكم ، وقد اختاره الله تعالى لعلمه وقدرته ،
عاد رؤساء بني اسرائيل يقولون : نحن نصدقك ايها النبي ، ولكن كيف ننسى اننا نحن شرفاء هذه الأمه وسادتها ، فكيف تجاهلنا الله واختاره هو ،
قال النبي ، ليس لمثلي أن يسأل الله لماذا ، إن الانبياء لا يسألون وغنما يستمعون ويطيعون ، وهذا هو اختيار الله .
-قال سادة بني اسرائيل ، انت تسد علينا باب الحوار ايها النبي ، نحن نريد أن نعرف لماذا اختار الله طالوت ملكا علينا لماذا هو دون بني إسرائيل يا نبي الله ، ان طالوت فقير ومن الرعاة ، وليس من عائلة كبيرة ولا تاريخ له في الحروب ، ولا في الحكم ولا في السياسة ، أليس من حقنا أن نعرف ونسأل الله لماذا فضله علينا ،
قال النبي ، علمه هو الذي فضله عليكم ، لقد اناه الله بسطة في العلم والجسم ،
قال سادة بني اسرائيل ، إن فينا من هو أقوى منه جسدا وأكثر منه علما ،
قال النبي : أيها السادة لقد افهمتكم أكثر من مرة أن العبرة في الحكم بقدرة الحاكم على قيادة الشعب ، ولقد حدثتكم أن اختياره للملك جاء من الله ، وليس لي أن أسأل الله لماذا اختاره للملك ، لعله اختاره ليبتليه من يدري ، إن أحد لا يعرف أسرار الله وحكمته في خلقة ،
قال سادة بني اسرائيل : كيف نتأكد أن الله هو الذي اختاره لنا ،
نريد معجزة تثبت صدقه .
- -وهذا إن دل علي شئ فأنه يدل علي عند الإنسان وتكبره وعدم رضاه بقسمه ربه
-قال النبي: اذهبوا إلى المعبد غدا فسوف تقع المعجزة ، ويأتيكم تابوت العهد ، أحتشد خلق هائل من بني اسرائيل في اليوم التالي انتظارا لوقوع المعجزة ، كان تابوت العهد يضم بعض ألواح التورلة التى أنزلت على موسى وهارون ، وكان هذا التابوت قد اخذه منهم عدوهم واستولوا عليه ، ووقف الناس ينتظرون
وقوع المعجزة ، وفي الوقت الذي حدده نبيهم فوجئوا أن تابوت العهد يعود مكانه في المعبد ، حملته الملائكة ووضعته مكانه وسط دهشة الناس وانبهارهم ،
لم يروا الملائكة بل رأوا تابوت العهد يسبح ببطء وجلال إلى مكانه في المعبد .
-وأحس الناس بالسكينة واطمأنوا لاختيار طالوت ملكا عليهم ، وعلى قومهم
- واصبح طالوت ملكا على بني اسرائيل ،
قدم له الناس فروض الطاعة في حفل كبير وانتظروا اوامره ،
كان اول أمر أصدره طالوت أن يبدأ في تكون جيش قوي ويتدرب على القتال ،
- أرسل طالوت في كل قرى بنى اسرائيل يدعوا الشباب القادر على حمل السلاح الى الحرب ،
انضم الى الجيش عدد كبير من الشباب والرجال ، وبدأت مصانع الدروع والأسلحة تعمل ، وبدأ التدريب على استخدام الأسلحة
كان طالوت يعرف أن الحرب تعني توظيف كل قوة الشعب وقيادته لهدف واحد ،
هو النصر العسكري ، وكان يعرف أن الحروب تقتضي نفقات كثيرة
واستعدادات ضخمة ، إن الحرب هي السلاح والإنسان الذي يستخدمه لابد من توفير السلاح
وبدأ طالوت في توجيه كل قوة قومه لصناعة الأسلحة ،
وكان يراقب بنفسه الأسلحة من القوة والصلابة وكان يمتحنها بنفسه ويشرف على التدريب شخصيا ،
واستمر صنع الأسلحة والتدريب فترة طويلة ، حتى اطمأن طالوت لسلاح قومه ،
وكان عدوهم هو جالوت ، وكان جالوت قائدا عظيما لم يهزمه احد ، وكان يتبعه جيش هائل لا نهاية لجنوده ولا مثيل لاسلحته في القوة ،
وكان جالوت يشبه إعصار مدمر لا يقاومه أحد ،
كان طالوت حكيما فأدرك أن جوهر النصر لا يدرك في قوة السلاح ، بقدر ما يخضع لقوة الأرادة ،
أدرك أن الغلبة ليست بأعداد الجنود انما بصلابة العزيمة ، وهكذا امن طالوت لقوة الجيش ،
ولكنه لم يكن قد اطمآن لقوة الروح المعنوية عند الجنود ، والقادة ،
ولهذا قرر ان يمتحن هذا الجيش قبل ان يخوض المعركة الحاسمة مع عدوهم جالوت ،
وأمر طالوت جيشة أن يسير وسط صحراء محرقة ، ظل جيشة يسير أياما وليالي وسط هذه الصحراء حتى بلغ العطش بالرجال كل مبلغ
-الدرس الاول الذي علمه طالوت لجنوده
-وانتهى كل الماء الذي يحمله الجنود والضباط ،
كانت نهاية الرحلة في الصحراء قد اقتربت ،
وكان طالوت يعرف ان هناك نهرا قريبا ماؤه شديد العذوبة ، وقرر طالوت ان يكون هذا النهر هو اول امتحان عملى لجيشة ،
جمع طالوت قاده الجند والأولوية وقال لهم
، نقترب الآن من نهر سوف يعبره الجيش ، لا تشربوا من هذا النهر
بللوا شفاهكم وأيديكم بالماء فقط ،
قال قاده الجند ، لكن الجيش يحس بالعطش ، قال طالوت ، من يشرب من هذا النهر فليس منى ،
إلا من اغترف غرفة بيده ،
ومن يشرب من النهر فلينسحب من الجيش ،
اعلموا أن الله يراكم ، انقلوا أوامري للجنود وتهيأوا لعبور النهر ،
نقل القادة والضباط اوامر طالوت للجنود ، وبدأ الجيش يعبر النهر ،
كان الامتحان قاسيا ، فالدنيا شديدة الحرارة والماء عذب وبارد وقوي ، وشرب معظم الجنود من النهر ولم يستطيعوا مقاومة الاغراء ،
انتهى عبور الجيش للنهر
اخرج طالوت كل من عصى اوامره وشرب من النهر ، كان الجيش كبيرا قبل ان يعبر النهر ، ولكنه بعد عبور النهر
وخروج من خرج منه تغير منه تغير تماما ، انكمش الجيش الى اقل من النصف .
قال قادة الجيش لطالوت : لقد انكمش عددنا كثيرا ، فكيف نقاتل جيش جالوت الهائل بهذا العدد القليل ،
- قال طالوت ، ليست العبرة في القتال بعدد المقاتلين ، المهم ارادتهم ،
قال القادة ، لقد خرج معظم الجيش ولم يبق سوى القليل ،
قال طالوت بل بقى الكثير لقد خرج غير المخلصين ، وبقى المخلصون الصابرون ، والصبر طريق النصر وادواته ،
وانخرط الجيش في حوار حول ما فعله طالوت
، قال احد الجنود ، لو ان طالوت تركنا نشرب من النهر لزاد عددنا ونحن نحارب جالوت
، قال ضابط الجيش : ان العدد لا يكسب الحرب ابدا ، تساءل الجندى، إن الذي يكسب الحروب اذا ،
قال الضابط ، شيء ليس هو السلاح وأن كان السلاح مهما ، وشيء ليس ظاهرا وانما هو خفي ، شيء يسمونه الروح او إصرار الروح على الكسب
إن الجندى الذي لا يستطيع الصبر على العطش لا يستطيع الصبر على حرارة المعركة وعطشها ،
والجندى الذي لا يتبع أوامر قائده يمكن أن يؤدي لإرباك الجيش كله في المعركة فالتعاون شيء هام جدا وسماع كلمة القائد في المعركة ليؤدى للنجاح ،
لقد خرج من الجيش ضعاف الروح ، وبقى الأقوياء وغدا ترى ما نفعله مع جالوت ، وشاع الإيمان العميق في الجيش وقال المؤمنون ” كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين
وفي النهاية تعلمنا من قصة طالوت وجالوت الصبر لأمر الله وحكمة وقضائه ، والرضى على ما يصيبنا ، والتعاون مع القائد حتى ينتصر الجيش كله ، فلو صبر جنود طالوت وتعاونوا معه على الطاعة ولم يشربوا من النهر ما خرجوا من الجيش ومن رحمة الله ، كما ان مكافأة الله عز وجل للصابرين الطائعين لأوامره فلقد كافأ الله جنود طالوت وجيوشه القليله بالنصر في المعركة على أعداء الله عز وجل ،جالوت وجنوده .