
قصة سيدنا يونس وانبياء اخرى
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
أحب أن أشارك معك قصة إسلامية مليئة بالعبر والدروس، وهي قصة **سيدنا يونس عليه السلام**، والتي تُعرف أيضًا بقصة "ذا النون" أو "صاحب الحوت". هذه القصة مليئة بالصبر والثقة في الله تعالى، وتُظهر لنا كيف أن الله سبحانه وتعالى لا يترك عباده المؤمنين أبدًا، حتى في أحلك الظروف

قصة سيدنا يونس عليه السلام
كان يونس عليه السلام نبيًا من أنبياء الله، أرسله الله تعالى إلى أهل نينوى في العراق ليدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك الشرك والضلال. لكن أهل نينوى كانوا قومًا عتاة، يعبدون الأصنام ويصرون على كفرهم. حاول يونس عليه السلام جاهدًا أن يهديهم إلى طريق الحق، لكنهم استمروا في عنادهم وتكذيبهم.
بعد سنوات من الدعوة دون أن يرى يونس عليه السلام أي استجابة من قومه، شعر باليأس والإحباط. فقرر أن يتركهم ويغادر المدينة دون أن يأذن له الله تعالى. وفي طريقه، ركب سفينة في البحر، لكن السفينة واجهت عاصفة شديدة كادت أن تغرقها. قرر الركاب أن يقترعوا بينهم ليرموا أحدهم في البحر لتخفيف الحمل وإنقاذ السفينة. وقعت القرعة على يونس عليه السلام ثلاث مرات متتالية، فأدرك أن هذا أمر من الله تعالى.
فألقى بنفسه في البحر، وفي تلك اللحظة، أمر الله تعالى حوتًا عظيمًا أن يبتلعه. وبقي يونس عليه السلام في بطن الحوت، في ظلمات ثلاث: ظلمة البحر، وظلمة الليل، وظلمة بطن الحوت. لكنه لم يفقد الأمل في رحمة الله، بل لجأ إليه بالتضرع والدعاء، قائلًا: **"لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ"** (سورة الأنبياء، آية 87).
استجاب الله تعالى لدعاء يونس عليه السلام، وأمر الحوت أن يلقيه على الشاطئ. وبعد أن خرج من بطن الحوت، كان ضعيفًا ومريضًا، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين لتحميه من الشمس وتطعمه. ثم أعاده الله تعالى إلى قومه في نينوى، فوجد أنهم قد آمنوا بالله بعد أن رأوا العذاب الذي كان يتهددهم بسبب كفرهم. فكانت نهاية القصة نصرًا للإيمان ورحمة من الله تعالى.
الدروس المستفادة من القصة
1. الصبر في الدعوة: كان يونس عليه السلام يدعو قومه لسنوات طويلة دون أن يرى نتيجة، لكنه لم يفقد الأمل. وهذا يعلمنا أن الدعوة إلى الله تحتاج إلى صبر ومثابرة.
2. التوكل على الله : حتى في أصعب اللحظات، عندما كان يونس في بطن الحوت، لم يفقد ثقته في رحمة الله. وهذا يعلمنا أن نتوكل على الله في كل أمورنا.
3. **التوبة والرجوع إلى الله**: دعاء يونس عليه السلام كان مليئًا بالتضرع والاعتراف بالذنب، وهذا يعلمنا أن التوبة باب مفتوح دائمًا، وأن الله يقبل توبة العباد.
4. رحمة الله الواسعة: رغم أن يونس ترك قومه دون إذن من الله، إلا أن الله لم يتركه، بل أنقذه وعاد به إلى قومه. وهذا يعلمنا أن رحمة الله واسعة، وأنه لا يترك عباده المؤمنين أبدًا.
قصة أخرى: قصة سيدنا أيوب عليه السلام
أيوب عليه السلام كان نبيًا صابرًا، ابتلاه الله تعالى بمرض شديد وفقدان المال والأهل، لكنه لم يفقد إيمانه بالله. ظل أيوب عليه السلام صابرًا محتسبًا، حتى أن زوجته اضطرت إلى العمل لتعيله. وفي النهاية، استجاب الله لدعائه وشفاه من مرضه، ورد إليه أهله وماله مضاعفًا.
هذه القصة تعلمنا أن الصبر في الابتلاء هو طريق النجاة، وأن الله تعالى يكافئ الصابرين بأجر عظيم.
خاتمة
القصص الإسلامية مليئة بالعبر والدروس التي تنفعنا في حياتنا اليومية. سواء كانت قصة يونس عليه السلام التي تعلمنا الصبر والثقة في الله، أو قصة أيوب عليه السلام التي تعلمنا الصبر في الابتلاء، فإن هذه القصص تذكرنا دائمًا بأن الله تعالى هو القادر على كل شيء، وأنه لا يترك عباده المؤمنين أبدًا.
فعلينا أن نقتدي بهذه الدروس، ونصبر على ما يصيبنا، ونتوكل على الله في كل أمورنا. كما قال تعالى: **"وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ"** (سورة الطلاق، آية 2-3).
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصابرين المتوكلين عليه، وأن يهدينا إلى صراطه المستقيم.








