قصص الصحابة | عبد الله بن عتيك من بنى سلمة الجزء الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
وعلى آله وصحبه أجمعين…
بطل قصتنا هذه الصحابى عبد الله بن عتيك من بنى سلمة، أنصارى من قبيلة الخزرج، قائد أجرأ مغامرة عارفها تاريخ الفداء، وتبدأ أحداث هذه المغامرة وأسبابها أنه بسبب الأذى المستمر والمتواصل على رسول الله صلى الله عليه وسلم و أصحابه وعلى دين الإسلام من اليهود، وقد أجتمع أشد الأذى والشر والخبث من طاغيتين من اليهود وهم كعب بن الأشرف وسلام بن أبى الحُقيق.
فكان شغلهما الشاغل نصب العداوة والكيد والأذى لرسول الله وأصحابه ولدين الله، فما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقام عهداً مع أحد إلا قاما يُحرضان على نقضه، ولا وجدا للإسلام عدواً ساكناًإلا هبا يثيرانه لحرب الإسلام والمسلمين ورسول الله، وكانا يُخططان دائماً للغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحزبان الأحزاب ضد المسلمين، ويمدان المشركين بالمال الكثير للقضاء على الإسلام والمسلمين ورسول الله، فأيقن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه أن هذا الشر والأذى لن يتوقف إلا بإستئصال هذين الطاغوتين.
وكان مما أمد الله به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن أيده بقبيلتى الأوس والخزرج، فكانوا يتنافسون فى فعل الخير، فلا تصنع قبيلة الأوس شيئاً فيه رضى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلا قالت الخزرج: لا والله لا ندعه يتفوقون علينا بهذا الفضل، ويتقدمون علينا بهذا الخير.
فيتحينوا الفرص حتى يأتوا بمثله أو أكثر منه، ولا يصنع الخرزج شيئاً فيه بر بالإسلام وأهله إلا قالت الأوس مثل قولهم وفعلت مثل فعلهم، فكان فى تنافسهم هذا بركة على الإسلام وخير لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين.
وقد أكرم الله تعالى قبيلة الوس فجعل مصرع عدو الله كعب بن الأشرف على أيد طائفة فتيانهم، فقالت قبيلة الخزرج: لا والله لا ندعهم يرجحون بهذا الفضل ويزيدون علينا به، و إذا كانوا قد قضوا على كعب بن الأشرف أحد عدوى الإسلام اللدودين فإن عدم الإسلام الآخر سلام بن أبى الحقيق ما يزالُ حياً وسيكون القضاء عليه من نصيبنا إن شاء الله وأعان.
وأستأذنت قبيلة الخزرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تندب خمسة من فتيانها لقتل عدو الله سلام بن أبى الحقيق فأذن لها، ثم أمر الفتية الأخيار الأبرار واحداً منهم وهو بطل قصتنا هذه الصحابى الجليل عبد الله بن عتيك رضى الله عنه، و أوصاهم ألا يقتلوا أمرأةً ولا وليداًو ألا يلحقوا أذى بهما.
فودعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومضوا ليقوموا بأجرأ مغامرة عرفها تاريخ الفداء.
ويروى هذه القصة البطوليه المثيرة أمير الفرقة الصحابى الجليل عُبد الله بن عتيك بنفسه قال:
ما إن أذن لنا الرسول عليه الصلاة والسلام بالمُضى إلى ما ندبنا أنفُسنا له، حتى يمننا وجُوهنا شطر أواسط الحجاز حيثُ كان يقيم سلام بن أبى الحقيق وقومه فى حصن لهم، فلما صرنا قربياً من الحصن، ركنا فى مكاننا حتى دنت الشمس من مغربها وطفق أهل الحصن يعودون بمواشيهم من المراعى، فقلت لأصحابى: إجلسوا فى مكانكم فإنى منطلق نحو باب الحصن لعلى أستطيع الدخول فيه مع الداخلين.
ثم صاففتُ الناس ومشيتُ معهم كأنى واحد منهم فلم يفطن لى أحدن فلما دنوتُ من الباب تقنعتُ بثوبى لئلا ينتبه لى بواب الحصن، وجلست و كأنى أُقضى الحاجة، فلما دخل الناس ولم يبق أحد غيرى هتف بى البوابُ وقال … يُتبع