قصة سيدنا موسي عليه السلام
سيدنا موسي عليه السلام نبي من أولي العزم من الرسل
وأكثر نبي ذكر اسمه في كتاب الله عز وجل
لذلك سنذكر شيئا من قصته
مولده إلي بعته
ولد نبي الله موسي عليه السلام في عام كان فرعون يقتل فيه الأطفال من الذكور
لأن فرعون لما تنبأ أن هناك نبي سأتي وسينزعه من ملكه فأمر بقتل الأطفال من الذكور سنة ويتركهم سنة فقدر الله عز وجل أن يولد موسي عليه السلام في السنة التي يقتل فيها الأطفال
ولم يعلم بمولده أحد فخافت أمه عليه خوفا شديدا
فأهدي الله قلبها إلي أن تصنع صندوقا صغيرا من الخشب وتضعه فيه وتلقيه في النهر وهو نهر النيل ولا تخاف عليه لأن الذي سيحميه هو الله تبارك وتعالي
فألقته في النهر وسار به النهر إلي قصر فرعون فرآه الخدم فأخذه إلي إمرأة فرعون وهي آسيا بنت مزاحم
فلما رأت من جماله وحسنه وكانت لا تنجب فتعلقت به وكان فرعون يريد أن يقتله
فقالت له زوجته آسيا لا تقتله إنه طفل جميل وسيم وأنا لا أنجب فنتخذ هذا الطفل ولدا لنا نتوانس به وينفعنا عند الكبر
وبالفعل وافق فرعون علي ذلك
وكل هذا بتقدير الله جل جلاله أن يربي نبي الله موسي أعدي أعدائه وهو فرعون
فتربي موسي في بيت عدو الله فرعون وأتوا له بمرضعه لترضعه فما رضع موسي عليه السلام منها ثم أتوا بمرضعة أخري فلم يرضع منها أيضا وأتوا بمرضعات أخر فلم يرضع من لأحد لأن الله أرد أن يرجع له أمه كما وعدها بذلك لما ألقته في اليم
أسلت أم موسي ابنتها لتعلم ما الخبر وماذا فعلوا بابنها فلما ذهبت إليهم ولم يكن أحد يعلم أنها اخته فرأت موسي لا يريد أن يرضع من ثدي أحد من المرضعات
قالت لهم أعرف مرضعة هل آتيكم بها قالوا نعم
فرجعت إلي أمها وأخبرتها بما حدث وبما رأت فلما ذهبت أم موسي عليه السلام وحملته علي رجليها فالتقم ثدي أمه
وتحقق وعد الله لأم موسي عليه السلام
ويكبر موسي ويترعر في بيت عدو الله فرعون
وكان موسي عليه السلام قد أعطاه الله قوة مائة رجل ففي يوم من الأيام وموسي عليه السلام داخل إلي المدينة وجد رجلين يتشاجران ويتقاتلان وكان أحدهما قبطيا والآخر كان من بني إسرائيل
فلما رأوا موسي نادي الرجل الإسرائيلي علي موسي وطلب منه أن ينجده من هذا الرجل فتدخل موسي بينهما فوكز موسي عليه السلام هذا القبطي ليبعده فوقع ميتا علي الأرض وما كان موسي عليه السلام يريد أن يقتله ولكن جاء أجله في هذا الوقت
وتوجه موسي عليه السلام إلي ربه بالتوبة والاستغفار خشية أن يكون هو سبب في موت هذا الرجل فغفر الله له ذلك
وكان موسي عليه السلام معروفا بين الناس انه ينصر الضعفاء ويكون مع الحق
وفي اليوم التالي وجد موسي عليه السلام الرجل الذي هو من بني إسرائيل يتقاتل مع قبطي آخر فستنصره ذلك الإسرائيلي فقال القبطي لموسي أتريد أن تقتلني كما قتلت أخي بالأمس
وشاع في المدينة أن موسي عليه السلام قد قتل رجلا من الأقباط فقال الإسرائيلي لموسي عليه وسلم أخرج من هنا واهرب إلي مكان آخر حتي لا ينقلب عليك الناس ويقتلوك
ففر موسي عليه السلام هاربا إلي مدين فلما وصل إلي مدين وجد الناس يسقون أغنامهم من البئر ثم نظر فوجد امرأتين يقفان بعيدا عن البئر ومعهم أغنامهم ثم وجد الناس قد انتهوا من سقي أغنامهم ولم ينظروا إلي هاتين المرأتين وغطوا بئر الماء بالحجر وكان هذا الحجر كبيرا لا يستطيع حمله إلا مجموعة من الرجال الأقوياء ووقف المرأتان ولا يستطيعان فعل شيء فذهب موسي عليه السلام إليهما وسألهما ما الخبر لماذا تقفان هنا ؟
فقالوا إن هذه الأغنام ملك لنا وليس عندنا خادم ولا زوج وليس عندنا إلا والدنا وهو شيخ كبير ولا يقوي علي رعي الأغنام
فحمل موسي عليه السلام غطاء البئر وحده لأن الله قد أعطاه قوة مائة رجل
وسقي لهما ثم انصرف عنهما يستظل بظل شجرة ويستريح من سفره لأنه ليس له مأوي يرجع إليه
فلما رجعا المرأتين إلي أبيهما قصا عليه ما فعل هذا الرجل معهما فسألهما إلي أين ذهب هذا الرجل فقالوا ذهب وجلس تحت ظل شجرة فأرسل إحداهما تدعوه أن يأتي إلي أبيها ليكافأه علي ما فعل معهما فذهب موسي معها وكانت امرأة حيية عندها حياء فجعلها موسي عليه السلام أن تمشي خلفه حتي لا ينظر إليها
فلما جاء موسي إلي هذا الرجل الصالح وكان اسمه شعيب
جلس معه موسي وأخبره بما حدث معه في بني إسرائيل وأنه جاء هاربا وليس له مأوي
فقالت بنت لأبيها ما دام أنه ليس له مكان اجعله يعمل عندنا في رعي الغنم
فعلم شعيب أن موسي قوي وأمين فاقترح علي موسي أن يتزوج من إحدي ابنتيه بشرط أن يرعي له الغنم عشر سنين فوافق موسي علي ذلك والقرآن يحكي لنا هذا المشهد في صورة القصص
قال عز وجل (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ
فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ
وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ
وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ
وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ
فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ
قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ
فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ
فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ
وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ
فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ
وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ
فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ
فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ
قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ
قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ )