كتاب "لغز الحياة "  عن المؤلف مصطفى محمود

كتاب "لغز الحياة " عن المؤلف مصطفى محمود

0 المراجعات

لمن ينصح بهذا الكتاب ؟
•للمهتمين بالنظرة الإسلامية نحو العلوم .
•للمتسائلين عن طبيعة العلاقة بين العلم و الأديان .
•لمن يريد معرفة ماهية الوجود من المقاربة الإسلامية .

• عن الكاتب 
صدر الكتاب عام 1967 م , و يشرح مدى تحير الألغاز ز معجزات الحياة , و الناجم عن الزيادة في تقدم و تطور العلم عبر العصور . و يناقش الكتاب النظريات العلمية الكبرى من منظور يجمع بين العلم و الدين .

• عن المؤلف
مصطفى محمود : مفكر و طبيب و كاتب و أديب مصري , درس الطب , و لكنه تفرغ للكتابة و البحث , ألف 89 كتابا منها الكتب العلمية و الدينية و الفلسفية و الاجتماعية و السياسية , إضافة إلى الحكايات و المسرحيات و قصص الرحلات , و يتميز أسلوبه بالجاذبية مع العمق و البساطة , توفي عام 2009 م , من مؤلفاته :"في الحب و الحياة ", و "رحلتي من الشك إلى الإيمان ", و "حوار مع صديقي الملحد ".

•إقتباس

"وقد كنت دائمًا أشعر بأنّ في طبيعة الحياة على بساطتها سرًّا عميقًا ولغزًا معجزًا يستحقّ التأمل الطويل والبحث المتصل، كانت الحياة دائمًا تشغلني"

•المقدمة 

لا شكّ أنّ التطوّر عظيم الشأن للعلوم كافةً، هو ما قاد البشرية للرفاه الذي يمتاز به عصرنا الحاليّ، فمن العلوم الحيوية تعرّف الإنسان على كائناتٍ لم يكن يدرك وجودها على نفس الكوكب الذي يسكنه، ومن العلوم الفيزيائية نجح البشر في تقدير المسافات الحقيقية التي تفصلنا عن الكواكب المزيّنة لسمائنا، ومن العلوم الإنسانية نبعت كلّ أشكال الكتب والنظريات التي تقلّص الفجوة بيننا وبين ذواتنا الداخلية، فأصبحنا أو كدنا نفكّ طلاسم النفس البشرية المعقدة، بل وبرمجتها بالشكل الذي يخدم مصالحنا وأهدافنا الخاصّة، ولكن، لا تزال حقيقة الحياة لغزًا حتى على أكثر العقول براعةً وحكمةً، ولا يزال السبب وراء وجود الأشياء وقوانينها عصيًّا على الفهم العلميّ الجافّ، فليس من الصحيح أن تفصل المخلوقات عن خالقها، ولن تجدي كلّ محاولاتك إن التزمت دراسة المادة دون سبر أغوار جوهرها الروحيّ، فكيف يمكننا التوفيق بين المادة والروح والدين في الدراسة العلمية؟ تلك هي الإجابة التي سيقدمها لك هذا الكتاب.

•كانت الكائنات الحية الآولية تتكاثر بطريقة بسيطة 

لتحافظ الكائنات الحيّة على نوعها عليها أن تجد طريقةً لتتأقلّم مع الظروف البيئية من حولها، مثلًا يتحرك نبات دوار الشمس باتجاه الشمس لتساعده أشعتها على النموّ، ويكسر الصوص البيضة من جزئها الهشّ ليخرج منها إلى الحياة، وتلتئم الجروح عند الإنسان بعد تعرضه للحوادث كي لا تكون سببًا بغزو الجراثيم لجسده ثم قتله، يكمن السرّ في قدرة الكائنات الحية على البقاء في فطرتها التي وجدت عليها، فلم تكن الكائنات البدائية مثل الميكروبات تفنى بعد وصولها إلى الشيخوخة، إنما بحادثٍ خارجيٍّ مثل نفاد الغذاء أو حين تصبح وجبة طعامٍ للكائنات الكبيرة، فهي خليةٌ جسميةٌ واحدةٌ تقوم بالوظائف الحيوية كافةً مثل الحركة والطعام، وفور نضجها تنقسم انقسامًا متساويًا؛ ينتج هذا الانقسام نفس الخلية.

ولكن بعد تطوّر هذه الكائنات وظهور الأنواع الراقية والأكثر تعقيدًا، ظهرت الشيخوخة، إذ أصبح الشكل الجديد للكائنات الحية يتكاثر بنقل جيناته من جيلٍ لآخر بالتكاثر الجنسيّ وليس بالتضاعف، فتلاشت قدرة الخلايا على التجدد وأصبح الموت ضريبة هذا التطور، إذ تصل الخلية لآخر عمرها بعد أن تتضاءل قدرتها على البقاء نتيجة الهرم والشيخوخة، ولكن ما فائدة هذا التطوّر؟ يقول علماء الأحياء بأنّ التّطوّر الجنسيّ ساعد الكائنات الحية على إنتاج جيلٍ جديدٍ أكثر مقاومةً لتغيّر الظروف البيئية؛ إذ تحدث طفراتٌ جينيةٌ جديدةٌ تؤدي إلى نشوء جيلٍ بصفاتٍ أكثر كفاءةً وقوّةً من صفات الجيل السابق، بينما كانت الكائنات البدائية تتضاعف بنفس الخلايا ونفس الجينات الضعيفة.

وفي جانبٍ آخر فإنّ الكائنات الحية جميعها تحتاج إلى الطاقة التي تحصل عليها من الغذاء بطرقٍ مختلفةٍ، وقد كانت الكائنات الحية البدائية تتغذى من مصدرٍ بسيطٍ، عبر تخمير مياه المستنقعات وتحويلها إلى موادّ كحوليةٍ بسيطةٍ، وحال جفاف المستنقعات كانت تموت بأعدادٍ هائلةٍ، إلى أن أرشد الله تعالى إحدى الكائنات ذات اللون الأخضر لإنتاج مادة الكلوروفيل، المادة الأساسية للتمثيل الضوئيّ، لتحويل ضوء الشمس إلى طاقةٍ كهربائيةٍ عاليةٍ، ويؤدي ذلك إلى تحليل الماء إلى غاز الأكسجين، وإطلاقه في الجوّ، والذي تحتاجه بقية الكائنات الحية في عملية التنفس؛ كما ويساعدها على حرق السكر الموجود في غذائها، والذي يعطي الجسم الطاقة للحركة والنشاطات اليومية، بينما كانت دورة تطوّر الحشرات مختلفةً؛ وذلك ما ستتعرف عليه في الفصل الآتي.

•تتحمل الحشرات أقصى الظروف بنظامها المدهش 

حافظت الحشرات منذ القدم على وجودها على الأرض بالرغم من ضعفها، وذلك لعدة أسبابٍ منها أنّ بإمكانها التغذّي على أي شيءٍ، وبسبب آلياتها الدفاعية المختلفة؛ إذ تحمي مادة الكايتين (Chitin) الصلبة أجسام الحشرات الضعيفة، ومنها ما يحمي نفسه بحقن السّمّ في جسم عدوّه، والسبب الأهمّ هو وضعها البيوض بأعدادٍ هائلةٍ جدًّا، فعلى سبيل المثال، يعيش النمل في بيتٍ يبنيه بشكلٍ هندسيٍّ ومنظمٍّ يستوعب الأعداد الهائلة منها، فتكون حجراته مخصصةً لعدة أمورٍ كوضع البيوض أو خزن الطعام.

ويتواصل النمل فيما بينه بالتلامس؛ الذي تفرز من خلاله موادّ كيميائيةٌ، تحمل إشارةً لأمرٍ متفقٍ على إنجازه، إلا أنّ أنواع النمل مختلفةٌ عن بعضها، فمنها ما هو تعاونيٌّ وآخر يفضل العزلة، ومنها من يبني البيوت وآخر يعيش في الخشب، وفيها المحارب والسارق، فمن الذي هداها إلى هذه الهندسة والتنظيم، هل هي الغريزة أم أنّ الله علّمها التّصرّف بهذا العقل والمنطق؟

أما النحل فيسكن في خليةٍ أشبه ما تكون بالمملكة؛ تحكمها ملكةٌ واحدةٌ، ويقف على بابها الحرّاس، تتألف الخلية من آلاف الغرف سداسية الشكل، ومنها ما يوضع فيه البيوض من قبل الملكة، والتي تفقس أميراتٍ، أو ذكورًا قسمٌ منها يتصارع لتلقيح الملكة، وآخر يجلب رحيق الأزهار، ويضعه في الغرف لتصنيع العسل، ويتمّ التواصل فيما بينها من خلال الرقص، فمتى ما وجدت إحداها الزهور المليئة بالرحيق تقوم بالذهاب إلى البقية وتنبيههم؛ إذ تدور راقصةٌ في حركةٍ دائريةٍ، وتشير إلى مكان الزهور برسم خطٍّ داخل دائرةٍ يشير إلى المكان المقصود، وتبقي أعينها ناظرةً إلى ذلك الاتجاه؛ فيتجه النحل إلى ذلك المكان بدقةٍ متناهيةٍ، فسبحان من علّمها كلّ ذلك، في الفصل الآتي سنتعرّف أكثر عن الإنسان.

•لا تزال نظرية التطور محل جدل كبير 

حدث في عام ألفٍ وتسعمئةٍ وخمسةٍ وعشرين 1925م أن قام أحد المدرسين بشرح نظرية داروين في التّطوّر لتلاميذه، واصفًا ما فيها بأنّ أصل الإنسان يعود لأجداده القرود، فأثار ذلك الاستنكار والاستياء لدى رجال الكنيسة، وعلى إثرها قدّم المدرس للمحاكمة بتهمة نشر الإلحاد، ومثل أمام المدّعي العامّ السياسيّ الشهير ويليام برايان (William Bryan) الذي اتضح أنه على جهلٍ بما يخصّ التطورات العلمية، ولا يعرف عن الدين سوى ما تعلمه وهو طفلٌ صغيرٌ، وذلك ما دعا المحامي -المدافع عن نظرية داروين- ليقول مقولته الشهيرة: "إنّ دفاع الإنسان بشراسةٍ عن نظريةٍ لا يعرف عنها شيئًا هو الخيانة الذهنية بعينها".

وتقول نظرية داروين: (إنّ جميع الكائنات الحية انحدرت من أبٍ واحدٍ، ويعزى الاختلاف بينها إلى تطورها؛ لتتمكن من التكيف مع البيئة التي تتواجد فيها) ولكن، هل يعني ذلك أنّ الكائنات تطوّرت دون الحاجة للمرشد والموجه الذكي؟ وللإجابة عن ذلك؛ كشف علم التشريح التشابه العجيب بين الكائنات الحية، مثلًا الثعبان له أرجل خفيةٌ، وجناحا الطير هما طرفاه العلويان، أيضًا يساند ذلك الأطوار التي يمرّ بها شكل الجنين في الرحم، فيكون له خياشيم كالسمكة في إحداها، وفي أخرى يغطي الشعر كامل جسمه كالقرود، ثم يقلّ تدريجيًّا ويتبقى على الرأس فقط، كذلك علم الآثار الذي نقب عن جماجم وعظامٍ مماثلةٍ للإنسان والقرود، ولكن هل بقيت هذه النظرية من المسلّمات، أم أنّ هناك رأيًا آخر؟

وضّحت هذه النظرية أنّ سبب تطوّر الكائنات الحية هو ضرورة تكيّفها مع بيئتها الجديدة، والتي لا تسير ضمن مركب التطور يتمّ إبادتها، بيد أنّها أغفلت تفسير التطور الذي يؤدي إلى ظهور كائناتٍ حيةٍ أكثر جمالًا ولطفًا، مثل الحصان من فصيلة الحمار لكنّه أقلّ قدرةً على تحمّل المشاقّ منه، والحمام والطاووس أجمل وأرقّ من الصقور؛ الأمر الذي أدى إلى الحكم على أنها نظريةٌ غير شموليةٍ، وأمرٌ آخر هو القول بأنّ التطور جرى من قبل الكائنات الحية من تلقاء نفسها بلا هادٍ ولا مرشدٍ، وهذا ما سمح للعقل الإنسانيّ والدين بالتدخل كما سيأتي بيانه لاحقًا.

•يتوجب على الانسان استخدام العقل لفهم الكون 

تطور الإنسان ليجابه صعوبات الحياة مستخدمًا ذكاءه، ومع أنّ هذا التطور العلميّ ساعده على اكتشاف الفضاء وأسرار الكون والسيطرة على العالم، إلا أنه أدى إلى جعله قاسيًا وبليد المشاعر تجاه غيره من البشر ممن يعانون من القهر والظلم والحرمان، وغير قادرٍ على السيطرة على نفسه بإصلاحها والارتقاء بها، والمتمثل بمنعها من الإسراف في الأهواء والشهوات والنزوات.

إن ما يساعد الإنسان على إصلاح نفسه يتمثل في ثلاثة أمورٍ هي الفكر والدين والعلم، وبالعلم وحده سيغدو الإنسان جبارًا، وباستخدامه سيبتكر ما يعين على هلاك ودمار البشرية دون أن يدري، وذلك بسبب دخوله في حيثيات البيئة المادية محاولًا تحسينها، إلا أن ما يعين الإنسان على الاستخدام الأمثل للعلم هو العقل؛ فيعدّ العقل الإنسانيّ مخزنًا لجميع المعلومات والخبرات التي يمرّ بها، ويحتاجها مستقبلًا ليحسن التصرف والحكم والتقدير على ما يمرّ به في حياته اليومية، أيضًا لمحاولة فهم ما يجري من حوله، واكتشاف القوانين الخفية التي تقود ذلك، والتي تعدّ أرقى وأسمى مهمات العقل، ولكن هل يكفي العقل لذلك، أم أن الدين هو الضابط للعقل؟ تابع الفصل الآتي.

•إقتباس 

"إن الجمال قيمةٌ مبثوثةٌ في الوجود كلّه، قيمةٌ لا تستطيع نظريةٌ ماديةٌ أن تفسرّها، الوجود الميت فيه جمالٌ، والوجود الحيّ فيه جمالٌ.

•يمكن دحض النظريات التي تنفي وجود الخالق 

لم يتوقف الحدّ عند فرضية داروين بل بقي العلماء يضعون الفرضيات لمنشأ الكائنات الحية، فلا يستطيع العلم أن يجيب إجابة وافية عن مجيء الأب الشرعيّ للكائنات الحية الذي لم يتطور مسبقًا، وهناك الفرضيات القائلة أنه خلق من مادةٍ ميتةٍ، وتمّ إعادة ترتيب وبناء ذراته بالمصادفة عن طريق التجربة لملايين السنوات حتى تشكل بذلك كائنًا حيًّا، وذلك لتشابه التركيب الكيميائيّ بين الكائنات الحية والموادّ الميتة في الطبيعة، ولكن هل من المعقول قول ذلك؟ فلو أتينا بطفلٍ وأغلقنا عينيه وأجلسناه لملايين السنين ليكتب على آلةٍ طابعةٍ، فهل من الممكن أن ينتج لنا قصيدةً عذبةً وملهمةً؟

إن العلم الحديث يريد كسر الحواجز بين الحياة والموت؛ لأنّ التراب الذي أصبح كواكب ومجموعةً شمسيةً، بإمكانه أن يصبح مادةً حيةً كالنبات والحيوان والإنسان؛ ولا يتمّ ذلك إلا بهدي وإرشاد وإلهام العقل الكامن فيه، وهو ليس ملكًا له، والعقل هنا يراد به الإله، الذات الواحدة العليا المبدعة، لذلك عندما يصمت العلم، يتدخل صوت الدين، الذي جاء به النبيّ -عليه السلام- من وحي عالم الغيب، والذي يأخذ بيد الإنسان من العلم إلى منتهى العلم، وبه يصل لمعرفة الله عزّ وجلّ، وبذلك نكون شرحنا ضرورة وجود الدين والعلم والعقل في كلّ إنسانٍ ليصلح نفسه.

•إقتباس

"والمعجزة الحقيقية لا تكون في خرق النظام، وإنما المعجزة الحقيقية هي في إحلال النظام" 

•فقرة بارزة 

"لماذا المكابرة؟ ولماذا نلتمس المستحيل لنتجنب الحقيقة الواضحة التي تهتف بها الفطرة والبداهة من أعماقنا؟ وإذا كذّبنا البديهة، فماذا يبقى من عقلنا وهو كلّه نظامٌ منطقيٌّ من البديهيات؟ إن معنى ذلك أن نهدم عقلنا من حيث ندّعي أننا عقلانيون علميون نستهدف الموضوعية العلمية؟ ألا ترون أن قصة الحياة هي إصبعٌ تشير في كلّ مرحلةٍ من مراحلها إلى عقلٍ كليٍّ أبدع ودبّر وأعطى من إلهامه كلّ مخلوقٍ بقدر حاجته، بل أفاض عليه ما هو أكثر بكثيرٍ من حاجته"

•الخاتمة 

الصراع من أجل بقاء النوع هو الهدف الذي اشتركت فيه جلّ الكائنات الحية منذ الأزل، فقد قامت الميكروبات بتطوير أسلوبها البسيط في الحياة من حيث التكاثر الذي ينتج كائناتٍ هشةً وضعيفةً بالرغم من أعدادها الهائلة، لتغدو كائناتً قادرةً على التكيّف مع بيئتها بعد أن أنتجت أجيالًا جديدةً وقويةً عبر تكاثرها الجنسيّ، كما أنها ابتكرت مادة الكلوروفيل كمصدرٍ للطاقة طويل الأمد، أما الإنسان فقد تطور بعقله وذكائه؛ فابتكر كلّ ما يساعده على البقاء وفرض وجوده، وساهم في النقد البناء لكل ما وضعه العلم من فرضياتٍ ونظرياتٍ تدعو الناس إلى النظر على أنّ الكون جاء مصادفةً، وعندما يعجز عن ذلك يأتي دور الدين الذي يجيء به الرسل والأنبياء من وحي الله لهداية الناس، وإيصالهم إلى حقيقة خالق الكون وموجده وهو الله تعالى.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

8

متابعين

11

متابعهم

1

مقالات مشابة