بر الوالدين و فضل بر الوالدين
هل يستطيع أحد أن ينكر فضل الوالدين ؟ هل يستطيع أحد أن يخفي ما فعله والداه له ؟ هل في هذا
العالم من يستطيع أن ينسى هذين القمرين ؟ هذين النجمين ؟ هذين الشمسين ؟ أقول إجابة عن كل هذه
األسئلة : ال وألف ال ، ال يمكن لعاقل أن ينسى فضلهما أو يجحد معروفهما أو يخفي أفعالهما .
و نبدأ من البداية بداية التكوين ، إ ّن جدنا
الوالدين هما سبب وجودنا بعد هللا سبحانه وتعالى ، فلوالهما ما
ّم عانت
ّم تح ّملت آالم الوالدة ث
في هذه الحياة ، األّم حملتنا في بطنها تسعة أشهر تح ّملت آالم الحمل ث
سنتين في الرضاعة صابرة محبّة لهذا األلم الذي سيأتي لها بفلذة الكبد ، وصدق هللا تعالى حين قال : :
ّي
ووصينا اإلنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إل
المصير " ، األّم التي سهرت ونحن نيام ، تألمت أللمنا وفرحت لفرحنا ، كانت المدرسة التربوية لنا ،
وصدق الشاعر حين قال :
إذا أعددتها أعددت شعبا طيّ
ٌ
األّم مدرسة ب األعراق .
نا تعلمنا في هذه المدرسة ، وكلنا نهلنا من علم هذه المدرسة ، وكلنا تربّينا في
ّ
صدقت أيّها الشاعر فكل
هذه المدرسة .
ّال هي ، الحب الذي ال ينتظر المقابل ، الحب
األّم التي ال يوجد في العالم من يحمل الح ّب الخالص إ
الذي ليس وراءه مصلحة وال غرض .
ّم
هل األم فقط هي من تعبت وعانت ؟ هل األم وحدها من اهتمت وربّت ؟ ال وهللا فإذا كانت هناك أ
تعبت وعانت وربّت واهتمت فهناك رجل عظيم شاركها في التربية واالهتمام ، أجهد نفسه من أجل
توفير حياة كريمة ألبنائه ، حاول بقدر استطاعته أن يغرس فيهم القيم وينقل لهم تجارب حياته ، ض ّحى
براحته وأنهك جسده كي ال نحتاج إلى مخلوق .
نعم األم واألب معا هما أصحاب الفضل العظيم ، هما األعمدة التي بنينا عليها أحالمنا ، وهما معا
الجدار الذي استندنا عليه في أوقات أزماتنا ، وكانا البلسم في أوقات أوجاعنا ، وكانا المتّكأ حين كدنا
نسقط في طرق الحياة وتعاريجها .
م
ّ
ّال اإلحسان ؟ هل نقابل هذه التضحيات العظيمة بالجحود والنكران ؟ هل من تأل
هل جزاء اإلحسان إ
وتعب وسهر وساعد وأعطى يكون جزاء ذلك كله العقوق ؟
ال وهللا ، فما نحن بجاحدين وما نحن بمنكرين فهما تاج الرأس ونور العيون .
لقد و ّصانا هللا سبحانه وتعالى بب ّر الوالدين واإلحسان إليهما في كتابه العظيم .
ووصينا اإلنسان بوالديه إحسانا حملته أ ّمه كرها ووضعته كرها " ،
فقد قال هللا تعالى : "
م حين جاءه رجل سائال :
ّ
ّى هللا عليه وسل
وفي حديث الرسول صل
ّم من ؟ قال : أ ّمك ، قال ّم من ؟ قال : أ
من أح ّق الناس بحسن صحابتي ؟ قال أ ّمك ، قال : ث ّمك ، قال : ث
ّم من ؟ قال : أبوك
ّر الوالدين يكون باإلحسان إليهما ومعاملتهما المعاملة الالئقة المناسبة لفضلهما ، ب ّر الوالدين يكون
بطاعتهما ولزوم أوامرهما واالستماع لنصيحتهما ، ب ّر الوالدين يكون باحترامهما وإكبارهما .
هللا تعالى في كتابه الكريم آمرا الناس ومحذّ قال را في نفس الوقت :
ّال إيّاه وبالوالدين إحسانا . إ ّما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كالهما فال تقل
ّال تعبدوا إ
وقضى ربّك أ
"
لهما أ ٍف وال تنهرهما . وقل لهما قوال كريما . واخفض لهما جناح الذّل من الرحمة وقل ر ّب ارحمهما
كما ربياني صغيرا " .
وهل هذه هي صور الب ّر الوحيدة ؟ وهل الب ّر فقط في تعاملي معهما فقط ؟
ال وهللا ، فالب ّر له صور كثيرة : فمن الب ّر االهتمام بدراستي والتفّوق فيها من أجل إسعادهما ورفع
رأسهما عاليا ، ومن الب ّر أننا ال نتسبب في شتمهما بالخالفات بيني وبين اآلخرين فقد قال رسولنا :
" إ ّن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه ، قالوا يا رسول هللا : وكيف يلعن الرجل والديه ؟ قال :
يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويس ّب أمه " .
ومن ب ّر الوالدين بعد موتهما الدعاء لهما وصلة صديقهما .
ّى هللا عليه وسلم :
قال الرسول صل " رغم أنف من أدرك أبويه أو أحدهما عند الكبر ولم يدخاله الجنّة