بين دعوة الإسلام وواقع الناس: لماذا غاب حسن الظن؟

بين دعوة الإسلام وواقع الناس: لماذا غاب حسن الظن؟

0 المراجعات

في زمن تتسارع فيه الأخبار، وتنتشر فيه الشائعات بلمح البصر، أصبح سوء الظن بالناس ظاهرة متفشية في كثير من المجتمعات. لا يكاد يخلو مجلس أو محادثة إلا وتجد فيها من يسيء الظن بالآخرين دون دليل أو تروٍّ، رغم أن الإسلام حثنا بوضوح على حسن الظن واعتباره خلقًا من أخلاق المؤمنين.

 دعوة الإسلام إلى حسن الظن

الإسلام دين يدعو إلى طهارة القلب وصفاء النية، ومن مظاهر ذلك الدعوة إلى حسن الظن بالناس، كما قال الله تعالى:

 "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ، إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ" (الحجرات: 12)

 

وفي الحديث الشريف، قال رسول الله ﷺ:

 "إيّاكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث" (رواه البخاري ومسلم)

 

حسن الظن هو أن تلتمس الأعذار للناس، وتتجنب الحكم على نواياهم، وتفسر أفعالهم بأفضل تفسير ممكن، وهو مما يُؤلف القلوب ويقوي الروابط بين المسلمين.

لكن لماذا انتشر سوء الظن اليوم؟

1. وسائل التواصل الاجتماعي

في عالم أصبح كل شيء فيه علنيًّا وسريعًا، باتت وسائل التواصل تفتح بابًا كبيرًا لسوء الفهم، ومن ثم سوء الظن. منشور غامض، صورة، أو تعليق قد يُفسَّر خطأ ويُبنى عليه اتهام وظنون لا أساس لها.

2. قلة التواصل الحقيقي

الناس اليوم يتحدثون كثيرًا عبر الرسائل، ويقلّ اللقاء وجهاً لوجه، مما يسبب فجوة في الفهم ويُعزز الظنون السلبية.

3. الضغط النفسي والعصبي

كثيرون أصبحوا يعيشون تحت ضغط نفسي ومعيشي، فيرون كل شيء حولهم من منظور سلبي، ويُسقِطون ذلك على تصرفات الآخرين.

4. ضعف الوازع الديني

قلة التذكير والتربية على معاني حسن الظن جعلت بعض القلوب تميل للشك والتفسير السلبي دون رجوع للقرآن أو السنة.

 الآثار الخطيرة لسوء الظن

تفكك العلاقات الاجتماعية والأسرية

الوقوع في الغيبة والبهتان

الابتعاد عن الناس وسوء الظن في النيات

ضياع الثقة بين أفراد المجتمع

 كيف نعود إلى حسن الظن؟

أن نُذكّر أنفسنا بأن الله هو من يحاسب على النوايا.

أن نطلب التوضيح من الآخرين بدلًا من بناء سيناريوهات وهمية.

أن نلتمس الأعذار بصدق، كما قال الإمام الشافعي:

 "التمس لأخيك سبعين عذرًا، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرًا لا أعلمه".

أن نراقب أنفسنا ونصلح قلوبنا، فهي مصدر الظن.

 الخلاصة:

حُسن الظن ليس ضعفًا، بل هو قوة أخلاقية وروحية تحتاج إلى تربية وإيمان. فلنبدأ بأنفسنا، ولنجعل من حسن الظن عادة في حياتنا، اقتداءً برسولنا الكريم، الذي كان لا يحمل في قلبه إلا الخير للناس.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

9

متابعهم

3

متابعهم

1

مقالات مشابة