حكم الاحتفال بالكريسماس في الإسلام – رؤية شرعية واضحة

المقدمة

يكثر الحديث في كل عام عن حكم الاحتفال بالكريسماس، خصوصًا مع انتشار المظاهر الاحتفالية في المجتمعات العربية والإسلامية. ويأتي هذا التساؤل رغبة في معرفة الموقف الشرعي الصحيح المبني على أقوال العلماء وأدلة الشريعة. هذا المقال يوضّح الحكم بموضوعية وبأسلوب مبسط.


---

ما هو الكريسماس؟

الكريسماس أو "عيد الميلاد" هو عيد ديني عند النصارى، يُعبر عن الاحتفال بميلاد المسيح عيسى عليه السلام، وفق معتقداتهم. لذلك فهو عيد ديني بحت، وليس مجرد مناسبة اجتماعية.

أسباب تحريم الاحتفال بالكريسماس في الإسلام 1. مخالفة العقيدة الإسلامية الإسلام يؤكد على أن النبي عيسى عليه السلام هو عبد الله ورسوله، وليس ابنًا لله أو إلهًا كما يعتقد بعض المسيحيين. لذا، يعتبر الاحتفال بالكريسماس قبولًا ضمنيًا لعقائد تتعارض مع التوحيد، وهو الركن الأساسي في الإسلام،لقوله تعالى: "قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ (1) ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ (2) لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ (3) وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ (4)" (الإخلاص)

---

حكم الاحتفال بالكريسماس في الإسلام

اتفق جمهور العلماء على أن الاحتفال بالكريسماس لا يجوز شرعًا، لأنه عيد ديني خاص بغير المسلمين، والاحتفال به يُعتبر مشاركة في شعائر لا يقرّها الإسلام.

أهم الأدلة الشرعية

أولاً: أدلة من القرآن الكريم

1 ـ قوله تعالى:

> ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾ (الفرقان: 72)
قال ابن كثير: "الزور: أعياد المشركين"
وقال مجاهد والضحاك: "الزور: أعياد أهل الشرك"
✔ هذا تفسير من كبار السلف بأن أعياد غير المسلمين من الزور الذي مدح الله عباده بتركه.

 


---

2 ـ قوله تعالى:

> ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾
الاحتفال بأعيادهم من اتباع ملتهم، أو من مقدماته.

 


---

3 ـ قوله تعالى:

> ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾
العيد من أظهر شعائر الدين، لذلك لا يُشارك المسلم غيره في شعائره الخاصة.

 


---

4 ـ قوله تعالى:

> ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ﴾
والاحتفال بعيد ديني لغير المسلمين موافقة على شعائر دينية أخرى.

 


---

ثانياً: أدلة من السنة النبوية

1 ـ حديث النبي ﷺ:

> "من تشبّه بقوم فهو منهم" (أحمد وأبو داود)

 

قال ابن تيمية:
"أعيادهم من جملة ما يتشبهون بهم فيها."
✔ المشاركة في أعيادهم من أوضح صور التشبه.


---

2 ـ حديث أنس رضي الله عنه:

عندما قدم النبي ﷺ المدينة وكان لهم يومان يلعبون فيهما، قال ﷺ:

> "إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر" (أبو داود)

 

✔ هذا الحديث أصل في منع اتخاذ أعياد غير شرعية، ومن باب أولى عدم مشاركة غير المسلمين في أعيادهم.


---

3 ـ قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

> "لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنزل عليهم"
✔ نهى عن مجرد الدخول عليهم يوم عيدهم، فكيف بالمشاركة والاحتفال؟

 


---

ثالثاً: الإجماع المنقول عن العلماء

1 ـ ابن تيمية (من أكبر من تكلم حول المسألة):

قال رحمه الله:

> "اتفق العلماء على عدم جواز مشاركة الكفار في أعيادهم."
"أعيادهم من أعظم ما يتميّزون به، فالمشاركة فيها موافقة لهم على دينهم."

 


---

2 ـ ابن القيم في أحكام أهل الذمة:

> "التهنئة بشعائر الكفر المختصة بهم حرامٌ بالاتفاق."
"مثل أن يقول: عيد مبارك، أو تهنئة بعيده."

 

✔ هذا نصّ صريح على تحريم تهنئتهم بالعيد.


---

3 ـ قول الإمام مالك:

> "لا يدخل على أهل الذمة كنائسهم، ولا يعانوا على أعيادهم، لأن ذلك تعظيم لشركهم."

 


---

4 ـ قول الإمام أحمد:

> "يُكره للمسلم أن يعطيهم شيئًا في عيدهم."
✔ كراهة تحريم عند الحنابلة.

 


---

5 ـ قول الشافعية:

قال القليوبي والشربيني:

> "يحرم شهود أعياد الكفار ومشاركتهم فيها."

 


---

رابعاً: أدلة عقلية وفقهية

1 ـ العيد شعيرة دينية

العيد ليس مجرد مناسبة اجتماعية؛ بل هو مرتبط بعقائد:

التجسيد

الصلب

الفداء

ألوهية المسيح
✔ وهذه معتقدات ينفيها الإسلام تمامًا.

 

---

2 ـ المشاركة نوع من الرضا بباطلهم

قال العلماء: الرضا بالباطل أشد من فعله.


---

3 ـ سد الذرائع

الاختلاط في الأعياد يؤدي إلى:

تقليدهم

التأثر بعقائدهم

تطبيع رموزهم الدينية في شعائر المسلمين
فجمهور العلماء يسدّ الباب من أصله.

 

---

خامساً: أقوال السلف

1 ـ قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:

> "من بنى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم... حُشر معهم."
✔ هذا نص قوي في التحريم.

 


---

2 ـ قول أبي حفص الحنفي:

> "من أهدى لهم في عيدهم فقد كفر."
(الكفر هنا كفر دون كفر، تشديدًا على خطورة الفعل لا الحكم بالكفر المطلق)

 

---

مظاهر الاحتفال المحرّمة

❌ حضور الاحتفالات الدينية
❌ حضور قداس الكنائس
❌ تبادل التهاني المرتبطة بالعقيدة الدينية
❌ شراء مستلزمات العيد ذات الرمزية الدينية
❌ تعليق الزينات المخصصة لعيدهم


---

هل يجوز مجاملة غير المسلمين؟

الإسلام يأمر بحسن التعامل مع غير المسلمين، لكن مع عدم الاشتراك في طقوسهم الدينية.

المباح:

✔ التهنئة العامة غير الدينية عند بعض العلماء المعاصرين
✔ تبادل الهدايا العادية غير المرتبطة بالعيد
✔ حسن المعاملة واللطف

لكن جمهور العلماء يرى أن ترك التهاني المخصصة للعيد أفضل سدًّا للذريعة.


---

الفرق بين المعاملة الحسنة والاحتفال

المعاملة الحسنة: خلق إسلامي واجب.

الاحتفال بعيد ديني: مشاركة في شعائر محرّمة.

 

---

الخلاصة

❌ الاحتفال بالكريسماس كعيد ديني محرّم.
❌ المشاركة في طقوسه أو قداسه أو رموزه لا يجوز.
✔ يجوز الإحسان والمعاملة الطيبة لغير المسلمين دون الدخول في شعائرهم الدينية.

الأدلة الشرعية من:
✔ القرآن
✔ السنة
✔ إجماع العلماء
✔ فتاوى السلف
✔ القياس الفقهي

image about حكم الاحتفال بالكريسماس في الإسلام: الدليل الشرعي الكامل