رحلتي من الظلمات إلى النور: قصة شاب هدا الله قلبه بعد الضياع"

رحلتي من الظلمات إلى النور: قصة شاب هدا الله قلبه بعد الضياع"

0 المراجعات

لم أكن أتخيل يومًا أن أروي حكايتي بهذه الطريقة، أو أن تصل كلماتي إلى قلبك وأنت تقرأها الآن. اسمي “ياسر”، شاب كنت أعيش حياةً لا تشبه حياة المسلمين، رغم أنني وُلدت في بيت مسلم، وترعرعت بين الأذان والقرآن، إلا أنني كنت تائهًا... غارقًا في ظلمات الشهوات، والعادات السيئة، والرفقة الفاسدة.

الطفولة والدين الغائب

نشأت في أسرة متوسطة الحال، لا ينقصنا المال، لكن كان هناك نقص في شيء جوهري: التوجيه الديني. لم يكن والدي مهتمًا كثيرًا بالصلاة، وكانت أمي تجهل الكثير عن الدين، فشببت على سطحية في فهم الإسلام. كنت أصلي أحيانًا، وأصوم مجاملة، لكن الإيمان الحقيقي لم يسكن قلبي.

مرحلة المراهقة والانفلات الأخلاقي

في سن المراهقة، بدأت أبحث عن “الحرية” بطريقتي الخاصة. تعرفت على رفقة السوء، وبدأت أسهر معهم في المقاهي، ثم تطور الأمر إلى تعاطي السجائر وبعض الحبوب المهلوسة. لم يكن أحد يردعني أو يوجهني، بل وجدت في هذه الرفقة ما ظننته "حباً واهتماماً". ابتعدت عن البيت، وعن كل ما يذكرني بالله، حتى أنني لم أعد أطيق سماع القرآن.

اللحظة الفارقة: حادث غير مجرى حياتي

ذات ليلة، كنا في نزهة ليلية بالسيارة، وكان السائق مخمورًا. فجأة، انقلبت السيارة بنا... استيقظت في المستشفى، وأخبروني أن صديقي المقرب “كريم” توفي في الحادث. لم أستوعب... لم أصدق... كيف يُؤخذ شاب في مثل عمرنا بهذه السرعة؟!
كانت أول مرة أواجه فيها الموت وجهاً لوجه. لأول مرة، شعرت بالخوف الحقيقي. ماذا لو كنت أنا الميت؟ أين كنت سأذهب؟ هل كنت مستعدًا للقاء الله؟

بداية الهداية: عودة إلى القرآن

بعد خروجي من المستشفى، بدأت أعيد النظر في حياتي. دخلت غرفتي وأغلقت الباب، وأخرجت مصحفًا قديمًا كنت أضعه في زاوية منسية. فتحت صفحة عشوائية، وقرأت قول الله تعالى:

> "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله..."
(سورة الحديد، آية 16)

 

كأن هذه الآية كانت تخاطبني شخصيًا. بكيت بكاءً لم أبكه من قبل، وبقيت أردد الآية مرارًا وتكرارًا، وكأنها تسحبني من الظلمات إلى النور.

التوبة الصادقة: ما بين الرجاء والخوف

قررت أن أبدأ رحلة التوبة، لكن الطريق لم يكن سهلاً. الشيطان يهمس لي بأن الله لن يغفر لي، وأن ذنوبي كثيرة، لكنني كنت أتمسك بآية قرأتها تقول:

> "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله..."
(سورة الزمر، آية 53)

 

فبدأت بخطوات بسيطة: تركت رفاق السوء، قطعت علاقتي بكل من يذكرني بالماضي، وبدأت أحضر دروس العلم في المسجد القريب.

أول صلاة بخشوع: طعم جديد للإيمان

عندما صليت أول ركعتين بعد توبتي، كانت مشاعري مختلفة تمامًا. كنت أبكي في السجود، أشعر أنني بين يدي خالقي الذي كنت أعصيه، وهو الآن يفتح لي أبواب رحمته. تلك الصلاة أعادت لي نفسي، وأعادت لي كرامتي.

صعوبات الطريق: اختبار الإيمان

بعد فترة، بدأ الشيطان يعيد الكرة، وبدأت أواجه صعوبات: وساوس، استهزاء من بعض الأقارب، محاولات بعض “الأصدقاء” القدامى إرجاعي لحياة المعاصي. لكنني تعلمت أن أستعين بالله، وأن أكون صادقًا في دعائي. كنت أردد كثيرًا:

> "اللهم ثبت قلبي على دينك."

 

تغيير شامل: من عاصٍ إلى داعٍ إلى الله

بعد مرور سنة على توبتي، أصبحت شخصًا آخر. بدأت أشارك قصتي مع الآخرين، وأحكي لهم كيف أن الله واسع المغفرة. صرت أكتب على وسائل التواصل الاجتماعي عن تجربتي، وصار البعض يرسل لي رسائل يشكرني لأني ساعدته في اتخاذ قرار التوبة.

المعجزة الصغيرة: القرآن يشفي روحي

كلما ضاقت بي الدنيا، كنت أفتح القرآن فأجد فيه راحتي. أصبحت أرتل آياته كل فجر، وشعرت بأن حياتي بدأت تنتظم. لا أقول إنني أصبحت “مثاليًا”، لكنني أعيش كل يوم مجاهدًا نفسي، وأشعر أن الله يوفقني في كل خطوة.

نصيحتي لك: لا تيأس من روح الله

إن كنت الآن في ظلام، أو تعيش ضياعًا يشبه ما مررت به، فاعلم أن الهداية ممكنة، وأن قلبك قادر أن ينبض بالإيمان من جديد. فقط افتح المصحف، وقل:

> "يا الله، دلني على طريقك."

 

وسيرشدك، كما أرشدني.


---

الخاتمة: النهاية بداية جديدة

قصتي لم تنتهِ بعد، لأنها ليست مجرد نهاية مؤثرة، بل بداية لحياة جديدة. حياة فيها نور، فيها راحة، فيها حب حقيقي لله ورسوله. أسأل الله أن يثبتني وإياك على طريق الهداية، وأن يجعل من هذه الكلمات سببًا لهداية قلب يبحث عن النور.
 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

2

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة