شرح الأحاديث النبوية (الجزء الثامن)
نستكمل في هذا المقال بإذن الله شرح أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم (الجزء الثامن)
الأحاديث النبوية لهذا اليوم: (أما إنك لو لم تعطه شيئا)، (اضمنوا لي ستا من أنفسكم).
الحديث الأول: عن عبدالله بن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (دعتْني أُمي يومًا ورسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قاعدٌ في بيتِنا فقالتْ: ها تعالَ أُعطيكَ فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وما أردتِ أنْ تعطيهِ ؟ قالتْ : أُعطيهِ تمرًا، فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : أما إنك لو لمْ تُعطيهِ شيئًا كُتبتْ عليكِ كَذِبةٌ).
يحكي الصحابي الجليل عبد الله بن عامر عن موقف حدث له مع أمه أمام النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بيت عبد الله ذات يوم، فنادته أمه وقالت لابنها: تعال قإني أعطيك شيئا. فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشيء الذي أرادت إعطاءه له، فقالت أردت إعطاءه بعض التمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو لم تعطه التمر كما وعدته كتبت عليكِ كذبة. وهنا ينهي النبي صلى الله عليه وسلم المسلم عن الكذب حتى وإن كان مازحا لأنه ضفة ذميمة، وينهي عن ملاعبة الأطفال بالكذب وإلا نتج عن ذلك سوء خلق الطفل.
العبر المأخوذة من الحديث:
(1) نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الكذب حتى في ملاعبة الأطفال.
(2) فضل الصدق وأجر الصادقين عند الله عظيم.
(3) تعليم النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين وتصويبه لأخطاءهم.
الحديث الثاني: عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدُّوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضُّوا أبصاركم، وكفُّوا أيديكم).
يشير النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف إلى عدد من الخصال الحميدة التي يجب على كل مسلم أن يتصف بها فيقول صلى الله عليه وسلم: اضمنوا لي ستا من أنفسكم، أي: ست خصال أو صفات، بمعنى اضمنوا لي أن تتصفوا بهذه الصفات وأنا أضمن أن الله تعالى يدخلكم الجنة. إذن ما هي هذه الخصال؟
أولا: اصدقوا إذا حدثتم.
هذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بوجوب الصدق في كل ما يقوله المسلم ويفعله، ونهي منه عن الكذب، فإنه من صفات المنافقين. فإذا عمل الإنسان على الاتصاف بهذا الخلق كانت له الجنة بإذن الله.
ثانيا: أوفوا إذا وعدتم.
على المسلم أن لا يحنث بوعوده، بل يجب الوفاء بها ما استكاع ذلك وإلا فلا يعد، وفي هذا يقول تعالى: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا).
ثالثا: وأدوا إذا ائتمنتم.
تأدية الأمانة واجبة في الإسلام وعلى المسلم أن يحرص على الاتصاف بهذه الصفة فلا يخون ولا يخدع.
رابعاً: واحفظوا فروجكم.
هنا أمر باجتناب ارتكاب الفواحش من الوقوع في الزنا وغير ذلك.
خامساً: وغضوا أبصاركم.
وحوب غض البصر لأن البصر والسمع قد يكون وسيلة لارتكاب الذنوب.
سادسا: وكفوا أيديكم.
لا تستخدموا جوارجكم في ما يغضب الله، فلا تأخذوا بها مالا حراما، ولا تشربوا بها خمرا، ولا تؤذوا بها بريئا.
