القول الفصل في عذاب القبر ونعيمه
القول الفصل في عذاب القبر ونعيمه
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد
ففي صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على الأعناق، إذا كانت صالحة قالت: قدموني قدموني وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها إلى أين تذهبون بها؟ - قال المصطفى -: يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق ).
فها نحن قد وصلنا مع الجنازة إلى القبر، فقف معي الآن عند القبر وأهواله وفتنة القبر وأحواله، أسأل الله جل وعلا أن يحفظنا وإياكم من فتنه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وسوف ينتظم حديثنا في هذه العناصر التالية:ـ
أولاً: الأدلة على عذاب القبر ونعيمه.
ثانياً: أسباب عذاب القبر.
وأخيراً: السبيل للنجاة من عذاب القبر.
فكل ما جاءنا عن النبي بسند جيد قبلناه، وإلا فلو رددناه لرددنا أمر الله جل وعلا، كما قال سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر:7] فانتبه معي جيداً أيها الحبيب، وسأسوق لك الآن سيلاً من الأدلة الصحيحة على عذاب القبر من كلام الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، ولن أطيل الوقفة مع القرآن؛ لأن القرآن حمَّال أوجه، كما قال علي بن أبي طالب لـ ابن عباس وهو في طريقه لمناظرة الخوارج.
قال علي: (يا ابن عباس! جادلهم بالسنة ولا تجادلهم بالقرآن؛ فإن القران حمَّال أوجه)
أولاً: الأدلة على عذاب القبر ونعيمه.
أستهل الحديث بين يدي هذا العنصر الهام بمقدمة أقتبسها من كلام أئمتنا الأعلام، وأبدأ هذه المقدمة بكلام دقيق نفيس للإمام ابن أبي العز الحنفي شارح العقيدة الطحاوية على شارحها ومصنفها الرحمة من الله جل وعلا.
يقول الإمام ابن أبي العز: اعلم أن عذابَ القبر هو عذاب البرزخ.
ووالله لو فهمت هذه العبارة لحلت جميع الإشكالات في هذه المسألة؛ إذ إن حقيقة حياة البرزخ لا يعلمها ملك مقرب، ولا نبي مرسل إلا بوحي من الله جل وعلا.
قال: اعلم أن عذابَ القبر هو عذاب البرزخ، وكل إنسان مات وعليه نصيب من العذاب ناله نصيبه من العذاب قُبِرَ أو لم يُقْبر، سواء أكلته السباع، أو احترق فصار رماداً في الهواء، أو نسف، أو غرق في البحر.
فكل من مات وعليه نصيبه من العذاب ناله نصيبه من العذاب قبر أو لم يقبر، وأنا أسألك -أيها المسلم الغيور-: هل تستكثر ذلك على الملك الغفور؟! المشكلة أننا حكمنا العقل القاصر في أمر غيبي، فمن الظلم إذاً أن نحكم قانون الدنيا في قانون الآخرة، أن نحكم قانون الشهادة في عالم الغيب، فأنا أسألك -أيها المسلم الغيور-: هل تستكثر ذلك على الملك الغفور؟ خذوا -يا من تحكمون العقول- هذا الدليل الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان رجل يسرف على نفسه، فلما حضرته الوفاة جمع بنيه، وأخذ عليهم العهود والمواثيق وقال لهم: يا بني! إذا أنا مت فحرقوني واسحقوني، فإذا كان يوم ريح عاصف فاذْرُوني)، وفي لفظ: (فاذْرُوا نصفي في البر واذْرُوا نصفي في البحر، فلئن قدر الله علي عذبني عذاباً ما عذبه أحداً من العالمين فلما مات الرجل فعل بنوه به ذلك.
فأمر الله البحر فجمع ما فيه، وأمر الله البر فجمع ما فيه، ثم قال الملك لهذا الرجل: كن.
فكان بين يديه جل وعلا - قال له: كن بشحمك ولحمك وعظامك فكان بين يدي الله جل وعلا-، فقال له الملك: عبدي ما حملك على أن فعلت ما فعلت؟! قال العبد: خشيتك - يا رب - وأنت تعلم، فغفر الله له).
الشاهد من الحديث أن الله أحياه وقد أحُرِق وذُرِي رماده في البر والبحر، فقال الملك: كن.
قال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران:59]، فقدرة الله لا تحدها حدود، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وقال تعالى: { أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ } لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه: { وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[ البقرة: 259] وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [البقرة:260].
قدرة الله لا تحدها حدود، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، لكن الإشكال أننا حكمنا العقل، وقوانين الدنيا وقوانين الشهادة في أمر الآخرة وفي عالم الغيب
يقول ابن القيم: إن الله تعالى قد جعل الدور ثلاثاً، وهي دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار الآخرة، وجعل الله لكل دار أحكاماً تختص بها، فجعل الله الأحكام في دار الدنيا تسري على الأبدان والأرواح تبع لها، وجعل الأحكام في دار البرزخ تسري على الأرواح والأبدان تبع لها، وجعل الأحكام في دار القرار تسري على الأرواح والأبدان معاً.
قمة الدقة، ثم قال ابن القيم: واعلم بأن سعة القبر وضيقه ونوره وناره ليس من جنس المعهود للناس في عالم الدنيا.
تدبر هذا الكلام جيداً، ثم ضرب لنا مثلاً عقلياً رائعاً دقيقاً فقال: انظر إلى الرجلين النائمين في فراش واحد، أحدهما يرى في نومه أنه في نعيم، بل وقد يستيقظ وأثر النعيم على وجهه، ويقص عليك ما كان فيه من النعيم، قد يقول لك: الحمد لله، لقد رأيتني الليلة وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلمت النبي، ورأيت النبي، ورد علي النبي، وقال لي النبي ومن رأى النبي في المنام فقد رآه حقاً، قمة النعيم وقمة اللذة والفرح والسرور، ويستيقظ من نومه وهو يقص عليك هذا، وأخوه إلى جواره في فراش واحد قد يكون في عذاب، ويستيقظ وعليه أثر العذاب، ويستيقظ من نومه ويقص عليك ويقول: كابوس كاد أن يخنق أنفاسي -أعوذ بالله-.
تدبر أيها المسلم.
الرجلان في فراش واحد، هذا روحه كانت في النعيم، وهذا روحه كانت في العذاب، مع أن أحدهما لا يعلم عن الآخر شيئاً.
وهذا في أمر الدنيا، فكيف بأمر البرزخ الذي لا يعلمه إلا الملك؟!! تدبر هذا كله، إنها مقدمة دقيقة ولو تدبرتها لوقفت على الحقيقة.
وأنا أقول: متى كان العقل حاكماً على الشرع والدين؟!! لا تفهم مني أنني أريد أن أقلل من قدر العقل، أبداً أبداً، بل إنني ممن ينادي بتقدير العقل وبيان مكانة العقل، لاسيما ونحن نعيش الآن زماناً انصرفت فيه الأمة المسكينة عن التعليم والعلم والتخطيط والتنظيم، وصارت الأمة أمة تعيش عالة على علم الغرب، وأنا لا أنكر ما وصل إليه الغرب في الجانب العلمي والمادي، في الوقت الذي تأخرت فيه الأمة عن الركب العلمي، أنا ممن يقول دائماً بأن نور الوحي لا يطمس نور العقل أبداً، بل يبارك نور الوحي نور العقل، بل يزكي الوحي العقل، بشرط أن يعلم العقل قدره، وأن يسجد العقل مع الكون كله لله رب العالمين، فمتى كان العقل على الإطلاق حاكماً على الشرع والدين؟! لله در علي يوم أن قال: لو كان أمر الدين بالعقل لكان المسح على باطن الخف أولى من المسح على أعلاه.
أنت تمشي بباطن الخف على الأرض، فلو كان الدين بالعقل فإنه لا يجوز لك أن تمسح ظاهر الخف وإنما تمسح باطن الخف؛ لأنه هو الذي وطئ التراب والأرض، لو كان أمر الدين بالعقل لكان المسح على باطن الخف أولى من المسح على أعلاه
فهذا هو العقل الروسي الملحد، شعاره: يؤمن بثلاثة ويكفر بثلاثة، يؤمن بـ ماركس ولينين واستالين، ويكفر بالله، وبالدين، وبالملكية الخاصة.
وهذا العقل اليوناني يدافع عن الدعارة، وهذا العقل الروماني يدافع عن مصارعة الثيران، وهذا العقل الهندي يدافع عن عبادة البقرة، وهذا العقل العربي في الجاهلية الأولى يدافع عن وأد البنات وهن أحياء، ويدافع عن عبادة الأصنام، وهذا العقل في جاهليته المعاصرة يؤمن بالكفر والزندقة، ويتغنى بالبعثية والقومية، فيقول قائلهم: آمنت بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثاني ويقول آخر: هبوني عيداً يجعل العرب أمة وسيروا بجثماني على دين برهم . سلام على كفر يوحد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم هذا هو العقل حينما يتحدى الوحي الإلهي وينفك عن الهدي المحمدي النبوي، فينبغي أن يعلم العقل قدره، وينبغي أن يقف العقل عند حدوده، فلينطلق العقل في حدوده ومجاله ليسجد مع الكون كله لله رب العالمين، لو كان أمر الدين بالعقل لكان المسح على باطن الخف -كما ذكرت- أولى بالمسح من أعلاه
ومن الأدلة الواردة في إثبات عذاب القبر
حديث عائشة في تصديق اليهودية في إثبات عذاب القبر
وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (دَخَلَتْ علي امرأة يهودية من يهود المدينة، فذكرت عذاب القبر فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر.
فلما خرجت اليهودية سألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر.
فقال: ( نَعَمْ عذاب القبر)، وزاد غندر: (عذاب القبر حق)، وهذه الزيادة ليست في رواية البخاري، أعني قول غندر: عذاب القبر حق.
تقول عائشة: (فما رأيت النبي بعد يصلي إلا ويستعيذ بالله من عذاب القبر)
وحديث البراء الطويل في بيان عذاب القبر ونعيمه
وهنا حديث عمدة وأصل من الأصول في هذا الباب رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي في سننه، والنسائي في سننه، وأبو داود في سننه، ورواه الحاكم في المستدرك وصححه على شرط الشيخين، وأقره الإمام الذهبي، وصحح الحديث الإمام ابن القيم في (تهذيب السنن) و (إعلام الموقعين)، وأطال النفس في الرد على من أعل هذا الحديث، وصحح هذا الحديث الشيخ الألباني وغيره من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: (خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فلما انتهينا إلى القبر جلس النبي على شفير القبر -أي: على حافة القبر- وجلسنا حوله وكأن على رءوسنا الطير، وفى يد النبي عود -وانظر إلى دقة الوصف من البراء - ينكت به في الأرض -يضرب به الأرض-، ثم رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه ونظر إلى أصحابه وقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر! استعيذوا بالله من عذاب القبر! استعيذوا بالله من عذاب القبر! قالها النبي مرتين أو ثلاثاً، ثم التفت النبي إليهم وقال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزلت إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة، فيجلسون منه مد البصر، فيأتي ملك الموت فيجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الطيبة! أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، فتخرج روحه فتسيل كما تسيل القطرة من في السِّقَاء، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يضعوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على ظهر الأرض، فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: روح من هذه الروح الطيبة؟ فيقولون روح فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى إذا انتهوا إلى الله في السماء السابعة قال الله جل وعلا: اكتبوا كتاب عبدي في عليين -اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين، ثم أعيدوها إلى الأرض، فمنها خلقناهم وفيها نعيدهم ومنها نخرجهم تارة أخرى يقول النبي صلى الله عليه وسلم: فيأتيه ملكان فيجلسانه في قبره ويقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، وما دينك؟ فيقول: الإسلام فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولان له: وما علمك -أي: ما الذي علمك هذا-؟ فيقول: قرأت كتاب الله وصدقت بما فيه فينادي مناد أن: صدق عبدي، فألبسوه من الجنة، وافرشوا له فراشاً من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة.
ويأتيه رجل أبيض الوجه حسن طيب الريح، فيقول له: أبشر.
هذا يومك الذي كنت توعد فيقول صاحب القبر لصاحب هذا الوجه المنير: من أنت لا يأتي وجهك هذا إلا بخير؟ فيقول له: أنا عملك الصالح.
-يقول له: أنا توحيدك، أنا صلاتك، أنا صيامك، أنا زكاتك، أنا حجك، أنا أمرك بالمعروف، أنا نهيك عن المنكر، أنا برك بوالديك، أنا صدقتك- فيقول: رب أقم الساعة.
رب أقم الساعة؛ حتى أرجع إلى أهلي ومالي.
وإذا كان العبد الكافر في انقطاع من الدنيا وإقبال على الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه، معهم مسوح -والمسوح ليف من النار- فيجلسون منه، حتى إذا جاء ملك الموت فجلس عند رأسه، فإذا ما انتهى الأجل نادى على روحه وقال: أيتها الروح الخبيثة! اخرجي إلى سخط من الله وعذاب، فتنتزع كما ينتزع السفود -أي: الشوك الصلب- من الصوف المبلول، فلا تدعها الملائكة في يده طرفة عين، وتلفها في هذه المسوح من النار، وتنبعث منها رائحة كأنتن ريح جيفة على ظهر الأرض، فإذا ما أرادت الملائكة أن تصعد بها إلى السماء لا تفتح لهذه الروح أبواب السماء، وقرأ النبي قول الله جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف:40]، ثم ينادي الملك جل وعلا: اكتبوا كتاب عبدي في سجين، ثم أعيدوها إلى الأرض، فمنها خلقناهم وفيها نعيدهم ومنها نخرجهم تارة أخرى.
ويأتيه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدرى).
لا يعرف رباً، ولا يعرف إلهاً، عاش على الكفر في الدنيا، عاش على الشهوات، عاش على النزوات، وما امتثل أمر الله، وما امتثل أمر رسول الله، سمع الأذان يقول: (حي على الصلاة) ولا زال قابعاً أمام المباريات وأمام المسلسلات وأمام الأفلام، أما آن لك أن تهتدي عبد الله؟ {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد:16] ما الذي جنيناه من هذا التلفاز؟! ما الذي جنيناه من المسلسلات والمباريات والأفلام؟! وبرامج تدمر الفضيلة وتؤصل الرذيلة، وها أنتم ترون اليهود الآن يتلاعبون بالعالم، لا بالعالم الإسلامي فقط، بل بالعالم الغربي والشرقي،
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في وصف حال الكافر: (فيقال له: من ربك؟ ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدرى -لا يعرف ديناً، ولا عاش للدين ولا على الدين- فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعِثَ فيكم؟ فيقول: هاه هاه.
لا أدري، -فلا يعرف رسولاً، ولا يعرف نبيناً، وما عاش لهذا، هو في غنى عن كل هذا- فينادي منادٍ أن: كذب عبدي، فأفرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له باباً إلى النار فيأتيه من ريحها وسمومها، ويأتيه رجل قبيح الوجه نتن الريح، فيقول: من أنت فوجهك الوجه الذي لا يجيء بخير؟ فيقول له: أنا عملك السيئ، وهذا يومك الذي كنت توعد فيقول: رب: لا تقم الساعة.
رب: لا تقم الساعة!!).
وفي الحديث الذي رواه مسلم وأحمد وابن حبان والبزار وغيرهما من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركب على بغلة له، ودخل حائطاً -أي: حديقة أو بستاناً لبني النجار، وهم أخوال النبي- ومر النبي في الحائط على ستة أقبر أو خمسة أو أربعة، فلما مر ببغلته عند القبور حادت البغلة بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى كادت أن تلقي النبي على الأرض، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم: من يعرف أصحاب هذه القبور؟! فقال رجل أنا يا رسول الله.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: متى ماتوا؟ قال الرجل: ماتوا في الشرك.
فقال المصطفى: إنهم ليعذبون في قبورهم، ولولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع)،
وَقِفْ مع هذا الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو الله ويقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر) هذا دعاء المصطفى، دعاء صريح صحيح في أعلى درجات الصحة، في البخاري ومسلم: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر)
وقف مع الترجمة الفقهية البليغة لإمام الدنيا في الحديث، للإمام البخاري صاحب أصح كتاب بعد كتاب الله جل وعلا باتفاق الأمة بلا منازع، ترجم الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الجنائز باباً بعنوان: (باب ما جاء في عذاب القبر)، وتكفي هذه الترجمة، فقهُ البخاري في تراجمه كما قال علماء الحديث والجرح.
وساق البخاري في هذا الباب الآيات الكريمة عن الله جل وعلا، وروى فيه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكتفي بآية واحدة استدل بها جميع أهل السنة بلا خلاف على ثبوت عذاب القبر: تدبر معي قول الله في سورة غافر في حق آل فرعون: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:45 - 46].
قال جميع أهل السنة: ذكر الله في هذه الآية عذاب دار البرزخ وعذاب دار القرار ذكراً صريحاً، (وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا) أي: صباحاً ومساءً.
هذا في دار البرزخ، وفي دار القرار يوم القيامة (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ).
فذكر الله عذابين في الآية: عذاباً في الدنيا وعذاباً في الآخرة، عذاب دار البرزخ وعذاب دار القرار.
وأود أن أنبه الجميع إلى أن الله قد أنزل على النبي وحيين، وأوجب الله على عباده الإيمان بهذين الوحيين، ألا وهما القرآنُ والسنة، القرآن والسنة الصحيحة.
انطلق هؤلاء المنكرون وقالوا: كفانا القرآن.
فمن كذب السنة الصحيحة فقد كفر بالقرآن، ومن رد السنة فقد رد القرآن.
تدبر معي قول الله جل وعلا: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر:7].
وتدبر معي قول الله جل وعلا: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:80].
وتدبر معي قول الله جل وعلا: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ } [النساء:65]-أي: حتى يحكموك يا محمد: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65].
وتدبر معي قول الله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا} [الأحزاب:36]، وتدبر معي قول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات:1].
وتدبر معي قول الله: { يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } [إبراهيم:27]، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: (هذه الآية نزلت في عذاب القبر)
وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه -وانظر إلى هذا الحديث الصحيح الصريح في عذاب القبر- أن المصطفى مر على قبرين، فقال الحبيب الذي لا ينطق عن الهوى: (إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله -أو: لا يتنزه من بوله-) فهذا حديث في الصحيحين من حديث أبي هريرة .
قال الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم:3 - 5]، وتدبر معي هذا الكلام النفيس لـ ابن القيم في إعلام الموقعين في المجلد الثاني، قال ابن القيم: السنة مع القرآن على ثلاثة أوجه: الوجه الأول: أن تأتي السنة مؤكدة لما جاء به القرآن، وهذا من باب تضافر الأدلة.
الوجه الثاني: أن تأتي السنة مبينة وموضحة لما أجمله القرآن.
قال الله تعالى في القرآن: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [البقرة:43]، لكن الله لم يذكر لنا كيفية الصلاة، ولا أركان الصلاة، ولا سنن الصلاة، ولا مواقيت الصلاة، ولا عدد الصلوات، فجاء المصطفى ليبين لنا كيفية الصلاة، وأركان الصلاة ومواقيت الصلاة إلى آخره.
فالسنة توضح ما أجمله القرآن.
الوجه الثالث: أن تأتي السنة موجبة أو محرمة لما سكت عنه القرآن، قال المصطفى: (ألا يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه) قال المصطفى: (ألا إن ما حرم الله كما حرم رسول الله).
قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:80]، فما حرمه الله حكمه كحكم ما حرمه رسول الله، وهل من شك أن رسول الله لا يحرم شيئاً إلا بأمر من الله، أو لا يأمر بشيء إلا بأمر عن الله؟! {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر:7] لمن خالف أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم على قبرين فقال: ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير)، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة ليوقع العداوة والبغضاء بين عباد الله، والآخر كان لا يستتر من بوله، وانظر إلى هؤلاء الرجال الذين لا حياء عندهم، يقفون على شاطئ البحر، فينزل الرجل عارياً ليغتسل أمام الرجال والنساء في الشط الآخر، ألا تستحيي؟! اتق الله عبد الله، فهذا كان لا يستتر من بوله، فما بالكم بمن لا يستتر في غسله؟!
ثانياً : أسباب عذاب القبر
والحديث عن أسباب عذاب القبر من وجهين: مجمل ومفصل.
أما المجمل فإن معصية الله عز وجل أصل لكل بلاء، وعلى رأس هذه المعاصي الشرك، أسأل الله أن يرزقني وإياكم التوحيد، فإن أعظم زاد تلقى الله به هو التوحيد، وإن أبشع وأشنع ذنب تلقى الله به هو الشرك: {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:13].
أما التفصيل فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم -كما ذكرت آنفاً- أن النميمة من أسباب عذاب القبر، وهناك الآن من المتخصصين في النميمة ما لا يحصى من العدد، رجال ونساء متخصصون في النميمة وفي نقل الفتن بين الناس لتأصيل العداوة والبغضاء في القلوب، يأتي إليك ليقول لك: قال فلان عنك كذا وكذا.
ووالله ما قال فلان هذا، ثم ينطلق إلى الآخر فيقول: أوما سمعت ما قد قال فلان؟ لقد قال كذا وكذا! أوما سمعت؟ لقد قالت فلانة عنك كذا وكذا! معشر المسلمين! النميمة سبب من أسباب عذاب القبر، قال المصطفى: (أما أحدهما كان يسعى بين الناس بالنميمة).
وعدم الاستتار من البول، وعدم التنزه من البول سبب من أسباب عذاب القبر في الحديث الصحيح.
والكذب، والربا، وهجر القرآن من أسباب عذاب القبر، كما في حديث سمرة بن جندب الطويل الذي رواه البخاري، فقد ذكر النبي فيه من أسباب عذاب القبر الكذب، والربا، وهجر القرآن، والزنا والغلول، والغلول: كل شيء يؤخذ من الغنيمة قبل أن تقسم.
ويدخل تحت الغلول السحت والحرام، من لا يتورعون عن أكل الحرام بأي صورة وبأي ثمن.
فالغلول من أسباب عذاب القبر، كما في الصحيحين في قصة الرجل الذي قتل، فقال الصحابة: هنيئاً له الجنة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن الشملة ( والشملة: غطاء الرأس) التي أخذها يوم خيبر لتشتعل عليه في جهنم ناراً)، قال تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:161]. فهذه أسباب مجملة ومفصلة
ثالثاً : السبيل للنجاة من عذاب القبر
أعظم سبيل للنجاة من عذاب القبر أن تستقيم على طاعة الملك جل وعلا، وأن تتبع طريق النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ } [فصلت:30 - 32].
ومن أنفع الأسباب كذلك للنجاة من عذاب القبر ما ذكره الإمام ابن القيم في كتابه القيم (الروح)، قال: ومن أنفعها أن يتفكر الإنسان قبل نومه ساعة ليذكر نفسه بعمله، فإن كان مقصراً زاد في عمله، وإن كان عاصياً تاب إلى الله، وليجدد توبة قبل نومه بينه وبين الله.
ومن شروط التوبة أن تقلع عن الذنب، وأن تندم على الذنب، وأن تعزم على العمل الصالح، قال: فإن مات من ليلته على هذه التوبة فهو من أهل الجنة.
فينجيه الله عز وجل من عذاب القبر، ومن عذاب النار.
ومن أعظم الأسباب التي تنجي من عذاب القبر أن تداوم على العمل الصالح، كالتوحيد، والصلاة، والصيام، والصدقة، والحج، والدعوة، وحضور مجالس العلم التي ضيعها الناس وانشغلوا عنها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وكل عمل يرضي الرب جل وعلا فهو من العمل الصالح الذي ينجي صاحبه من عذاب القبر ومن عذاب النار.
وإن من أعظم الأعمال التي تنجي صاحبها من عذاب القبر الشهادة في سبيل الله، اللهم ارفع علم الجهاد، وارزقنا الشهادة في سبيلك يا أرحم الراحمين.
ورد في الحديث الذي رواه الحاكم وحسن إسناده الشيخ الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (للشهيد عند الله ست خصال: الأولى: يغفر له مع أول دفعة من دمه ويرى مقعده من الجنة.
الثانية: ينجيه الله عز وجل من عذاب القبر.
الثالثة: يؤمنه الله من الفزع الأكبر.
الرابعة: يلبسه الله تاج الوقار الياقوتة فيه خير من الدنيا وما فيها.
الخامسة: يزوجه الله بثنتين وسبعين زوجة من الحور العين.
السادسة: يشفعه الله في سبعين من أهله).
اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك يا رب العالمين، وارفع -اللهم- علم الجهاد، واقمع -اللهم- أهل الزيغ والفساد.
وأختم بحديث يملأ القلب أملاً ورضاً، فحافظ عليه، وحافظ على كل ما ذكرت، فقد ورد في الحديث الذي رواه الحاكم في المستدرك وصححه، وأقره الذهبي، وصحح إسناده الشيخ الألباني في مشكاة المصابيح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سورة الملك هي المانعة من عذاب القبر).
حافظ عليها أيها الكريم، وحافظي عليها أيتها المسلمة، فقبل أن تنام افتح كتاب الله على سورة الملك: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الملك:1]، وتدبر السورة، وتضرع بعدها إلى الله عز وجل بالدعاء بعد أذكار النوم، مع تجديد التوبة، ونم نومة العروس، فإن قدر الله عليك الموت نجاك بكرمه من عذاب القبر ومن عذاب النار.
اللهم! نجنا من عذاب القبر ومن عذاب النار.
اللهم! نجنا من عذاب القبر ومن عذاب النار.
اللهم! نجنا من عذاب القبر ومن عذاب النار.
اللهم! نجنا من عذاب القبر ومن عذاب النار.
اللهم! لا تجعل الدنيا أكبر همنا يا عزيز يا غفار.
اللهم! إن أردت بالناس فتنة فاقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين، ولا مفرطين ولا مضيعين، ولا مغيرين ولا مبدلين.
اللهم! لا تدع لأحد منا ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا طائعاً إلا ثبته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها ويسرتها لنا يا رب العالمين.
اللهم! استرنا ولا تفضحنا، وأكرمنا ولا تهنا، وكن لنا ولا تكن علينا.
اللهم! اقبلنا وتقبل منا، وتب علينا وارحمنا؛ إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم! وحد كلمتنا.
اللهم! ألف بين قلوبنا.
اللهم! وحد صفنا.
اللهم! رد الأمة إليك رداً جميلاً.
اللهم! ارزق الأمة القائد الرباني.
اللهم! أبرم للأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر؛ أنت ولي ذلك والقادر عليه يا رب العالمين