النذر،معناه وشروطه وأنواعه وحُكمه وكفارة عدم الوفاء به

النذر،معناه وشروطه وأنواعه وحُكمه وكفارة عدم الوفاء به

0 المراجعات

ذكر الله النذر فى القرآن الكريم في عدة مواضع، فأخبر سبحانه أن أم مريم نذرت ما في بطنها لله تعالى ، فقال سبحانه على لسانها:

{ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }

[ سورة آل عمران : 35 ]،

 

وأمر الله تعالى به السيدة مريم فقال:{ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا }[ سورة مريم : 26 ]،

 

وقال فى آية ثالثة:{ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ۗ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ

[ سورة البقرة : 270 ]
 

وقال سبحانه في آية أخرى: 

{ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ

[ سورة الحج : 29 ]
 

وذِكر النذر في كتاب الله جاء في مقام المدح، فقد قال تعالى عن عباده الأبرار المؤمنين :{ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُۥ مُسْتَطِيرًا }[ سورة الإنسان : 7 ]، فجعل الله تبارك وتعالى خوفهم من أهوال يوم القيامة ووفاءهم بنذورهم من أسباب نجاتهم ودخولهم الجنة.
 

ومن ناحية أخرى قد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث عديدة في النهي عن النذر وبيان كراهته، منها الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تَنْذروا ، فإن النذر لا يغني من القدر شيئا ، وإنما يستخرج به من البخيل ".

 

وهنا قد يسأل سائل ويقول كيف يمدح الله الموفين بالنّذر فى قرآنه ثم ينهى عنه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فى سنته؟، وكيف نجمع بين الآية والحديث؟،وهل النذر مكروه فى الإسلام؟،وما هى أنواع النذر؟ 

 

جواب الفقهاء عن ذلك:

معنى النذر:

النذر معناه: إلزام المسلم المُكَلف نفسه بطاعة لله تعالى لا تجب عليه شرعاً وفوق التي فُرضت عليه، كقوله: نذرت لله، أو لله علي، أو علي لله أو نحوها.

 

شروط النذر:

يشترط أن يكون صادر من المسلم البالغ العاقل بكامل ارادته وأن يكون فى طاعة وفى شىء غير مُكَلف به شرعًا.
 

 أنواع النذر:

١- نذر الطّاعة المجرّد دون تعليقه على شيء. 

٢- نذر المُعاوضة والذى يسمى بالنذر المعلق الذي يُعلّق فيه الناذر الطّاعة على حصول شيء أو دفع شيء بحيث لو لم يحصل ذلك الشىء فلن يقم الناذر بالطّاعة.

 

نذر الطّاعة هو النّذر الممدوح فى القرآن، كأن يُلزم الإنسان نفسه بشىء حملاً لها على الطّاعة ومنعًا للكسل أو شكراً على نعمة، كمن يُعَافى الإنسان من مرض ما فيقول: لله عليَّ أن أصوم كذا أو أتصدق بكذا شكراً لله تعالى، ويدل عليه ما أخرجه الطبراني بسند صحيح عن قتادة في تفسير قوله تعالى: (يوفون بالنذر) [الإنسان: 7]،

قال: كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة.
 

حكم النذر المشروط :

نذر المُعاوضة أو النذر المشروط هو النوع الثاني من أنواع النذر، وهو النذر المنهي عنه،

ولعل الحكمة في ذلك تكمن في العلل التالية :

١- إن الناذر يأتي بالقُربة لله متثقلا لها، لمّا صارت عليه محتومة وواجبة، لا على وجه الرغبة بالقُربة من الله،لأنه ألزم نفسه بما لم يلزمها به الشرع كمن يحمل على نفسه فينذر صلاة كثيرة أو صومًا مما يشق عليه ويتضرر بفعله.

٢- إن الناذر لما نذر القُربة لله بشرط أن يحصل له ما يريد، صار نذره كالمُعاوضة التي تقدح في نية المتقرب لله، فإذا لم يشف الله مريضه ، لم يتصدق الناذر بما علَّقه على شفائه، وهذه هي حالة البخيل ، فإنه لا يخرج من ماله شيئًا إلا بعِوض عاجل، وهذا سوء أدب مع الله عز وجل.

٣- أن بعض الناس عندهم اعتقاد جاهلي مفاده أن النذر يوجب حصول الغرض الذي من أجله كان النذر، أو أن الله يُحقق للناذر ذلك الغرض لأجل نذره من شفاء مريض أو رد غائب أو غير ذلك، فنهى النبى صلى الله عليه وسلم عنه خوفًا من جاهل يعتقد ذلك.

وسواء كان النذر مشروطاً بقُربة مالية أو عبادة بدنية فإن النهي متوجه للحالتين لتحقق المحاذير السابقة.

 

حكم الوفاء بالنذر:

الوفاء بالنذر واجب، وترك الوفاء به محرم، إلا نذر المعصية، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المُتفق عليه : "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" فقوله: فليطعه أمر، وهو للوجوب، وقوله: فلا يعصه، نهي وهو للتحريم.
 

حكم عدم الوفاء بالنذر :
لو نذر المرءُ نذراً فيه طاعة ثمّ طرأ من الظروف ما أعاقه عن الوفاء بنذره لمرض أصابه أو لفقر حل به، فإنه فى هذه الحالة ينتقل إلى التكفير عن نذره بكفارة.

كفارة النذر :
  هى كفارة يمين كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة اليمين، رواه أبوداود وقال الحافظ ابن حجر : إسناده صحيح، 
وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فيصوم ثلاثة أيام.
والأولى بالمسلم أن يجتنب إلزام نفسه بما قد يعجز عن الوفاء به، لأنه لا يدرى ما فى علم الغيب من رزقه وأجله.

 


 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
م.عوض العسال
المستخدم أخفى الأرباح

articles

32

followers

4

followings

3

مقالات مشابة