السعي… قيمة إنسانية وعبادة شرعية
السعي… قيمة إنسانية وعبادة شرعية ….
يُعدّ السعي أحد أهم القيم التي يقوم عليها نجاح الإنسان في دنياه وآخرته؛ فهو حركة حياة، ودليل صدق النية، وبرهان على قوة العزيمة. لا يتحقق أي إنجاز دون سعي، ولا تُنال الأرزاق والأهداف بالتمني، بل بالعمل والاجتهاد.
السعي في القرآن الكريم
جاءت دعوات القرآن الكريم متكررةً لتربط بين العمل والنتيجة، وبين السعي والرزق، قال تعالى:
﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾

وهذه الآية قاعدة كبرى في الحياة: ما تحققه اليوم هو ثمرة ما سَعيت له بالأمس.
كما قال تعالى:
﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾
وفيها دعوة للتوازن بين العبادة والعمل.
أحاديث نبوية تحث على السعي والعمل
وردت عن النبي ﷺ أحاديث كثيرة تؤكّد قيمة السعي والاجتهاد، منها:
1. السعي خير من السؤال
قال النبي ﷺ:
“لأن يأخذ أحدُكم حبلَهُ فيأتيَ بحُزمةِ حطبٍ على ظهرِه، فيبيعَها، فيكفَّ اللهُ بها وجهَه، خيرٌ له من أن يسألَ الناسَ، أعطَوه أو منعوه.”
– رواه البخاري.
يعلمنا هذا الحديث أن العمل مهما كان بسيطًا أفضل من سؤال الناس والاعتماد عليهم.
2. الاجتهاد سبب البركة
قال رسول الله ﷺ:
“ما أَكَلَ أحدٌ طعامًا قط خيرًا من أن يأكلَ من عملِ يدِه.”
– رواه البخاري.
وهذا تأكيد أن البركة تُجعل في الرزق الذي يأتي بجهد الإنسان وسعيه.
3. السعي لحاجات الناس
قال ﷺ:
“أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناس.”
– حديث حسن – رواه الطبراني.
فالسعي لخدمة الآخرين ورفع حاجاتهم من أعظم أبواب الأجر.
السعي… طريق التغيير والنجاح
السعي ليس مجرد حركة جسدية، بل هو قرار داخلي بأن يكون الإنسان أفضل مما كان.
فمن أراد رزقًا، سعى له.
ومن أراد علمًا، بحث عنه.
ومن أراد تغييرًا في حياته، بدأ بخطوات صغيرة وثابتة.
النجاح الحقيقي يبدأ عندما يكفّ الإنسان عن انتظار الظروف، ويبدأ بصنعها. الحياة لا تعطي إلا لمن يتحرك نحو أهدافه ويثابر. وان يواصل مهما كانت الظروف فإنها ستمر حتماً . لاننا فى رعاية الله وحفظه. ستجد هذا السعي خيراً كثيراً بإذن الله.
أثر السعي على حياة الفرد والمجتمع
1. تحقيق الاستقلال المالي والابتعاد عن الاعتماد على الآخرين.
2. رفع مستوى الإنتاج مما يُسهم في تنمية المجتمع.
3. تعزيز قيمة الكرامة والشعور بالإنجاز.
4. اكتساب الخبرات التي لا تأتي إلا بالممارسة والعمل.
خاتمة
السعي هو الشرارة التي تُشعل طريق النجاح، وهو عبادة إذا صاحبتها نيةٌ صادقة.
فابدأ اليوم، ولو بخطوة صغيرة، فإن الخطوات الصغيرة هي التي تصنع الطرق الطويلة.
واعلم أن الله لا يضيع سعيًا، ولا يخيب من اجتهد، فقد قال سبحانه:
﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾
وكلٌّ يُجزى بما سعي ….