حكم الخروج علي الحاكم المسلم ولو كان فاسقا.

حكم الخروج علي الحاكم المسلم ولو كان فاسقا.

0 المراجعات

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أطاع الأمير فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله ومن عصى الأمير فقد عصاني ومن عصاني فقد عصا الله (متفق عليه) .

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كره من أميره شيئا فليصبر فأنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية (متفق عليه).

اعلم رَحِمك الله أنّهُ قَدْ نَقَل إِجْماعَ الأُمَّةِ عَلَى حُرْمَةِ الخُروجِ عَلَى الحَاكِمِ الجَائِر جَمْعٌ مِن أَهْلِ العِلْمِ المحَقّقِينَ، وَإِلَيْكَ أَقْوَالهم مَعْزُوَّةً إِلَى مَضَانّها:

قَالَ الإمَام أبُو الحَسَن الأشْعَرِي:
«الإجمَاعُ الخَامِسُ وَالأرْبَعُونَ:
وَأَجْمَعُوا عَلى السَّمْعِ والطَّاعَةِ لِأئِمَّةِ المسْلِمِينَ وَعَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ شَيْئاً مِنْ أُمورِهِم عَنْ رِضَى أَوْ غَلبَةٍ وامتَدَّتْ طاعَتُه مِن بَرّ وفَاجرٍ لاَ يَلْزَمُ الخرُوج عَلَيْهِم بِالسَّيْفِ جَارَ أَو عَدَلَ، وعَلَى أَنْ يَغْزُوا مَعَهُم العَدُو، ويحجّ مَعهم البَيت، وتُدفَع إِلَيهِمْ الصَّدَقَات إِذَا طَلَبُوهَا ويُصَلَّى خَلْفَهُم الجُمع والأَعْيَاد»"رِسَالَة لأَهْلِ الثُّغُورِ بِبَابِ الأَبْوَاب لِأَبِي الحسَن الأَشْعَرِي".

ويقول الإمام الطحاوي في " شرح العقيدة الطحاوية " ( 2/540) :
( ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ولا ندعوا عليهم ولا ننزع يدا من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله  عز وجل  فريضة ما لم يأمروا بمعصية وندعو لهم بالصلاح والمعافاة).

وقد حكىٰ الإمام النووي الإجماع على حرمانيّة الخروج على الحاكم حيث قال في شرحه لصحيح مسلم ( 12/ 229 ) : ( وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين ) .

ونقل الإمام  ابن حجر في فتح الباري ( 13/ 7 ) عن ابن بطال فقال : ( وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح ) .

وقَالَ ابْنُ بَطَّة رَحِمَه الله: «وقَدْ أجْمَعَت العُلماءُ مِن أَهْلِ الفِقْهِ والعِلْم والنُّسَّاك والعُبَّاد والزُّهَّاد مِن أوَّل هَذِهِ الأُمَّةِ إلى وَقْتِنَا هَذا: أنَّ صلاةَ الجمُعَة وَالعِيدَيْنِ ومِنَى وعَرَفَات وَالغَزْو مَع كلِّ أَميرٍ بَرٍ وفَاجِرٍ... والسَّمْع والطَّاعَة لِمن وَلُّوه وَإنْ كَانَ عَبْداً حَبَشِياً إِلا فِي مَعْصِيةِ الله تَعَالى، فَلَيْسَ لمخْلُوقٍ فِيهَا طَاعَة»"الإبَانَةُ الصُّغْرَى" (ص: 279).

وقَالَ الإِمَامُ النَّوَوِي رحمه الله: « أَمَّا الْخُرُوجُ عَلَيْهِمْ وَقِتَالُهُمْ فَحَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانُوا فَسَقَةً ظَالِمِينَ، وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْتُهُ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ السُّلْطَانُ بِالْفِسْقِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الْمَذْكُورُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ، وَحُكِيَ عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ أَيْضًا فَغَلَطٌ مِنْ قَائِلِهِ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ. قَالَ الْعُلَمَاءُ وَسَبَبُ عَدَمِ انْعِزَالِهِ وَتَحْرِيمِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْفِتَنِ وَإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَفَسَادِ ذَاتِ الْبَيْنِ فَتَكُونُ الْمَفْسَدَةُ فِي عَزْلِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي بَقَائِهِ »"شَرْحُ صَحِيحِ مُسْلِم لِلإمَامِ النَّوَوِي (12/229)."

وقَالَ الحُسَيْن بْنُ عَبْدِ الله بن مُحَمد الطَيبِي: « وأمَّا الخُرُوجُ عَلَيْهِمْ وَتنَازعهِم (هكذا) فَمُحرَّمٌ بِإِجْمَاعِ المسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانُوا فَسَقَةً ظَالِمينَ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ السُنَّة عَلَى أَنَّ السُّلْطَانَ لاَ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ؛ لِتَهْيِجِ الفِتَنِ فِي عَزْلِهِ، وَإِرَاقَة الدِّمَاءِ، وَتَفَرُّق ذَاتِ البَيْنِ، فَتَكُونُ المفْسَدَةُ فِي عَزْلِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي بَقَائِهِ »"الكَاشِفُ عَنْ حَقَائِقِ السُّنَنِ" 
وقدّ دلّتْ السنّة النبوية الشريفةِ بالنّهي على الخروج على الحاكم وإن كان ظالِماً، لأنّ الخروج فيه المفسدةَ أكثر من المصلحة، وعدم الخروج أولى لحقن النفس والدماء والابتعاد عن الفتنّة بين أبناء الدولة الواحدة فاسمع تَغَنَمْ. 
أحمد أبواليزيد.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

1

followers

1

followings

1

مقالات مشابة