مشكلة قسوة القلوب وكيفية علاجها
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فيتساءل كثير من الناس عن أسباب عدم الانتفاع بالمواعظ التي يسمعونها والحِكَم التي يطالعونها، والحوادث التي تقع من حولهم في كل مكان ولا يتأثرون بها!
سبب قسوة القلب:
والحقيقة أن السبب في ذلك هو: مرض خطير من أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان؛ لأنه يصيب القلب، وهذا المرض هو ما يعرف بقسوة القلب؛ تلك القسوة التي تصرف الإنسان عن تذوق طعم العبادة فضلًا عن الثبات عليها.
بل هذه القسوة تصرف الإنسان عن أن يستجيب لما فيه الخير لنفسه أو لغيره، بل هذا المرض قد يؤدي بالإنسان إلى استقباح الحسن من الأمور والأشياء، واستحسان القبيح منها، بل قد يتورط الإنسان في العدوان على الدماء والأعراض والأموال؛ بسبب تلك القسوة التي تسكن القلب.
من آثار قسوة القلب:
1- قسوة القلب تؤدي بالإنسان إلى اللعن والطرد، والبعد عن رحمه الله، كما قال الله عز وجل: (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية) [المائدة: 13].
2- وتؤدي قسوة القلب كذلك إلى الويل والشقاء في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) [الزمر: 22].
3- وتؤدي قسوة القلب إلى الحرمان من التضرع إلى الله عز وجل، قال الله تعالى: (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم) [الأنعام: 43]. وغير ذلك من الآثار الخطيرة الضارة بالإنسان في الدنيا والآخرة.
علاج قسوة القلب:
مِن أسباب علاج هذا المرض الخطير والتخلص من هذه القسوة:
1- الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى، قال الله عز وجل: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) [الحديد: 16]، وقال الله سبحانه وتعالى: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) [الرعد: 11].
وقد شكا رجل إلى الحسن البصري رحمه الله قسوة قلبه فقال له الحسن: “أدْنِه من الذِّكْر”؛ لأن ذكر الله تعالى يذيب قسوة القلب.
2- الإكثار من تلاوة القرآن بتدبر وحضور قلب وخشوع، قال الله سبحانه وتعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) [الزمر: 23]، وقال الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) [يونس: 57]، فمن أراد شفاءً سريعًا كافيًا، فليقبل على تلاوة القرآن بتدبر وفهم، فهذا أنفع وأنجع الأدوية على الإطلاق، فإن القرآن العظيم شفاء لكل الأمر اض التي تصيب القلوب والصدور من الشهوات والشبهات، والحجب الغليظة التي تفصل بين العبد وبين العمل بما فيه مرضاة الله ورضوانه، والقرب منه تبارك وتعالى.
3- الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل أن يذهب قسوة القلب، وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والبخل والهرم، والقسوة والغفلة) [أخرجه ابن حبان في صحيحه بسندٍ صحيحٍ].
4- أن يعتاد الإنسان أن يطعم المسكين وأن يمسح رأس اليتيم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل يشكو إليه قسوة قلبه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أردتَ أن يلين قلبك؛ فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم) [رواه الإمام أحمد في مسنده بسندٍ حسنٍ].
نسأل الله جل في علاه أن يطهرَ قلوبنا من القسوة، وأن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء همومنا وأحزاننا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
والحمد لله رب العالمين.