فضائل المسجد الأقصى في القرآن والسنة
مقدمة
من المعلوم أن المسجد الأقصى أحد أكبر مساجد العالم، تبلغ مساحته قرابة 144000 متر مربع، وله عدة مسمّيات من أشهرها؛ بيت المقدِس؛ أي البيت الذي يتم التطهر فيه من الذنوب والمعاصي، ومن أسماء القدس بيت إيلياء؛ أي بيت الله، ويسمى أولى القبلتين، ويسمى القدس الشريف.
وفى الحقيقة قد وردت الكثير من الآيات والأحاديث التي تشير إلى فضائل المسجد الأقصى في القرآن والسنة، وهو ما سنتطرق إليه في هذا المقال، و إن فهم هذه الفضائل والقيم الروحية المرتبطة بهذا المكان المقدس يعزز العلاقة الروحية للفرد بالله تعالى، ويثير الإحساس بالانتماء الإسلامي والعربي.
فضائل المسجد الأقصى في القرآن
مما ذكر من فضائل المسجد الأقصى فى القرآن أنه مسرى النبي صلى الله عليه وسلم، وأن رحلة الإسراء كانت من بيت الله الحرام إلى المسجد الأقصى، وكانت رحلة المعراج من بيت المقدس إلى السماء العليا فى الليلة التى فُرِضت فيها الصلاة على المسلمين، والقدس الشريف مسجد مُبارك ما فيه وما حوله مصداقا لقوله تعالى{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }[ سورة الإسراء : 1 ].
فضائل المسجد الأقصى في السنة
● ثانى مسجد وُضِع فى الأرض
من فضائل المسجد الأقصى فى السنة النبوية أنه ثانى مسجد وُضِع لله فى الأرض بعد المسجد الحرام بأربعين سنة، كما جاء فى الصحيحين البخارى ومسلم ( عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : " قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ : أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ ؟ ،قَالَ:الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ:الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا ؟، قَالَ:أَرْبَعُونَ سَنَةً )، و هنا قد يسأل سائل ويقول من الذي بنى المسجد الأقصى؟
فى الحقيقة لا يعرف بشكل دقيق من الذي بنى المسجد الأقصى أول مرة، حيث اختلف المؤرخون فيما بينهم على من وضع اللبنة الأولى لبناء المسجد، فمنهم من قال إن النبي آدم أبو البشرهو من بناه، وآخرون ذهبوا إلى أن النبي إبراهيم هو من عمد إلى بناء المسجد الأقصى.
● المسجد الأقصى هو قبلة المسلمين الأولى فى الصلاة
كانت قبلة المسلمين الأولى فى الصلاة تجاه المسجد الأقصى لمدة ستة أو سبعة عشر شهرًا، قبل أن يتم نسخها وتحويلها إلى الكعبة بيت الله الحرام تنفيذا للأمر الإلهى فى قوله تعالى{ قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ }.[ سورة البقرة : 144 ].
● شد الرحال إلى المسجد الأقصى
المسجد الأقصى من الثلاث المساجد التى تُشد إليها الرحال ( يعنى لا يجوز لك السفر خاصة للصلاة فى أى مسجد إلا هؤلاء المساجد )، الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى،ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم"،
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح في شرح هذا الحديث: ( في هذا الحديث فضيلة هذه المساجد ومزيتها على غيرها لأن الأول قبلة الناس وإليه حجهم، والثاني كان قبلة الأمم السالفة، والثالث أُُسس على التقوى).
● فضل الصلاة في المسجد الأقصى ودعوة سيدنا سليمان عليه السلام
لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثا : حكما يصادف حكمه، ومُلكا لا ينبغي لأحد من بعده، وألا يأتي هذا المسجد الأقصى أحد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه "،قال النبي صلى الله عليه وسلم :"أما اثنتان( الدعوة الأولى والثانية لسليمان عليه السلام )، فقد أُعطيهما وأرجو أن يكون قد أُعطي الثالثة " رواه ابن ماجه و صححه الألباني،ومعنى كلام النبى (وأرجو أن يكون قد أُعطي الثالثة)كأنه يُؤَمِّن على الدعوة الثالثة لسيدنا سليمان عليه السلام.
● دعوة موسى عليه السلام والمسجد الأقصى
كان من تعظيم موسى عليه السلام للأرض المُقدسة وبيت المقدس أن سأل الله تبارك وتعالى عند الموت أن يُدنيه منها، فقد روى البخاري في صحيحه مرفوعًا: «فسأل موسى الله أن يُدنيه من الأرض المُقدسة رمية بحجر، فلو كنت ثَمَّ لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر». قال النووي: "وأما سؤاله -أي موسى عليه السلام- الإدناء من الأرض المُقدسة فلِشرفها، وفضيلة من فيها من المدفونين من الأنبياء وغيرهم".
● كم تعادل الصلاة في المسجد الأقصى؟
وردت عدة أقوالٍ عن فضل الصلاة في المسجد الأقصى، منها ما ضعّفه العلماء كالقول بأنّ صلاةً في المسجد الأقصى خيرٌ ممّا سواها بألف مرةٍ أو خمسمئة مرّةٍ، ومنها مما صح سنده عن أبي ذر رضي الله عنه قال: تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيهما أفضل: مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مسجد بيت المقدس؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:(صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى هو)..أخرجه الحاكم عن قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الصامت عنه،وقال:صحيح الإسناد،ووافقه الذهبي.
ومن المعلوم أن الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تُضاعف على غيرها بأكثر مِن ألف صلاة إلّا المسجد الحرام،ممّا يدل على أنّ الصلاة في المسجد الأقصى تعدل مئتين وخمسين صلاةً فيما سواه من المساجد بتطبيق كلام النبي صلى الله عليه وسلم فى الحديث السابق ( صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ).
خاتمة
وإلى هنا نكون قد انتهينا من مقال اليوم لشرح فضائل المسجد الأقصى في القرآن والسنة، فلنسأل الله عز وجل أن يحرر المسجد الأقصى من قبضة اليهود، وندعو الله أن يوفقنا جميعًا لزيارته والصلاة فيه قريبًا إن شاء الله، وقد يهمك أيضا قراءة " فضل فلسطين وبلاد الشام في القرآن "، وفي المقال القادم بمشيئة الله سنتكلم عن فضائل شهر رجب - أفضل أعمال شهر رجب دليل شامل، وإذا كان لديك أي استفسار عن أى موضوع دينى، قم بكتابته لنا فى التعليقات على الموقع، وسنقوم بعمل مقال نتحدث فيه عن هذا الموضوع إن شاء الله تعالى.