قصة سيدنا آدم عليه السلام: بداية الخلق والنبوة

تعتبر قصة سيدنا آدم عليه السلام من أعظم القصص التي وردت في القرآن الكريم، فهي تتناول بداية خلق الإنسان وأول تجربة له على الأرض. نستعرض في هذا المقال تفاصيل هذه القصة مع الأدلة القرآنية.

خلق آدم عليه السلام

بدأت القصة عندما أراد الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ليكون خليفة في الأرض. 

قال الله تعالي:"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ" (البقرة: 30).

ثم خلق الله آدم من طين ونفخ فيه من روحه، فصار آدم أول إنسان وأول نبي. 

قال الله تعالى:"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ. وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ. وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ" (الحجر: 26-29).

السجود لآدم ومعصية إبليس

أمر الله الملائكة بالسجود لآدم تكريمًا له وتعظيمًا لمكانته، فسجدت الملائكة جميعًا إلا إبليس الذي أبى واستكبر. 

قال الله تعالى:"وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ. قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ" (الأعراف: 11-12).

بعد ذلك، لعن الله إبليس وطرده من رحمته، وأعطاه مهلة إلى يوم القيامة ليغوي بني آدم.

إسكان آدم علي السلام في الجنة

بعد خلق حواء من ضلع آدم، أسكنهما الله في الجنة وأمرهما بأن يأكلا من كل ثمارها عدا شجرة واحدة. 

قال الله تعالى:"وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ" (سورة البقرة: 35).

تعليمات الله لآدم وذريته

بعد نزول آدم عليه السلام وحواء إلى الأرض، بدأ الله بتعليم آدم وأولاده كيفية العيش على الأرض. لقد علّم الله آدم أسماء كل شيء، مما أعطاه القدرة على التعرف على الأشياء وتصنيفها. 

قال الله تعالى:"وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ. قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" (البقرة: 31-32).

وبذلك أصبح آدم عليه السلام معلّمًا للبشرية، ينقل لهم علم الله وأوامره. كانت هذه بداية نشر الرسالة الإلهية بين البشر، وهي الرسالة التي ستتوالى على أيدي الأنبياء حتى آخر الزمان.

الأولاد والقصة المشهورة

رزق الله آدم وحواء بأولاد، وكان منهم قابيل وهابيل. وحدثت بينهما القصة الشهيرة عندما قدّم كل منهما قربانًا لله، فقبل الله قربان هابيل ولم يقبل قربان قابيل، مما أدى إلى حسد قابيل وقراره بقتل أخيه. 

قال الله تعالى:"وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ" (المائدة: 27).

وقد كانت هذه الحادثة أول جريمة قتل في تاريخ البشرية، وهي تُظهر آثار الحسد والبغضاء بين الإخوة.

وفاة آدم عليه السلام

عاش آدم عليه السلام فترة طويلة على الأرض يعلم أبناءه دين الله وأسس الحياة. وبعد فترة من الزمن، توفاه الله. ويعتقد أن آدم عليه السلام عاش حوالي 960 عامًا، وكان نبيًا ينقل وحي الله ويهدي الناس.

الدروس المستفادة من قصة آدم عليه السلام

قصة سيدنا آدم عليه السلام مليئة بالدروس والعبر. أولها أن الإنسان خُلق للعبادة وعمارة الأرض، وأن الطاعة لله هي السبيل للنجاة في الدنيا والآخرة. كما تُعلمنا القصة أن المعصية تؤدي إلى الهبوط من النعمة، ولكن التوبة الصادقة تقود إلى المغفرة والرحمة.

من ناحية أخرى، تُحذرنا القصة من الحسد والكبر كما حدث مع إبليس وقابيل، وتدعونا للتواضع والإخلاص في العبادة.

تشكل قصة سيدنا آدم عليه السلام بداية تاريخ البشرية على الأرض، وهي القصة التي تعلمنا من أين بدأ الإنسان وما هي المهمة التي وُكلت إليه. من خلال هذه القصة، نتعلم أهمية الطاعة، التوبة، والتواضع أمام أوامر الله، كما نتعلم الحذر من مكائد الشيطان التي قد تُبعدنا عن الطريق المستقيم.