قصة إسلامية عن البركة في الأمانة التجارية

قصة إسلامية عن البركة في الأمانة التجارية

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

                                          قصة إسلامية عن البركة في الأمانة التجارية

في عالم المال والأعمال الذي يتسم بالتنافس الشديد، قد يظن البعض أن تحقيق الربح يبرر التغاضي عن بعض المبادئ. لكن في تاريخنا الإسلامي، تبرز قصص تروي نهجاً مختلفاً، نهجاً يجعل من الأمانة والصدق أساساً للبركة والنماء. ومن بين هذه القصص التي قد لا تكون معروفة لدى الكثيرين، تبرز قصة الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي، التي تقدم درساً بليغاً في أخلاقيات البيع والشراء.

أكثر من مجرد صفقة رابحة

يُروى أن الصحابي جرير بن عبد الله البجلي، رضي الله عنه، أراد شراء فرس، فأعجبه فرس لأحد الباعة وعرض عليه ثلاثمائة درهم. لكن جريراً، الذي كان يتمتع ببصيرة في الخيل، شعر أن قيمة الفرس تفوق هذا المبلغ بكثير، وأن البائع قد لا يدرك القيمة الحقيقية لفرسه.

وهنا، تجلت أمانة الصحابي الجليل بشكل فريد. فبدلاً من أن يستغل جهل البائع ويفوز بالفرس بسعر بخس، بادر جرير بزيادة السعر. قال للبائع: "إن فرسك خير من ذلك، أتبيعه بأربعمائة؟" فوافق الرجل. ثم قال جرير: "بل هو خير من ذلك، أتبيعه بخمسمائة؟" واستمر في زيادة السعر مائة بعد مائة، والبائع يوافق في دهشة، حتى وصل إلى ثمانمائة درهم فاشتراه به.

بيعة على النصح

عندما سُئل جرير بن عبد الله عن سبب فعله هذا، وعن سر هذه الأمانة التي تجاوزت حدود المتعارف عليه في البيع والشراء، كان جوابه درساً خالداً ومنهجاً لكل تاجر ومستثمر. قال: "إني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم".

لقد كانت هذه الزيادة في الثمن ليست مجرد كرماً شخصياً، بل كانت تطبيقاً عملياً لبيعة عقدها مع النبي الكريم، بيعة تجعل من مصلحة المسلم الآخر جزءاً لا يتجزأ من قراراته وتصرفاته، حتى في أدق المعاملات المالية.

البركة في الأمانة

في عالمنا اليوم، حيث تسود أحياناً عقلية "الشطارة" في البيع والشراء، تأتي قصة جرير بن عبد الله البجلي لتذكرنا بأن الثروة الحقيقية لا تكمن فقط في زيادة الأرصدة، بل في البركة التي يطرحها الله في المال المكتسب بالحلال والصدق. إن الأمانة في التجارة لا تعني فقط عدم الغش أو الخداع، بل ترتقي لتشمل النصح للطرف الآخر والحرص على عدم استغلال جهله أو حاجته.

قد يبدو للوهلة الأولى أن جريراً قد "خسر" مالاً كان بإمكانه توفيره، ولكنه في الحقيقة ربح ما هو أعظم: راحة الضمير، والوفاء ببيعته مع رسول الله، ونيل البركة في ماله. هذه القصة تعلمنا أن بناء الثقة والمصداقية هو الاستثمار الأنجح على المدى الطويل، وأن المال الذي يأتي عن طريق النصح والأمانة هو المال الذي يدوم وينمو

دعوة للتأمل

في المرة القادمة التي تدخل فيها في معاملة مالية، سواء كنت بائعاً أو مشترياً، تذكر قصة جرير بن عبد الله البجلي. اسأل نفسك: هل أنا أمين في هذه الصفقة؟ هل أقدم النصح الصادق للطرف الآخر؟ إن تطبيق هذا المبدأ لا يضمن لك الربح المادي فحسب، بل يفتح لك أبواباً من البركة والرضا، ويجعل من معاملاتك المالية عبادة تتقرب بها إلى الله. فما أجمل أن تكون الثروة طريقاً إلى مرضاة الله، لا غاية تلهي عن ذكره.

image about قصة إسلامية عن البركة في الأمانة التجارية
التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

1

متابعهم

2

مقالات مشابة
-