
"عمر بن الخطاب… عندما أسلم قلبٌ كان أقسى من الحديد"
البداية: عمر قبل الإسلام
كان عمر بن الخطاب واحدًا من وجهاء قريش، عُرف بقوته، وحِدّة طباعه، وذكائه. وكان من ألدّ أعداء النبي ﷺ في بدايات الدعوة. لم يكن فقط يعارض الإسلام، بل كان من أكثر من آذى المسلمين، وكان يظن أن الدين الجديد سيهدم مكانة قريش ويهدد تقاليدها.
وفي إحدى المرات، بلغ الغضب بعمر ذروته، فقرر أن ينهي الأمر بيده… ويقتل محمدًا ﷺ.
في طريقه للقتل… مفاجأة قلبت حياته
انطلق عمر بسيفه نحو دار الأرقم حيث يجتمع النبي ﷺ بأصحابه. لكن في الطريق، صادفه رجل من قومه، فرآه غاضبًا، فسأله:
"إلى أين يا عمر؟"
قال:
"أريد قتل محمد، هذا الذي فرّق قريش وسفه ديننا."
قال الرجل:
"عجيب! تريد أن تقتل محمدًا، وأختك فاطمة وزوجها سعيد بن زيد قد أسلما؟!"
فانقلب مسار عمر… واشتد غيظه أكثر. هرع نحو بيت أخته، وسمع صوت قراءة خافتة للقرآن من الداخل.
مواجهة في البيت… وآيات تفتح القلب
دخل غاضبًا، وضرب زوج أخته، ثم صفع أخته فاطمة حتى سال دمها. لكنها نظرت إليه بثبات، وقالت:
"افعل ما شئت، لن نترك الإسلام."
توقف عمر، ندم على ضرب أخته، وطلب أن يرى ما كانوا يقرؤونه. لكنها رفضت أن تعطيه الصحيفة إلا بعد أن يغتسل. ففعل.
ثم بدأ يقرأ… وكانت أولى الآيات من سورة طه:
"طه ﴿1﴾ مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ﴿2﴾ إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى"
قرأ عمر… وتأثّر قلبه… وسأل:
"أهذا هو الكلام الذي يخافون منه؟ من هذا الذي يقول مثل هذا؟"
وهنا تغيّر شيء داخله… لم يكن غضبًا… بل خشوعًا.
إلى النبي مباشرةً
قال عمر لأخته:
"دلّوني على محمد."
أسرع إلى دار الأرقم، وطرق الباب. الصحابة خافوا، فقد عرفوا عمر بعداوته الشديدة. لكن النبي ﷺ قال:
"افتحوا له، إن كان يريد خيرًا نُعطه، وإن كان يريد شرًا، فنكون عليه جميعًا."
دخل عمر… وتوجه نحو النبي ﷺ، فنظر إليه النبي بعين ثاقبة وقال:
"أما آن لك يا عمر؟"
فقال عمر:
"أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله."
فكبّر المسلمون… وفرحوا فرحًا عظيمًا.
الفاروق… الإسلام يعلو
بإسلام عمر، عزّ الإسلام، وخرج المسلمون لأول مرة في صفين إلى الكعبة، أحدهما بقيادة حمزة، والآخر بقيادة عمر.
ولُقّب منذ ذلك اليوم بـ "الفاروق"، لأنه فرّق الله به بين الحق والباطل.
عمر بعد الإسلام
لم يكن إسلام عمر مجرد إعلان، بل تحول إلى مدافع شرس عن الإسلام، عابد بالليل، قائد بالنهار. وقال النبي ﷺ عنه:
"لو كان بعدي نبي، لكان عمر."
(رواه الترمذي)
وكان الشيطان إذا رآه يسلك طريقًا، سلك طريقًا آخر.