موسي عليه السلام في مصر

موسي عليه السلام في مصر

0 المراجعات

نزول التوراة.
السامري.
كل معجزات سيدنا (موسى)، وموته.

تكملة لمقال امبارح، ونهاية الحكاية.

وصل سيدنا (موسى) مع أخوه سيدنا (هارون) -عليهما السلام- لمصر، وبدأت الرسالة.
ومعرفته لأصله، يُقال لأنه افتكر النبوءة اللي كانت بين بني إسـ* ـرائيل فعرف إن هو الشخص اللي مستنيينه.
عرف إنه منهم.
لكن معرفته إنه أخو سيدنا (هارون) مش مذكور حصل ازاي.

أول حاجة عملها جمع بعض الشيوخ من بني إسـ* ـرائيل، وخدهم وراح لـ(فرعون). وبدأ يدعوه لعبادة الله الواحد الأحد، يعني مستناش، بسرعة بدأ في الدعوة.

(فرعون) فضل قاعد سامع كلامهم بملل ولا مبالاة، ولولا إن ربنا نزل عليه السكينة علشان يسمعهم كان قتـ* ـلهم من البداية.
(فرعون) سأل سيدنا (موسى) إنتَ عاوز إيه من كلامك؟؟ فسيدنا (موسى) رد عليه وقال له أعبد الله واترك بني إسـ* ـرائيل وشأنهم.
(فرعون) اتعجب جدًا من طلب (موسى) اللي هو شبه مستحيل، ولكنه متعجب اكتر من انقلابه عليه! فبدأ يفكره بفضله ونعمه وإن هو مبخلش عليه بحاجة ورباه، (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18)) سورة الشعراء.

وبعدين بدأ يتلاعب بيه وفكره بالمصري اللي قتـ* ـله وكأنه بيقول له إنتَ قاتـ* ـل وجاي تكلمني عن الدين، ورمى الجملة بطريقة غير مباشرة ولكنه نبهه إنه لسه فاكر، (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19)) سورة الشعراء.
إنتَ من الكافـ* ـرين بنعمتي يا (موسى) بعد ما أنعمت عليك بيها.
هنا أطلق الله لسان سيدنا (موسى) وقال، (قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20)) سورة الشعراء. كنت شخص ضال وقتها ولكن ربنا تاب عليا. (فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21)) سورة الشعراء. فررت منكم لما خوفت على نفسي، ورمى بكلامه إن لو القتـ* ـيل كان إسرائيـ* ـلي مكنتش هربت ولا كنت خوفت لأنكم مكنتوش هتتحركوا ضدي.

هنا ثار (فرعون) وسأل بغضب، (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23)) سورة الشعراء.
رد سيدنا (موسى)، (قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ (24)) سورة الشعراء.
بص (فرعون) للحاشية بتاعته حواليه وقال بسخرية، (قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25)) سورة الشعراء.
تجاهل سيدنا (موسى) السخرية وكمل كلامه، (قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26)) سورة الشعراء.
(فرعون) ذكي بيتلاعب بسيدنا (موسى) وبيسخر منه قدام قومه، وفي اللحظة دي بص لشيوخ بني إسـ* ـرائيل اللي جايبهم معاه وقلل من سيدنا (موسى)، (قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27)) سورة الشعراء.
ماهتمش سيدنا (موسى) بسخريته وكمل كلامه، (قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (28)) سورة الشعراء.

(فرعون) لسه بيحاول يتلاعب بسيدنا (موسى) ومعتقد إنه ضعيف هيسقط من كلامه، فبص له وقال له:
- وليه معبدش ربك القرون الأولى؟؟ يعني الناس اللي قبلهم وماتوا على كفرهم معبدوش ربك ليه؟؟ (قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَىٰ (51)) سورة طه.
سيدنا (موسى) رد عليه وقال له ربنا أعلم بيهم، (قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ ۖ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى (52)) سورة طه.

(فرعون) مبيسألش من باب المعرفة، (فرعون) كان بيحاول يعجز سيدنا (موسى) بكلامه، ولكن سيدنا (موسى) ملتفتش لكلامه وذكره بخلق الله ونعمه، (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ (53) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَىٰ (54) مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ (55)) سورة طه.
هنا (فرعون) خاف على شعبه من الدين الجديد، ولما حس بالعجز عن الرد استخدم القوة، (قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29)) سورة الشعراء.

سيدنا (موسى) متراجعش، ولكنه بدل كلامه وسأله إذا كان عاوز معجزة أو برهان يثبتله بيها إن دينه صح، (قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ (30)) سورة الشعراء.
سيدنا (موسى) حط (فرعون) في موقف محرج فمقدرش يرفض عرضه علشان ميشكش فيه الموجودين، فوافق، (قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31)) سورة الشعراء.
هنا سيدنا (موسى) رمى عصاه على الأرض، (فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ) سورة الشعراء.
سيدنا (موسى) مسابش لهم مجال يستوعبوا الموقف، فحط إيده في جيبه لتخرج بيضاء، (وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33)) سورة الشعراء.
فاتهمه فرعون بالسحر، (فَلَمَّا جَاءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (36)) سورة القصص.
رد سيدنا (موسى) وقال لهم بتقولوا على معجزة ربنا سحر، (قَالَ مُوسَىٰ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ ۖ أَسِحْرٌ هَٰذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77)) سورة يونس.

(فرعون) واللي معاه من كبراء البلد لما شافوا المعجزتين فكروا ازاي يتخلصوا من سيدنا (موسى) ولكن بطريقة ميثورش بسببها بني إسـ* ـرائيل، فقال لهم إنه ساحر وعاوز يخرجهم من أرضهم، ومقالش مصر علشان يلمس قلوبهم، وختم كلامه بإنه ساب لهم حرية اختيار العذاب اللي يليق بيه، (قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35)) سورة الشعراء.

في لحظة انقلبت الآية وبني إسـ* ـرائيل بقوا هما اللي بيأمروا و(فرعون) مستني أمرهم، وهنا نكتشف مدى ذكاء (فرعون) وسابهم يحسموا قرارهم بإيديهم.
اتردد بنو إسـ* ـرائيل ومكنوش عارفين يعملوا إيه، وبعدين اقترحوا إن يكون عقابه قدام البلد كلها، بمعنى إنه يكرر سحره قدام الناس فيكون عذابه في إيديهم.
وهنا قال مستشاري (فرعون) إنهم هيجيبوا أعتى السحرة عندهم علشان يعملوا نفس اللي هو عمله وبكدا الناس مش هتتأثر بيه، (قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112)) سورة الشعراء.
واتحدى (فرعون) سيدنا (موسى)، (فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى (58)) سورة طه.
وافق سيدنا (موسى) بدون تردد وحدد الميعاد فورًا، (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59)) سورة طه.

بدأت التحديات قدام حشد ضخم، وغالبًا اجتمع في اليوم دا أهل المدينة كلهم.
وقف سيدنا (موسى) قدام السحرة، والناس كلها حاضرة وبتتفرج، وهنا سابوا له الخيار، (قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115)) سورة الأعراف.
(قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ (80)) سورة يونس.
حلفوا بـ(فرعون) وكأنه إلههم وألقوا بعصيهم، (فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (44)) سورة الشعراء.
اتحولت الأحبال والعصى لثعابين، أو سحرت أعين الناس علشان يشوفوها ثعابين.
القرآن وصف السحرة بإنهم عظماء، فتخيل مدى عظمة سحرهم وقواهم، والقرآن دقيق جدًا في وصفه، (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116)) سورة الأعراف.
طمأن الله (موسى)، (قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ (68)) سورة طه.
(وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ (69)) سورة طه.
ألقى سيدنا (موسى) بعصاه فاتحولت لثعبان ضخم ابتلع ثعابينهم في غمضة عين، وقف السحرة قدام الثعبان خايفين ومرعوبين، (فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (45)) سورة الشعراء.
نسيوا كل حاجة، هم أعلم الناس بالسحر، وبالتالي عرفوا إن اللي حصل مش سحر، دي معجزة من عند الله، فسجدوا فورًا وآمنوا برب (موسى) و(هارون)، وهنا كانت الصدمة لـ(فرعون). فقلب الآية، واتهمهم بالخيانة واتفاقهم مع (موسى) علشان يخرجوا بني إسـ* ـرائيل من البلد، وبعد ما اتهمهم هددهم بالعذاب، (قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124)) سورة الأعراف.

السحرة متهزوش بكلامه وطلبوا من ربنا الثبات والصبر على العذاب اللي هيمروا بيه في سبيل الدين.
فضلوا صامدين فعجز (فرعون) قدامهم فنفذ وعده وعذبهم قدام الناس أشد العذاب.
ومعنى العذاب اللي نفذه فيهم، تقطيع الأرجل والأيدي من خلاف هو إنه يقطع الإيد اليمين مع الرجل الشمال، أو العكس.
وبعدين صلبهم لحد موتهم.

وبعدها حرض أتباعه يعذبوا بني إسـ* ـرائيل علشان ميبعدوش عنه ويعتنقوا الدين الجديد، فأمر بقتـ* ـل أبنائهم وترك نسائهم وزود جرعات العذاب ليهم.
سيدنا (موسى) كان بيصبرهم وبيقول:
- كانوا يأذونكم قبل أن آتي وبعد أن أتيت، لن يتبدل شيء.
كبار السن مأمنوش بسيدنا (موسى) بسبب خوفهم من جبروت (فرعون)، ولكن بعض الشباب آمنوا في الخفاء.

(فرعون) جمع أتباعه وقال لهم إنه عاوز يقتـ* ـل سيدنا (موسى)، وخاف من ثورة بني إسـ* ـرائيل فعلل قتـ* ـله له بأنه عاوز يبدل دينهم وهو خايف عليهم من الكفـ* ـر، هنا اتكلم راجل من أهل (فرعون) وقال:
- أتريدون قتـ* ـل رجل يقول أنه رسول من الله، إن كان كاذبًا فله العذاب، وإن كان صادقًا فخافوا من غضب الله بعد قتـ* ـله.
فدافع (فرعون) عن فكرة قتـ* ـل (موسى)، وحاول الراجل بدون فايدة.

ففكرهم الراجل بعذاب القوم اللي كانوا قبلهم، قوم عاد وثمود وقوم نوح. وفكرهم بسيدنا (يوسف) -عليه السلام- إنهم كذبوه وبعدها آمنوا وتابوا، فمش غريب إن ربنا يرسل رسل.

بعد كلام الراجل الناس فكرت وبدأت تبعد عن فكرة قتـ* ـل سيدنا (موسى)، ففكرهم (فرعون) بملكه وبلده وأمواله وخيراته، وبعدين أمر (هامان) بإنه يبني صرح عالي علشان يوصل للسما ويشوف إله (موسى) اللي بيقول عليه.
المصريين القدماء كانوا بيمتلكوا ذكاء عالي جدًا، ولكن طلب (فرعون) كان استهزاء بـ(موسى) وعلشان يوهم أهل المدينة إن مفيش إله زي ما بيقول (موسى).

بعدها بعت منادي ينادي في المدينة إن (فرعون) ربكم الأعلى، (فَحَشَرَ فَنَادَىٰ (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ (24)) سورة النازعات.
هنا أعلن المؤمن إيمانه برب (موسى) قدام (فرعون)، وحاول يدعوهم لعبادة الله الواحد الأحد، ملقاش منهم استجابة فسابهم وخرج. فاتحولت رغبتهم في قتـ* ـل سيدنا (موسى) لقتـ* ـل المؤمن. ولكنه هرب واحتمى بجبل يصلي فربنا حاوط الجبل بالذئاب، ولما راحوا عنده علشان يقتـ* ـلوه أكلتهم الذئاب.

لما زاد عناد (فرعون) ربنا ابتلاه ابتلاء عظيم هو وقومه ومدينته، وبعت له سبع آيات علشان يتقي الله، والسبع آيات معجزات لإثبات كلام سيدنا (موسى).
أول آية: القحط، فماتت النباتات وجفت الأنهار لسنين طويلة لحد ما انهارت الدولة اللي بتعتمد على الزراعة.

تاني آية: نقص الثمرات فمبقاش فيه زراعة نهائيًا.

تالت آية: الطوفان، فزادت المياه وغرقت الدولة.

الآية الرابعة: الجراد، هجم جراد على المدينة وأكل كل شيء، وكان بيهاجم الناس ويدخل عليهم بيوتهم.

الآية الخامسة: القراد، وبسببه التربة فسدت.

الآية السادسة: الضفادع، هجمت الضفادع على المدينة بكثرة غير عادية.

الآية السابعة: الدم، ومعناه انتشار مرض البلهارسيا ومن آثارها انتشار الدماء في البول، فكان العذاب مرير على (فرعون) وقومه.

وبعد كل دا، برضه رفض (فرعون) إنه يصدق ويؤمن.
هنا سيدنا (موسى) دعى عليه وخد بني إسـ* ـرائيل وهرب من المدينة، فحشد (فرعون) جيشه وجري وراه.

سيدنا (موسى) واللي معاه فضلوا يجروا لحد ما وصلوا البحر، ووقفوا.
جيش (فرعون) قرب منهم، وتملك الخوف من قلوب بني إسـ* ـرائيل.
البحر قدامهم ومش معاهم أي سفينة للعبور، ووراهم جيش (فرعون) ومش معاهم أي أسلحة لمحاربتهم، ولما حسوا بالنهاية قالوا لسيدنا (موسى):
- فرعون على وشك البطش بنا.
طمنهم سيدنا (موسى) وقال:
- إن الله معنا.

فأوحى الله له إنه يضرب البحر بعصاه، ولما نفذ الأمر انشق البحر فجأة لنصفين، (فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63)) سورة الشعراء.

اتحرك سيدنا (موسى) بين شقين البحر ووراه بني إسـ* ـرائيل، ولما وصل (فرعون) شاف البحر مشقوق نصين، ولكنه من كتر التكبر وبعد كل المعجزات اللي شافها بعينيه، كمل هو وجنوده ودخلوا بين شقين البحر ورا سيدنا (موسى).

بعد ما سيدنا (موسى) عبر للبر التاني، (فرعون) وجنوده كانوا خلصوا نص المسافة، فأمر الله البحر ينطبق عليهم، (وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66)) سورة الشعراء.

هنا صدق (فرعون) إن فيه رب لـ(موسى)، فنادى على سيدنا (موسى) وقال إنجدني، مقالش يا رب انجدني، وحتى لو آمن فكان بعد فوات الأوان، بعد ما كفـ* ـر بكل الآيات والمعجزات، فربنا جعلة آية.
نجى جسده والأسماك مأكلتهوش، علشان يتعظ كل اللي يشوفه، ولكنه نجاه كجثة بعد ما مات.

ومن الواضح إن بني إسـ* ـرائيل ماكنوش متأكدين من موته، ودا لاعتقادهم إنه إله زي ما كان بيقول لهم، فخرجه ربنا ليهم من البحر وألقاه على صخرة علشان يشوفوه جثة هامدة دون روح.

ورغم موت (فرعون) إلا إن آثاره فضلت محفورة في نفوس بني إسـ* ـرائيل، علمهم الخضوع والمذلة لغير الله، ودا ظهر فيما بعد.

سيناء -اللي عبر ليها بنو إسـ* ـرائيل- تُعد من أوفر مصادر الثروة لمصر. فيها مناجم دهب وأحجار كريمة وغيرها. وبالتالي كانت مدينة مليانة بالحياة، وكان فيها البدو وعمال المناجم وغيرهم من الناس.

في عهد الدولة الوسطى، كانت الآلهة حسب ادعائهم هي "حتحور"، عبارة عن صنم على هيئة بقرة، شيد لها الفراعنة المعابد وابتكروا ليها طرق عبادة كتير.

بنو إسـ* ـرائيل بعد ما عبروا البحر، مروا من جنب معبد أصنام بتتعبد الناس فيه، فشافوهم بيعبدوا الصنم "حتحور"، بصوا لسيدنا (موسى) وقالوا:
- يا موسى اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة.
(وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ ۚ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ) سورة الأعراف.

رغم إن المعجزة لسه حاضرة في أذهانهم، وممرش كتير على غرق (فرعون)، إلا إنهم كفروا بالله بسرعة جدًا، كفروا بربنا اللي فضلهم على العالمين ونجاهم من بطش (فرعون) وجبروته.

سيدنا (موسى) رد عليهم، (قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَٰؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَٰهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140) وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۖ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)) سورة الأعراف.
ندم بني إسـ* ـرائيل واتراجعوا عن طلبهم فورًا بعد ما سمعوا كلام سيدنا (موسى).

انتهت مهمة سيدنا (موسى) الأولى وهي تحرير بني إسـ* ـرائيل، والمهمة التانية هي إنهم يجاهدوا في سبيل الله، وطبعًا كالعادة همَ مش جاهزين لمهمة زي دي.
وعلشان كدا كان من الواجب إن يكون فيه رسالة ربانية مفصلة عن اللي هيعملوه، وهنا ربنا أوحى لسيدنا (موسى) بميعاد لقاء جديد، فساب بني إسـ* ـرائيل عهدة في إيد أخوه (هارون). (وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)) سورة الأعراف.

قبل لقاء ربنا اتطلب من سيدنا (موسى) إنه يختلي بنفسه ويبعد عن كل الأمور الدنيوية لمدة 30 يوم، يتفرغ فيهم للعبادة ليل نهار، فكان بيصلي ويصوم ويتعبد بس، ويرتقي بنفسه تدريجيًا علشان يقدر يكلم ربنا ويسمعه، ولما انتهت الـ30 ليلة، ربنا زود عليهم 10 أيام تانيين.
قيل إن زيادة الـ10 أيام كان حب في سيدنا (موسى) لتقربه أكتر من ربنا، وقيل إنه لسبب تاني لا يعلمه سوى الله عز وجل.

وبعد ما انتهت الأربعين ليلة انتهت المناجاة. ودا لأن جسد سيدنا (موسى) البشري مش هيتحمل أكتر في التعبد الروحاني، أو لأن غيابه عن بني إسـ* ـرائيل أكتر من كدا هيتسبب في كوارث، (وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) سورة الأعراف.

ربنا لما اتكلم مع سيدنا (موسى) من فرط الحب والمشاعر في قلب (موسى) طلب من الله إنه يشوفه، فقال له:
- يا رب، اسمح لي أن أراك.

رد ربنا مكنش بـ"لا" فيكون الرد حاسم بدون نقاش، ولأن الموقف مليان حب ورحمة فربنا سأله عن السبب. وعلل له إن مفيش مخلوق في الكون يقدر يتحمل نور الله وعظمته.
مكتفاش الله -سبحانه وتعالى- بالتعليل لـ(موسى) بل اداله مثال كمان، فقال له فيما معناه:
- انظر إلى ذلك الجبل سأظهر له.

كان فيه جبل بعيد عن سيدنا (موسى) بمسافة مش كبيرة، نظر إليه (موسى)، لحظات والجبل سقط فتات على الأرض. رغم إن الجبل شامخ وعظيم وجماد متحملش نور الله، إيه اللي ممكن يحصل للإنسان المجوف الضعيف، اللي مقدرش يتحمل إنه يشوف جبل زي دا بينهار. وفعلًا لما سيدنا (موسى) شاف الجبل وهو بينهار وقع على الأرض وفقد وعيه.

لما فاق قال: سبحانك تبت إليك. اعذرني يا الله على تجاوزي في طلبي. وقتها ذكره الله بنعمه اللي أنعم بها عليه، (قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ (144)) سورة الأعراف.
خد التوراة يا (موسى) وبلغ بيها قومك، وبعدين أشار له على الألواح. (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا ۚ سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145)) سورة الأعراف.
النقش على الألواح واللي مكتوب عليها كان إلهي من غير أي تدخل بشري.

وقبل ما ينتهي كلام سيدنا (موسى) مع ربه قال له بإن قومه عبدوا عجل، (وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ (83)) سورة طه.
في الآية بيان إن سيدنا (موسى) تعجل الذهاب للقاء ربه وبعد عن قومه إما إنه سابهم قبل الميعاد المحدد، أو قبل ما يستقروا في المكان المحدد، أو سابهم قبل ما يحذرهم من الوقوع في الفتنة، أو ممكن يكون المعنى هنا إنه قبل ما يخرج اختار 70 راجل من أفضل القوم وأحسنهم وكان المفروض إنهم يروحوا معاه ولكنه استعجل الذهاب وتركهم. (قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ (84)) سورة طه.
همَ مش بعيد عني كتير يا رب، وعجلت الذهاب إليك لشوقي إليك. ربنا كان عارف الإجابة من البداية قبل السؤال، ولكنه رمى بالسؤال كعتاب راقي علشان يوضح له إن التعجل كان سبب في فتنة قومه، (قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ) سورة طه.
تكملة الآية وضحت السبب الرئيسي والمباشر في الفتنة وهو الشخص اللي دعاهم للضلالة، (وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)) سورة طه.

اللي حصل إن لما خرج بنو إسـ* ـرائيل من مصر، كانت الستات لابسة الحلي والدهب اللي هو ملك للمصريين.
يُقال إن نساء بني إسـ* ـرائيل استعروه من النساء المصريات للاحتفال بأحد الأعياد، ومجتش فرصة يرجعوه. ولما خرجوا اتخلصوا منه لأنه مش من حقهم.
ويُقال إن الدهب اللي كان معاهم هو بقايا جنود (فرعون)! بعد ما غرقوا خدوه من الجنود كبقايا للحرب وكأنهم هزموهم والله أعلم.
ويُقال إن (السامري) هو اللي طلب منهم التخلص منه علشان يجمعه وينفذ فكرته.

(السامري) كان نحات أو صائغ، ودا لأنه صنع عجل باحترافية غير معهودة باستخدام الدهب اللي جمعه منهم، وخلاه مجوف وحطه باتجاه الريح، تصميمه كان محترف لدرجة إن الفتحات كانت ضيقة فلما كان بيدخل الهوا من دبره "خلفه" ويخرج من أمامه "فمه" كان بيصدر صوت يشبه خوار الجاموس.

ويُقال إنه كان معاه رمل خدها من أثر الرسول والرسول مقصود بيه هنا سيدنا (جبريل) لما كان شاقق البحر قدام سيدنا (موسى)، ومن الممكن إنه يكون سيدنا (موسى) نفسه والله أعلم، المهم إن الفرس اللي كان راكبه سيدنا (جبريل) كان كل ما يمر على الرمل كانت بتدب فيها الروح، فـ(السامري) كان بيجمع الرمل ولما عمل العجل رش عليه الرمل فعمل صوت كأنه حي، ويُقال إنه فعلًا كان بيتشكل كأنه لحم ودم فيعمل صوت. والله أعلم.

بعد ما صنعه خرج لهم بيه فسألوه:
- ما هذا؟
قال لهم:
- هذا ربكم ورب موسى.
قالوا له:
- ولكن كيف وقد ذهب موسى لميقات ربه.
قال لهم:
- نسي موسى وذهب لميقات ربه هناك ولكنه هنا.

هنا جت نسمة هوا شديدة فأصدر العجل خوار، أو رمى عليه الرمال فأصدر الخوار. فصدقوه وعبدوه، (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَٰذَا إِلَٰهُكُمْ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ (88)) سورة طه.

لما سيدنا (هارون) عرف قال لهم:
- يا قوم إنها فتنة واختبار من ربكم اتبعوني واعبدوا الله الواحد الأحد، (وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90)) سورة طه.

هنا انقسم بنو إسرائيل لفريقين، أقلية مؤمنة تمسكت بدين الله، وأغلبية كافرة تمسكت بعبادة الأصنام.

استمر سيدنا (هارون) في النصيحة وفكرهم بالمعجزات، ولكنهم استضعفوه وقالوا له إنهم مش هيتراجعوا عن عبادة العجل إلا بعد رجوع (موسى) ليهم، (قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ (91)) سورة طه.
استضعفوا سيدنا (هارون)، ففضَّل الصمت واستنى أخوه ومحطمش العجل علشان مايتسببش في فتنة فتقوم حرب أهلية، وهو متيقن إن سيدنا (موسى) بشخصيته القوية هيحط حل للي بيحصل بأقل الخساير.

لما قرب سيدنا (موسى) من مكانهم، سمع أصوات رقص وغناء، ودا لأنهم كانوا بيعملوا طقوس العبادة للعجل.

أول ما ظهر قدامهم ساد الصمت، الكل سكت، والهدوء طغى على المكان، ووقفوا كلهم ناظرين ليه.
استمر الصمت لحد ما قطعه سيدنا (موسى) بتوبيخه ليهم واستنكاره للي بيعملوه. (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي) سورة الأعراف. (أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا) سورة طه.
مش ربنا وعدكم بالجنة وخير الجزاء؟ حسيتوا إن وعده اتأخر؟ (أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ) سورة طه.
ولا بعد ما اتأخرت عليكم افتكرتوني مت أو توهت فتعجلتوا أمر ربنا وعصيتوه، (أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي (86)) سورة طه.

اتجه سيدنا (موسى) ناحية أخوه (هارون) ومن شدة غضبه رمى الألواح المقدسة على الأرض فاتكسرت، وبعدين مسكه من راسه ولحيته وشده جامد، (وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) سورة الأعراف. (قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93)) سورة طه.
إيه اللي منعك يا (هارون) وخلاك تسكت عليهم، ألا تتبعني وتعبد الله مثلي؟ (قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94)) سورة طه.
خشيت يا ابن أمي أن أجبرهم بالقوة فيتـ* ـقاتلوا فتسألني عن دماء الضحايا ولمَ لم أنتظرك. (قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150)) سورة الأعراف.
يا ابن أمي همَ استضعفوني وكانوا هيقتـ* ـلوني، متشمتهمش فيا ومتظنش فيا السوء.
أدرك سيدنا (موسى) وقتها إن تصرف أخوه كان صح، فاستغفر الله على غضبه واستغفر لأخوه.

التفت لقومه فبرروا فعلتهم بإنهم اتخلصوا من حلي مش ملكهم، ولكن (السامري) هو اللي فعلها.
فالتفت لـ(السامري)، ولما شافه تمالك نفسه وبدأ يهدى بعد ما كان غاضب، وبعدين سأله بكل هدوء، (قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95)) سورة طه.
كان رد (السامري) أنه لما نزل سيدنا (جبريل) في معجزة شق البحر كان راكب فرس الحياة، وأي حاجة بتعدي عليها الفرس دي بتدب فيها الحياة بإذن الله.
(السامري) وقتها خد قبضة من التراب اللي وقفت عليه فرس سيدنا (جبريل). معنى كدا إن (السامري) شاف اللي مشافهوش حد، وعرف مكان التراب اللي لمسه سيدنا (جبريل)؟ (قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا) سورة طه.
(جبريل) اتسمى بالرسول لأنه رسول الله لأنبيائه وناقل الوحي للرسل، وبالتالي التراب دا غالبًا هو سبب خوار العجل.
ومنعرفش لحد دلوقتي ازاي (السامري) شاف (جبريل) اللي مستحيل يشوفه بشر.
ويُقال في رواية تانية إنه كان يقصد بالرسول سيدنا (موسى)، وقوله أبصرت ما لم يبصروه إنه علم ضلال (موسى) وإن الحق أن لا إله كما يدعي. ونعته بالرسول لأنه كان بيؤمن بيه، وخد قبضة من التراب من تحت رجل سيدنا (موسى). وبعدها فتن بنو إسـ* ـرائيل بالعجل علشان يعبدوه.

أصدر سيدنا (موسى) عقابه لـ(السامري) على إنه هيكون منبوذ من الناس ومش هيسمعه حد لو اتكلم، ومش هيقدر يتكلم تاني مع حد، فكان جزاؤه هجر الناس، (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97)) سورة طه.
بعدها سيدنا (موسى) حرق العجل وصهره وبعدين رماه في البحر علشان يثبت لهم إنه عاجز عن حماية نفسه.
هنا عرفوا إنهم على ضلالهم وسألوا الله يغفر لهم.

في تفسير تاني لعالم دين محدش اعترض معاه ولا اتفق واعتبروه اجتهاد منه.
قال إن (السامري) شاف سيدنا (جبريل)، وإن سيدنا (جبريل) ملَك، والملايكة مبتتشافش غير من الأنبياء والشياطين والجن والمسيح الدجال، لكن البشر متقدرش تشوف الملايكة إلا لو ربنا أرسل لهم وحي زي السيدة (مريم) العذراء.
ولما سيدنا (موسى) رجع وكان غاضب جدًا التف للـ(سامري) وقال له بكل هدوء ما خطبك، رغم إنه كان في موقف العقوبة فيه على الأقل القتـ* ـل، ومعروف عن سيدنا (موسى) إنه بيغضب وبيثور وشيء غريب جدًا إنه يكلمه بهدوء!
كمان قال له عقابك إن محدش يمسك في الدنيا وليك ميعاد لن تخلفه، يعني برضه سابه طليق منبوذ من الناس.
بعد ما العالم جمع كل التفسيرات دي قال إن بنسبة كبيرة جدًا (السامري) هو المسيح الدجال، وعايش من زمن طويل جدًا منبوذ مستني وقت الخروج في الميعاد اللي لن يخلفه. والله أعلم.

إنهاء للموضوع وإغلاق لباب العقوبات، وضح سيدنا (موسى) عقوبة عبدة العجل، فقال لهم:
- توبوا لخالقكم وعاقبوا أنفسكم في الدنيا إتقاءً لعقاب الآخرة.
سألوه عن طريق التوبة فكان رده إن مفيش غير طريقة واحدة، وهي إن المؤمن يقتـ* ـل الكافـ* ـر.

العقاب دايمًا من جنس العمل، ولأن العمل هنا كان إهدار لحياة العقول وقتل لصحوة الفكر اللي بتميز بني آدم عن غيرهم من المخلوقات، بالتالي كان العقاب هو إزهاق حياة الجسد نفسه كما أُزهق العقل من قبله، فلم يعد يفرق الإنسان عن الحيوان والجماد بشيء.

وقد كان، استجابوا للأمر الصعب، فبدأت الفئة اللي ماعبدتش العجل في حمل الخناجر وإزهاق أرواح عبدة العجل، (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)) سورة البقرة.

ويُقال إنهم قتـ* ـلوا أنفسهم بأنفسهم. والله أعلم.

الاختبار كان أصعب ما يكون على من قَتَـ* ـل ومن قُتِـ* ـل. وعلشان كدا كانت التوبة مقبولة، فربنا غفر للقاتـ* ـل والمقتـ* ـول.
فقيل كُتب للقاتـ* ـل عفو وللمقتـ* ـول شهادة.

ربنا اختبر صبرهم وطاعتهم ورغبتهم في التوبة، وبعدها رحمهم وعفا عن البقية فأصدر الأمر الإلهي بالتوقف عن القتـ* ـال، يعني مش كل اللي أذنب مات، ضحى القليل في سبيل إرضاء الله والخطأ اللي ارتكبوه، فربنا تاب عليهم.

وبعد ما مشي (السامري) سيدنا (موسى) هدي ومسك الألواح علشان يعلمهم ما أرسله به الله، فطلبوا منه إنه يقرأها لو كانت سهلة التطبيق هيطبقوها، ولو كانت صعبة مش هيطبقوها.

قال لهم إنها من عند الله وشريعة لازم تطبق من غير جدال، فشككوا بيه مرة تانية، وقالوا له ليه ربنا كلمك ومكلمناش احنا!

هنا نزل عليهم عقاب فوري، ربنا أرسل ملايكة رفعت الجبل فوقهم، فكان الأمر الواقع إما يصدقوا الشريعة أو يموتوا. المنظر مهيب، مفيش حد يستحمل منظر زي دا. وكان الأمر واضح، آمنوا وإلا وقع الجبل عليكم، (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171)) سورة الأعراف.
أطاعوا الأمر وسجدوا دون نقاش، فأُجبروا إنهم ياخدوا بالتوراة وأحكامها.

بعدها سيدنا (موسى) خد سبعين راجل منهم وكانوا أفضلهم، طلب منهم التوبة والصيام والصلاة، خدهم ومشي بيهم للجبل علشان يتكلم مع ربنا ويسمعوه، لعلها تكون المعجزة الأخيرة.
الغريب إنهم بعد ما سمعوا صوت ربنا طلبوا من سيدنا (موسى) إنهم يشوفوه، ولو مشافوش ربنا مش هيؤمنوا، (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً) سورة البقرة.

تخيل معايا!! قادر تستوعب إن إنسان ممكن يسمع صوت الله وميؤمنش بيه، تخيلوا كفـ* ـرهم واصل لإيه!

سبحان الله، يُقرنون إيمانهم برؤية الله، مطلبوش يشوفوه علشان يزدادوا يقين، دول طلبوا الرؤية علشان يؤمنوا، وعلشان كدا نزل عقابهم فورًا، فأخذتهم الرجفة والصاعقة ليموتوا أبشع موتة في غمضة عين، (فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (55)) سورة البقرة.
(وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَاتِنَا ۖ فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) سورة الأعراف.

سيدنا (موسى) فكر في قومه اللي سابهم وخد أفضل سبعين راجل منهم، ازاي هيرجع من غيرهم، فدعا الله يحييهم. رحمة ربنا كانت كبيرة جدًا، فاستجاب لدعوة نبيه وأحياهم بعد موتهم، (ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56)) سورة البقرة.
أغلب الظن إن في الوقت دا بلغ الله بني إسـ* ـرائيل إن فيه نبي هيظهر وهيكون خاتم المرسلين. وعلشان كدا اتذكر سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- في التوراة عندهم، (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)) سورة الأعراف.

كملوا مسيرتهم ناحية الشام، فاختار سيدنا (موسى) 12 شخص منهم، علشان يكونوا نقباء عنهم. أمرهم إنهم يروحوا لبيت المقدس ويشوفوا الناس اللي عايشين هناك ويرجعوا يحكوا له عنهم، مدى قوتهم، حياتهم عاملة ازاي، علشان يكونوا عارفين عن اللي هيتـ* ـقاتلوا معاهم.
وقال لهم سيدنا (موسى) المعلومات دي محدش يعرفها غيره، ولما رجعوا دخلوا عليه وهو قاعد مع بني إسـ* ـرائيل وبلغوه بإن البلد دي مليانة خير، ولكنهم قوم أشداء أقوياء.
وبدأ كل نقيب في تحذير المسئول عنهم من القتال لأنهم ضعفاء، باستثناء اتنين من النقباء كان رأيهم العكس، كانوا عاوزين يقاتـ* ـلوا.
سيدنا (موسى) أمرهم بالدخول والقتـ* ـال لحماية بيت المقدس، بيت الله. ودا كان امتحانهم النهائي بعد مرورهم بكل المعجزات اللي فاتت.
قالوا له إنهم خايفين وإن هناك قوم جبارون، وبدأوا في البكاء وهمَ بيقولوا:
- لو كانت حياتنا انتهت في مصر كان أفضل، لن ندخل البلدة إلا إذا خرج أهلها.

يُقال أن عدد بني إسـ* ـرائيل في الوقت دا كان 600 ألف، اتنين بس اللي وافقوا على القتـ* ـال وساعدوا سيدنا (موسى) بإقناعهم. كانوا من ضمن الـ12 نقيب، وأغلب الظن إنهم سيدنا (يوشع) ابن (نون) فتى (موسى) في قصة الخضر النبي اللي هيتسلم النبوة بعده، و(كالب) ابن (يوقنا)، (قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)) سورة المائدة.
روح يا (موسى) قاتـ* ـل أنتَ وربك، يا الله على بشاعة الجملة!
روح إنتَ وربك، حارب إنتَ وربك احنا مش هنحارب، مقالوش ربنا، قالوا ربك، يعني لسه لحد دلوقتي مش مؤمنين بالله، تخيل مدى بشاعة الجملة. (قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ۖ فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25)) سورة المائدة.
يا الله أنا لا أملك سوى نفسي وأخي، هننفذ قوانينك وشريعتك وفرق بينا وبينهم همَ قوم كافـ* ـرون.
هنا ربنا حكم على الجيل دا بالتيه أربعين سنة، علشان يشيخوا ويموتوا فيكبر الصغيرين على الشريعة وينسوا الذل والمهانة.

ومن رحمة الله عليهم مسابهمش لوحدهم في الصحراء من غير طعام ولا شراب، فبعت لهم سحابة تظللهم من الشمس، وبعت لهم المن والسلوى كطعام ليهم.
المن: مادة طيبة بتفرزها أشجار الفاكهة.
والسلوى: طير.
ربنا بعت لهم رزقهم من غير جهد، فيناموا ويصحوا ويلاقوا قدامهم المن والسلوى علشان ياكلوا من غير جهد طول الإسبوع، ولكن بشرط أساسي عدم تخزين الأكل، واللي كان بيخزن بيصحى تاني يوم من النوم يلاقي الأكل فاسد ومليان دود.
الأكل كان بيجيلهم كل يوم إلا يوم السبت، لأنه يوم العبادة، وبالتالي أكل يوم الجمعة هيكون مضاعف.

ولما اشتد احتياجهم للمياه ضرب سيدنا (موسى) بعصاه الحجر فانفجرت 12 بئر.
رقم 12 مكنش عبثي، دا عدد أولاد سيدنا (يعقوب)، وبالتالي بينقسم بنو إسـ* ـرائيل لـ12 سبط.

وبعد كل دا، برضه اتمردوا على الأكل اللي بيقدمه ربنا رزق ليهم، وسابوا اللحم وطلبوا العدس والبصل، فتعجب سيدنا (موسى) وقال لهم:
- أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، اذهبوا إلى مصر بها ما تريدون، (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ۖ قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ۚ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ۗ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)) سورة البقرة.

في يوم من الأيام لقوا جثة واحد وكان من الأغنياء، معرفوش مين اللي قتـ* ـله، فلجأوا لسيدنا (موسى)، فقالوا له:
- الجأ لربك.

يُقال إن القتـ* ـيل كان غني جدًا وله وريث واحد هو ابن أخوه ولكنه فقير جدًا، ولما حس إن أجله طال قتـ* ـله علشان يورثه.
وبعدين نقل جثته لبيت واحد تاني لتثبيت التهمة عليه، ولما سيدنا (موسى) راح للولد، فدعا الولد على الشخص اللي لقوا عنده الجثة علشان يتأكد إنه الشخص دا هو اللي قتـ* ـل عمه.
بينكر الشخص وبطبيعة الحال لجأوا لرسول الله، (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ۖ وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72)) سورة البقرة.
قال لهم سيدنا (موسى):
- الله يقول لكم اذبـ* ـحوا بقرة ومن خلالها ستعلمون من القاتـ* ـل.

وكعادة الأوامر الربانية كلها بتكون محاطة بحكمة عظيمة فاختيار البقرة مكنش عادي.
رجعوا تاني للسخرية والاستهزاء بسيدنا (موسى)، (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67)) سورة البقرة.

وكالعادة بدأوا في أسئلتهم، هل المقصود بقرة عادية أم بقرة محددة، (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ) سورة البقرة.
فدعا ربنا وجيه الأمر إنها بقرة متوسطة السن مش عجوز ولا صغيرة، فاذبـ* ـحوها وبطلوا أسألة، (قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَٰلِكَ ۖ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68)) سورة البقرة.
ازدادوا في العناد وسألوه عن لونها، بيجبروه يكلم الله علشان يسأله عن أمر تافه زي دا، ونسيوا إن كلام الله لا جدال فيه، وكأنهم بيستخفوا باللي بيعمله سيدنا (موسى) مع ربنا، ولكن سيدنا (موسى) صبر عليهم وسأل ربنا فقال له إنها بقرة صفراء زاهية تسر كل من ينظر لها، (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69)) سورة البقرة.
نلاحظ هنا للمرة المليون إنهم بيقولوا ربك وليس ربنا، لحد دلوقتي مش قادرين يؤمنوا.
قالوا له احنا شايفين كل البقر سواسية، ادعوه يبين لنا صفاتها، (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70)) سورة البقرة.

لو كانوا جابوا أي بقرة من البداية ودبحوها كانت المعجزة هتتحقق، ولكن جدالهم هو اللي عجز في أمرهم، ويُقال إن اختيار البقرة لأنهم عبدوا العجل قبل كدا، وإثبات بعد ما يدبحوها إنها مخلوق ضعيف لا يقوى على حماية نفسه، فالمعجزة الربانية مش محتاجة لبقرة علشان تتحقق، (قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا) سورة البقرة. (قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) سورة البقرة.
أخيرًا عرفوا البقرة اللي بيتكلم عنها. (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71))) سورة البقرة.

يُقال إنهم كانوا على وشك يبعدوا عن دبح البقر أساسًا، وبعد الحادثة دي رجعوا يدبحوهم تاني.

بعد ما البقرة اتدبحت، سيدنا (موسى) مسك قطعة منها وضرب بيها جثة القتـ* ـيل فرجع للحياة مرة تانية، وسأله مين قتـ* ـلك! فقال لهم على القاتـ* ـل ومات مرة تانية.
سيدنا (موسى) -عليه السلام- للمرة اللي ملهاش عدد بيعمل قدامهم معجزة، وبرضه بيفضلوا على ضلالهم.
(فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73)) سورة البقرة.

استمرت فترة التيه، وقبل انتهاء الأربعين سنة توفي سيدنا (هارون) -عليه السلام-، وبعده بـ3 سنين جيه أجل النبي الكليم سيدنا (موسى) -عليه السلام- وتوفي عن عُمر يناهز 120 سنة.
أغلب الظن إن سيدنا (موسى) توفي قبل انتهاء فترة التيه، ومسك بعده أحوال بني إسـ* ـرائيل سيدنا (يوشع) ابن (نون) فتى سيدنا (موسى) في قصة الخضر.

وانتهت رحلة المعجزات اللي لا تُعد ولا تحصى بموت سيدنا (موسى)، علشان تبدأ رحلات تانية كتير بعده وما زال بني إسـ* ـرائيل متمسكين بكفـ* ـرهم حتى يومنا هذا.

-
وآخرًا كلها اجتهادات من العلماء في تفسير كتاب الله، والله أعلى وأعلم..

المصادر:
القرآن الكريم.
ابن عباس.
البخاري.
أحمد بن شهيب النسائي.
ابن كثير.
الطبري.
القرطبي.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

20

متابعين

28

متابعهم

160

مقالات مشابة