وتنصفت خير ايام الدنيا

وتنصفت خير ايام الدنيا

0 المراجعات

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، نعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أما بعد عباد الله: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]. إخوة الإيمان؛ يقول الله تعالى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} [الشورى: 19]؛ قال الإمام السعدي: "يخبر تعالى بلطفه بعباده ليعرفوه ويحبوه، ويتعرضوا للطفه وكرمه، واللطف من أوصافه تعالى معناه: الذي يدرك الضمائر والسرائر، الذي يوصل عباده - وخصوصًا المؤمنين - إلى ما فيه الخير لهم من حيث لا يعلمون ولا يحتسبون. فمن لطفه بعبده المؤمن أن هداه إلى الخير هداية لا تخطر بباله، بما يسَّر له من الأسباب الداعية إلى ذلك، من فطرته على محبة الحق، والانقياد له، وإيعازه تعالى لملائكته الكرام، أن يثبِّتوا عباده المؤمنين، ويحثُّوهم على الخير، ويُلقوا في قلوبهم من تَزْيِينِ الحق ما يكون داعيًا لاتباعه.

ومن لطفه أنْ أَمَرَ المؤمنين بالعبادات الاجتماعية، التي بها تقوى عزائمهم، وتنبعث هِمَمُهم، ويحصل منهم التنافس على الخير والرغبة فيه، واقتداء بعضهم ببعض[1]. ومن لطفه سبحانه أن يرزقهم الإيمان ويهدي قلوبهم إليه، ويدلهم على الخير، ويعينهم عليه، ويسددهم في كل طريق، وما يزال بهم حتى يريهم كل جميل[2]. ومن لطفه سبحانه أن جعل لهم أيامًا ومواسمَ يُغْدِق لهم فيها العطايا، ويسهل لهم فيها أسباب نَيل محبته ورضوانه، وحثُّهم على التعرض لفضله؛ ليفيض عليهم من رحمته وبره، ومغفرته وعتقه، ومن تلك المواسم هذه الأيام التي مضى شطرها؛ التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام أعظم ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكْثِروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد»؛ (رواه الإمام أحمد، وصححه أحمد شاكر، والأرنؤوط، وحسَّنه ابن باز).

اللهم اجعلنا من المسارعين في الخيرات يا حي يا قيوم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. فالوصية الرابعة هي العناية الفائقة بيوم عرفة للحاج وغير الحاج، والتعرض في هذا اليوم لرحمة الله، ويجهد في طلب مغفرته والعتق من النار؛ عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه لَيدنو، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء» ؟؛ (رواه مسلم). وقال النووي رحمه الله: "إن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة معناه: يُظْهِر فضلكم لهم، ويريهم حسن عملكم، ويثني عليكم عندهم". وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: "ويوم عرفة هو يوم العتق من النار، فيعتق الله تعالى من النار من وقف بعرفة، ومن لم يقف بها من أهل الأمصار - أي البلدان - من المسلمين؛ فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدًا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم، من شهد الموسم منهم، ومن لم يشهده؛ لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة".

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

1

followers

1

followings

1

مقالات مشابة