
أم سليم المرأة التي باعت الدنيا من أجل الدين
أم سليم.. المرأة التي باعت الدنيا من أجل الدين
في زمنٍ كانت القلوب تتعلق بالدنيا، ظهرت امرأة عظيمة آمنت بالله ورسوله حتى صارت قدوة للأجيال، إنها أم سليم بنت ملحان الأنصارية، والدة خادم النبي ﷺ أنس بن مالك رضي الله عنه. قصة أم سليم ليست مجرد حكاية، بل رسالة خالدة عن الإيمان، الصبر، والرضا بما عند الله، وهي من أعظم قصص نساء في الإسلام التي تحمل دروسًا بليغة لكل مسلم ومسلمة.
قصة إسلام أم سليم وثباتها
كانت أم سليم من أوائل النساء اللاتي أسلمن في المدينة قبل هجرة النبي ﷺ، وحين أسلمت، لم يكن زوجها مالك بن النضر قد أسلم بعد. فدعت زوجها إلى الإسلام، لكنه غضب وخرج مغاضبًا حتى قُتل، فصبرت أم سليم وثبتت على دينها، واحتسبت زوجها عند الله.
لم تكتفِ بإسلامها، بل غرست الإيمان في قلب ابنها أنس منذ طفولته، حتى جاء يوم الهجرة فذهبت إلى النبي ﷺ وقالت له بكل صدق وإخلاص:
"يا رسول الله، هذا أنس خادمك، فادعُ الله له".
فقال النبي ﷺ:
"اللهم أكثر ماله وولده وأطل عمره واغفر ذنبه".
فكان لأنس ذرية كثيرة وعُمّر طويلًا، وهذا يوضح عظمة دور الأم في تربية الأبناء على الدين.
أعظم مهر في الإسلام
تقدم أبو طلحة الأنصاري لخطبتها وكان يومها مشركًا، فقالت له أم سليم بكل قوة وثبات:
"يا أبا طلحة، أما إني فيك لراغبة، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم، فذاك مهري، لا أسألك غيره".
فكانت كلمتها هذه سببًا في إسلام أبي طلحة، فأسلم، وكان مهرها الإسلام، أعظم مهر في التاريخ، وهذه من أجمل قصص السيرة النبوية للنساء التي تبرز قوة الإيمان.
المحنة العظيمة ..وفاة ابنها الصغير🥺
بعد أن أنجبت أم سليم ولدًا من أبي طلحة، اشتد به المرض حتى مات في غياب أبيه. فلما دخل أبو طلحة البيت، استقبلته أم سليم بوجه بشوش، وقدمت له الطعام وتزينت له حتى قَرُب منها، ثم بعد أن هدأ قلبه قالت له بحكمة:
"أرأيت لو أن قومًا أعاروا أهل بيت عارية، فطلبوها منهم، ألهم أن يمنعوهم؟"
قال: "لا".
قالت: "فإن الله قد أخذ ابنك".
فقال: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، امتثالًا لقول الله تعالى:
"الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ" [البقرة: 156].
فما كان من النبي ﷺ حين علم إلا أن دعا لهما بالبركة، فقال:
"بارك الله لكما في ليلتكما".
فبارك الله لهما ورزقهما ولدًا آخر هو عبد الله بن أبي طلحة، الذي أصبح من كبار التابعين، وكان له من الولد تسعة كلهم من القراء.
الدروس المستفادة من قصة أم سليم
- الثبات على الدين مهما كانت التحديات.
- عظمة المرأة المؤمنة التي تجعل الدين فوق كل شيء.
- الصبر عند المصائب مع حسن التوكل على الله.
- دور الأم في تربية الأبناء على الإيمان منذ الصغر.
خاتمة
قصة أم سليم ليست مجرد اسم في كتب السيرة، بل هي مدرسة في الصبر والإيمان واليقين. قصتها تعلمنا أن من باع الدنيا لأجل الله، ربحت تجارته في الآخرة.
قال رسول الله ﷺ:
"من يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُصِبْ منه" [رواه البخاري].
ما رأيك في موقف أم سليم عند وفاة ابنها؟ وهل يمكن لأحد أن يصبر مثلها اليوم؟ شاركنا رأيك في التعليقات.
الكلمات المفتاحية: أم سليم، قصة أم سليم، قصص نساء في الإسلام، الصبر عند المصائب، إسلام أبي طلحة، السيرة النبوية للنساء، قصص مؤثرة عن الإيمان، دروس من حياة أم سليم