سبب نزول سورة طه
سبب نزول سورة طه
أجمع أهل التفسير على أن سورة طه من السور المكيّة ، وتعددت الروايات في سبب نُزولها على عدة أقوال ، وهي ما يأتي:-
- إنّ النبيّ- عليه الصلاةُ والسلام- كان يُريح بين قدميه ، فيقوم على رجلٍ واحدة ، فنزلت بدايتها ، وهو قول علي- رضي الله عنه-.
- إنّ النبيّ- عليه الصلاةُ والسلام- لما نزل عليه القُرآن ، صلّى بالصحابة وأطال بهم ، فقال المُشركون" ما أنزل هذا القرآن على محمد إِلا ليشقى به" ، فنزلت بدايتها ، وهو قول الضحاك.
- إنّ أبا جهل ، والنضر بن الحارث ، والمطعم بن عدي ، قالوا للنبيّ- عليه الصلاةُ والسلام-" إنّك لتشقى بتركك لديننا ، ودين آبائك ، فائتِ إلينا ببراءة أنه ليس مع إلهك إله ، فقال لهم أنه أُرسل رحمةٌ للعالمين ، فقالوا له بل أنت شقي" ، فنزلت بدايتها ، وهو قول مُقاتل ، فكانت الآيات رداً عليهم ، وتعريفاً للنبيّ- عليه الصلاةُ والسلام- بأن دينه الإسلام هو الطريق الوحيد للفوز والسعادة.
- إنّ النبيّ- عليه الصلاةُ والسلام- صلّى بالليل حتى تورمت قدماه ، وقيل إنّه كان يربط على صدره حبلاً حتى لا ينام في قيام الليل ، فنزلت الآيات تحثهُ بأن لا يشقّ على نفسه ، ونصحه جبريل- عليه السلام- بقوله" أَبْقِ عَلَى نَفْسِكَ فَإِنَّ لَهَا عَلَيْكَ حَقًّا".
مناسبة السور لسورة طه
مناسبتها لما قبلها
ظهرت مُناسبةُ سورة طه لما قبلها وهي سورة مريم ؛ أنّ سورة مريم تناولت العديد من قصص الأنبياء ؛ كزكريا ، ويحيى ، وموسى- عليهم السلام- ، فتناولت التفصيل في قصة موسى- عليهم السلام- في سورة طه بعد أن ذُكر على سبيل الإجمال في سورة مريم ، ووضحت قصة آدم- عليه السلام- الذي لم يذكر في سورة مريم إلا مجرد اسمه فقط.
وانتهت سورة مريم بذكر تيسير القُرآن باللسان العربي ، وهو لسان النبيّ- عليه الصلاةُ والسلام- البشير النذير ، وبدأت سورة طه بتأكيد هذا المعنى ، فقد جاء عن ابن عباس إنّ سورة طه نزلت بعد سورة مريم ، حيثُ يُناسب خاتمة مريم لِقولهِ- تعالى-( فَإِنَّما يَسَّرناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ المُتَّقينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَومًا لُدًّا * وَكَم أَهلَكنا قَبلَهُم مِن قَرنٍ هَل تُحِسُّ مِنهُم مِن أَحَدٍ أَو تَسمَعُ لَهُم رِكزًا) ، لِما بدأت به سورة طه ، في قولهِ- تعالى-( ما أَنزَلنا عَلَيكَ القُرآنَ لِتَشقى * إِلّا تَذكِرَةً لِمَن يَخشى).
مناسبتها لما بعدها
تظهر مُناسبة سورة طه لما بعدها وهي سورة الأنبياء ، أنّ سورة طه خُتمت بالإشارة إلى قُرب الأجل المُسمى للعذاب ، ودنو الأمل ، وبدأت سورة الأنبياء بالإشارة إلى نفس المعنى بقولهِ- تعالى-( اقتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُم وَهُم في غَفلَةٍ مُعرِضونَ) ، كما أنّ سورة طه تحدثت في نهايتها عن تحذير الناس من الاغترار بالدُنيا ، وأن يكون سعيهم للآخرة ، فإنّ قرب الساعة يقتضي الإعراض عن زهرة الحياة الدنيا لدنوها من الزوال والفناء.
من أهداف سورة طه
تناولت سورة طه العديد من المقاصد ، ومنها ما يأتي:-
- التيسير على النبيّ- عليه الصلاةُ والسلام- ، وبيان فضل الله- تعالى- على رُسله ، مع بيانها لوظائف الرسول وهي ؛ الدعوة وتذكير الناس ، وتبشيرهم بالخير ، وإنذارهم بالعذاب.
- عرضها لقصة موسى- عليه السلام- من الوحي إليه بالرسالة إلى موقف اتخاذ قومه العجل ، ثُمّ عرضها بشكلٍ سريع وقصير لقصة آدم- عليه السلام- بعد خطيئته ؛ لتكون موعظةٌ لأبنائه من بعده.
- تضمينها لبعض مشاهد يوم القيامة.
- التحدي بالقُرآن حيث ابتدأت بالحُروف المُقطعة ، وأنه تنزيل من الله- تعالى- لهداية الناس ، تعرضها لقصة السامريّ وصناعته للعجل في غياب موسى- عليه السلام- ، مع تذكير الناس بالشيطان وعداوته لهم ، كما أن فيها تثبيتٌ للنبيّ- عليه الصلاةُ والسلام-.
- إشارتها إلى الفائدة من القصة في القُرآن الكريم ، وبيانها لحالة الخوف عند الناس في يوم الحشر ، ونسف الجبال ، ووصف لحال المُجرمين يوم القيامة.
- تأكيدُها في بيان الجزاء في الدنيا والآخرة لمن أعرض عن القرآن ، بالمعيشة الضنكى في الدنيا ، والعمى في الآخرة عن الحجة المنقذة من العذاب.