تأسيس الدولة بين التأييد السماوى  وقانون السببية

تأسيس الدولة بين التأييد السماوى وقانون السببية

0 المراجعات

تأسيس الدولة بين قانون السببية والتأييد السماوى
بقلم/ دكتور محمد كامل الباز 


  بناء أى دولة هو امتزاج متناسق  لكل المحاور سواء كانت (إجتماعية_ اقتصادية_عسكرية _سياسية _دينية أو أخلاقية) فلا تنفصل معظم تلك المقومات حيث أنها تاخذ كلها بناء واحد، 

لا يعقل أن نحاول تطوير منظومة التعليم فى بلد لا أخلاق فيها، كما أنة مستحيل تأسيس نظام اقتصادى بدون وعى وتعليم، 
لا تبنى قوة عسكرية بدون نواحى مادية ومن دروب المستحيل النهوض بالحياة الإجتماعية بمعزل عن الناحية الدينية؛فهى عناصر متشابكة ومتداخلة الفصل بينها نوع من انواع السباحة ضد التيار فى أعمق المحيطات .

بالطبع لن نجد  مثالا يحتذى به فى ذلك التأسيس إلا دولة المدينة التى أسسها المصطفى،  بمجرد هجرة تلنبى صلى الله عليه وسلم من مكة فقد استطاع  أن يكون دولة في بضع سنين ..
مدة لا تعادل شئ فى مقياس الأمم والشعوب بل استطاعت تلك الدولة أن تجد لنفسها مكاناً رفيعا بين الأمم شرقها وغربها وعمل الكل لها ألف حساب بداية من مكة مرورا بالطائف وكل الجزيرة العربية وانتهاء  بالغرب (الروم)والشرق (فارس).
لكن سيأتي واحد ليشكك ويقول أن هذا زمان والان زمان أخر ...مجتمع النبى كان هناك تأييد مسبق من الله تعالى، لأنة رسول أما الأن فالأمر مختلف وطريقة التطبيق مختلفة ...
سنرد من واقع هذا المجتمع بداية من السرية فى الدعوة بمكة ..ألم يكن الله قادراً أن يظهر دينة علنا فى البداية رغماً عن العالم كلة ليس صناديد قريش فقط؟ ومع الإعلان بها ألم يكن قادرا أيضاً على حمايتهم من بطش وتعذيب المشركين؟  أم أنة فى البداية منهج تعليمى بالاخذ بالحيطة والحذر،  

استخدم الرسول صلي الله عليه وسلم الاسباب المادية فى قيام دولته  بالتدريج فى الدعوة من سريتها لعلنها .. وأيضاً معرفة أنة فى التمسك بطريق الحق لابد من تضحيات يجب أن تقدم .

فى الهجرة تساءل البعض لماذا لم يهاجر النبى علنا كما فعل ابن الخطاب، هل كان عمر أشجع من النبى ؟، لماذا لم تتدخل السماء لحماية خاتم النبيين ووفرت له  طريقا أمنا فى الهجرة؟
الحقيقة أن هجرة المصطفى تؤكد كلامنا فهو رجل دولة وقدوة للأمة كل فعل يفعلة منهج للأمة فى الإتباع كان سهلا وهو فى معية الله أن يهاجر علنى وبالطريق المباشر للمدينة او لايهاجر أصلا وينصرة الله وهو فى مكة بين أهلة ولكن الله يبين لنا منهج السببية وأن قيام الأمم لن يتأتى بالتاييد المطلق من السماء بل بالعمل والتخطيط، بالجهد والتعب حتى إن كان القائد هو أفضل الخلق أجمعين، فاتبع الرسول صلى الله عليه وسلم السرية فى الهجرة وتغيير طريق الهجرة الى الساحل واتخاذ كافة التدابير من طعام وشراب بل وقبل أن يهاجر التقى بوفود المدينة ليستشعر البيئة التى سيهاجر إليها .
درس جيداً مجتمع المدينة وعرف مكوناته وتغلب على مشكلة الصدام بين الاوس والخزرج وأبرم المعاهدات مع اليهود .
خاض حروب ومعاهدات قاد تحالفات ومصالحات كانت فى الدولة أحزان وأفراح..انتصارات وانكسارات. كل أنواع المتغيرات السياسية والعسكرية التى تمر باى دولة لم تمتلك تلك الدولة مقومات خاصة من السماء تميزها عن باقى الأمم إنما عملت وأخذت بالاسباب وقبل كل هذا اطاعت الله ورسولة فالتحمت وتلاقت مقومات نجاح أى دولة نجاح اجتماعى واخلاقى ..ثقافى وسياسى ..عسكرى وتربوى وفوق كل هذا نجاح دينى . لم تتناقش الأمة كما نفعل الأن فى أوامر الله ..عندما نزلت أية  تحريم الخمر قال ابن عباس كانت شوارع المدينة ملئت بالخمر المسكوب لم يتفلسف أحد ويقول الخمر لايؤذى أو أن هذة حرية شخصية .والله لقد القوا الخمور وهى عند أفواههم بمجرد سماع الأمر   ..لهذا تم لهم التمكين والريادة وأصبحت دولتهم هى الأقوى فى المنطقة  لم يجاملهم الله ولكن اعطائهم قدر تعبهم ومجهود هم  إذا خالفوا الأمر وقصروا حدثت الهزيمة كما حدث فى أحد حتى لا يقال أنة كان مجتمع محابى من الله لانة تعالى لايعطى المتواكلين  ولكنهم أخذوا بكافة الأسباب الحقيقية واطاعوا الله ورسوله  فأصبح بديهيا أن يمكن لهم فى الأرض وتنصفهم السماء.
د/محمد كامل الباز

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

5

متابعين

0

متابعهم

2

مقالات مشابة