قصة بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم

قصة بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم

0 reviews

قصة بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم

بلال بن رباح رضي الله عنه، الصحابي الجليل، وأحد أوائل من دخلوا في الإسلام، كان مثالًا للصبر والثبات على العقيدة، ورمزًا من رموز التضحية في سبيل الله. وُلِد بلال في مكة المكرمة قبل بعثة النبي ﷺ بسنوات، وكان عبدًا حبشيًا مملوكًا لبني جمح، يعمل خادمًا عند أمية بن خلف، سيد من سادة قريش المعروفين بشدة العداء للإسلام.

كان بلال معروفًا بصفاء قلبه وأمانته، وكان ذا صوت قوي جميل. وعندما بدأ النبي محمد ﷺ يدعو الناس إلى الإسلام، وصل صدى الدعوة إلى قلب بلال، فآمن بها دون تردد، إذ وجد في الإسلام المساواة والعدل ورفع الظلم عن العبيد والمستضعفين.

لكن أمية بن خلف، سيده، لم يقبل أبدًا أن يترك بلال دين آبائه، فبدأ في تعذيبه بأشد أنواع العذاب، يخرجه في حر مكة المحرق، ويطرحه على الرمال الملتهبة، ويضع على صدره صخرة عظيمة ليمنعه من الحركة، ثم يأمره بأن يكفر بمحمد ﷺ ويعود لعبادة الأصنام، لكن بلال كان يردد بكل ثبات: "أحدٌ أحد"، معلنًا توحيده لله عز وجل.

اشتد العذاب عليه، وكان المشركون يتناوبون في إيذائه، لكن إيمانه لم يتزعزع، حتى جاء الفرج على يد الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه، الذي اشترى بلالًا من أمية بن خلف بأموال كثيرة، وأعتقه لوجه الله. وهكذا أصبح بلال حرًا، يعيش حياته في نصرة الإسلام.

بعد أن هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة، اختار النبي ﷺ بلالًا ليكون أول مؤذن في الإسلام، فقد كان صوته قويًا مؤثرًا يخترق القلوب، وكان يؤذن خمس مرات في اليوم، داعيًا المسلمين للصلاة بكلمات التوحيد. وكان بلال يحب هذا العمل حبًا شديدًا، ويراه شرفًا عظيمًا منحه إياه رسول الله ﷺ.

شهد بلال مع النبي ﷺ كثيرًا من الغزوات، مثل بدر وأحد والخندق، وكان مثالًا للشجاعة والإيمان. وفي غزوة بدر، كان له موقف مشهور حين قتل أمية بن خلف، سيده السابق الذي طالما عذبه.

وظل بلال ملازمًا للنبي ﷺ، يخدمه ويؤذن للصلاة، حتى جاء اليوم الحزين الذي توفي فيه رسول الله ﷺ. تأثر بلال بشدة، وامتلأ قلبه بالحزن، حتى أنه لم يستطع أن يرفع صوته بالأذان بعد وفاته ﷺ، إذ كان كلما نطق بـ"أشهد أن محمدًا رسول الله" تنهمر دموعه ويغلبه البكاء.

طلب من أبي بكر الصديق، الخليفة الأول، أن يسمح له بمغادرة المدينة، فذهب إلى الشام مجاهدًا في سبيل الله، وهناك استمر في حياته في طاعة الله ونصرة الإسلام.

ويروى أنه في إحدى الليالي، رأى بلال النبي ﷺ في المنام يقول له: "ما هذه الجفوة يا بلال؟ أما آن لك أن تزورني؟"، فاستيقظ بلال مسرعًا، وعاد إلى المدينة المنورة، وزار قبر النبي ﷺ، ولما طلب منه أهل المدينة أن يؤذن، أذّن بصوته الشجي، فبكى أهل المدينة جميعًا، لأنهم تذكروا أيام الرسول ﷺ.

ظل بلال بن رباح رمزًا للإيمان والتضحية، ومثالًا على أن الإسلام لا يفرق بين عربي ولا أعجمي، ولا بين أبيض ولا أسود إلا بالتقوى. عاش حياته في خدمة الدين، وتوفي في الشام سنة 20 هـ، بعد أن ترك سيرة عطرة يذكرها المسلمون بكل حب وفخر.

رحم الله بلال بن رباح، أول مؤذن في الإسلام، الذي رفع كلمة التوحيد عالية رغم قيود العبودية، وثبت على الحق أمام التعذيب، وخلّد اسمه في التاريخ كأحد أعظم رجال الإسلام ولهذا يلقب بمؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

3

followings

2

followings

1

similar articles