سحر النبى صلى الله عليه وسلم - وتفاصيل مُثيرة
مقدمة
بعض الأحاديث كانت مُثار جدل بين الناس، واشتُبه فيها قديما وحديثا، منها ما يتعلق بحقيقة سحر النبى صلى الله عليه وسلم ، فمن الناس من قال أن سحر النبي خرافة ودجل وكذب، ومنهم من طرح الأسئلة بتعجب وقال: هل سُحِر النبي عليه الصلاة والسلام ؟، ومن الذي سحر النبي ؟، وما سبب سحر الرسول ؟، وهل الحديث الذي ورد بخصوص تعرض النبي صلى الله عليه وسلم للسحر صحيح ؟، اجابة كل هذه الأسئلة فى هذا المقال الذى سنوضح فيه تفاصيل سحر النبى محمد صلى الله عليه وسلم بمشيئة الله تعالى.
ما ورد فى السنة النبوية عن سحر النبى صلى الله عليه وسلم
قصة سحر النبى صلى الله عليه وسلم ورد ثبوتها في السنة النبوية، ففى الصحيحين أن النبي سُحِر واللفظ للبخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : " سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم- رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم ، حتى كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله ، حتى إذا كان ذات يوم - أو ذات ليلة - وهو عندي ، لكنه دعا ودعا ، ثم قال : يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ، أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجليَّ ، فقال أحدهما لصاحبه : ما وجع الرجل ؟ فقال : مطبوب ، قال : من طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم ، قال : في أي شيء ؟ قال : في مشط ومشاطة ، وجف طلع نخلة ذكر ، قال : وأين هو ؟ قال : في بئر ذروان ، فأتاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ناس من أصحابه ، فجاء فقال : ياعائشة كأن ماءها نقاعة الحناء ، أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين ، قلت : يا رسول الله ، أفلا استخرجته ؟ فقال : قد عافاني الله ، فكرهت أن أثوِّر على الناس فيه شراً ، فأمر بها فدفنت ".
وفي رواية للبخاري عن عائشة : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُحِر ، حتى كان يُرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ، وفي رواية قالت : مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتي.
شرح حديث سحر النبى صلى الله عليه وسلم
عزم شخص من اليهود يدعى لبيد بن الأعصم على سحر النبى صلى الله عليه وسلم، فعمل له سحرًا في مشط ( آلة تسريح الشعر)، ومشاطة ( ما يسقط من الشعر)، وجف طلعة ذكر النخل (هو الغشاء الذي يكون على الطلع ويطلق على الذكر والأنثى ولهذا قيده بالذَّكَر) ، فصار يخيل إليه أنه فعل بعض الشيء مع أهله ولم يفعله، لكن لم يزل بحمد الله تعالى عقله وشعوره وتمييزه معه فيما يحدِّث به الناس، ويكلم الناس بالحق الذي أوحاه الله إليه، لكنه أحس بشيء أثر عليه بعض الأثر مع نسائه، كما قالت عائشة رضي الله عنها: إنه كان يخيل إليه أنه فعل بعض الشيء في البيت مع أهله وهو لم يفعله، فجاءه الوحي من ربه بواسطة جبريل عليه السلام فأخبره بما وقع، فبعث من استخرج ذلك الشيء من بئر لأحد الأنصار فأتلفه وزال عنه بحمد الله تعالى ذلك الأثر.
وقول عائشة رضى الله عنها : " أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله " كان في أمور الدنيا لا في أمور الدين والرسالة، لأن النبى صلى الله عليه وسلم معصوم من الخطأ والتغير والتبدل فى أمور الدين، ولا يخالف في ذلك أحدٌ أن النبي يتمتع بحماية إلهية تحول دون تأثير السحر أو أي تأثير خارق يمكن أن يؤثر في رسالته، وقد حاول بعض المبتدعة رد حديث الصحيحين واحتجوا بقولهم ( كيف سُحر النبى صلى الله عليه وسلم ومعلوم أنه أعظم الأمة ملازمة لذكر الله تعالى، والله يقول له: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة:67]؟)
أقوال العلماء فى الرد على شبهة سحر النبى صلى الله عليه وسلم
حدوث سحر النبي صلى الله عليه وسلم كان لبيان أنه بشر يجري عليه ما يجري عليهم من البلاء ، وأن السحر حق يؤثر بإذن الله ، وأنه إذا وقع للنبي صلى الله عليه وسلم جاز وقوعه لغيره، وكما هو معلوم أن أشد الناس بلاءً الأنبياء، ولا نَقْصَ في ذلك ولا عيب بوجه ما، وأما عن قوله تعالى ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة:67] )، فالمعنى أن الله عصمه من الناس مما يمنع وصول الرسالة وتبليغها، أما ما يصيب الرسل من أنواع البلاء فإنه لم يعصم منه عليه الصلاة والسلام، فقد أصابه شيء مما أصاب من قبله من الرسل، ومما كتبه الله عليه، ورفع الله به درجاته، ولكن الله عصمه منهم فلم يستطيعوا قتله ولا منعه من تبليغ الرسالة، ولم يحولوا بينه وبين ما يجب عليه من البلاغ فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة صلوات ربى وسلامه عليه.
وبصفة عامة قد يُصاب المؤمن بالأمراض أو السحر مع محافظته على الأذكار لسببين:
أولاً : كأن يكون الله سبحانه يريد رفع درجاته في الجنة ، وهذا ما حدث فى قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تتخل السماء عنه، بل نزل الوحي ليحلها له وهو حيًا في المنام ليثبت عناية الله بنبيه، وقد شفاه الله من هذا السحر بفضله وبرحمته.
ثانياً : قد يحدث السحر بسبب عدم يقين الذاكر وحضور قلبه عند الذكر لأن الأذكار فى مجملها أدعية، ولا يستجيب الله الدعاء من قلب غافل لاه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه ). رواه الترمذي وأحمد، وحسنه الألباني، ولكن مما ينبغي التنبه له أن الإصابة بالسحر لمن تحرز بالأذكار فإنها إصابة أخف من الإصابة التي كانت ستُصيبه لو كان مهملاً فيها، والله أعلم.
خاتمة
وإلى هنا نكون قد انتهينا من مقال اليوم لشرح تفاصيل سحر النبى صلى الله عليه وسلم، والذى ساعدك على فهم هذه الشبهة وكيفية الرد عليها، وقد يهمك أيضا قراءة " جرائم اليهود - وقصة بني اسرائيل في القرآن"، وفي المقال القادم بمشيئة الله سنتكلم عن شبهة انكار أمية النبى والرد عليها، وإذا كان لديك أي استفسار عن أى موضوع دينى، قم بكتابته لنا فى التعليقات أسفل المقال على هذا الموقع، وسنقوم بعمل مقال نتحدث فيه عن هذا الموضوع إن شاء الله تعالى.