المولد النبوي الشريف

       لا يختلف اثنان أن الاحتفال بيوم مولد النبي لم يكن في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام  وهذا ما خلق جدلا كبير في العالم الاسلامي بين محتفل وممتنع وما ان يقترب موعد مولده عليه الصلاة والسلام حتى تتعالى الأصوات في الواقع والمواقع، كان الملك "المظفر" حاكم اربل هو أول من احتفل بذكرى المولد وهو ملك وَرع، صالح، مجاهد مات وهو يحاصر الفِرِنْجَ بمدينة عكا، ووافقه آنذاك العلماء والفقهاء ولا أرى في هذه البدعة ضرر ولا شرك كما يزعم بعض العلماء المحرمين لها والذين يحتجون بأنه لو كان فيه خير لدَّل عليه رسول الله، متناسين قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم "مَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِها بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنقُصَ مِنْ أُجورِهِم شىْءٌ ..."

      ومن الأدلة على أن الاسلام يكفل حرية سنِّ سُنَّنٍ حسنة قول الله تعالى في مَدْحِ الْمُؤمنينَ مِنْ أمَّةِ سَيِّدِنا عيسى عليه السلام  قَال : { وَجَعَلْنَا في قُلُوب الَّذينَ اتَّبَعُوهُ رَأفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاها عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ الله } [سورة الحديد، 27]، فاللهُ امتَدَحَ الْمُسْلِمِينَ الَّذينَ كانُوا على شَريعَةِ عيسى عليه السلام لأنَّهُمْ كانُوا أَهْلَ رَحْمَةٍ ورأفَةٍ ولأنَّهُمْ ابْتَدَعُوا الرَّهْبانيةَ وَهِيَ الانْقِطاعُ عنِ الشَّهواتِ الْمُباحَةِ زيادَةً على تَجَنُّبِ الْمُحرَّماتِ، حَتَّى إنَّهُمْ انَقطَعُوا عنِ الزِّواجِ وتَرَكُوا اللذَائِذَ مِنَ الْمَطْعُومَاتِ والثِّيابِ الفاخِرَةِ وأقْبَلُوا على الآخِرَةِ اقْبالاً تامًّا، فاللهُ امْتَدَحَهُمْ عَلَى هَذِهِ الرَّهْبانِيَّةِ مَعَ أنَّ عيسى عليه السلام لَمْ يَنُصَّ لَهُم عَلَيْهَا وكتبها الله لهم حسب نيتهم ألا وهي رضوانه عزَّ وجل.

      سنَّ سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلاة التراويح مع أنها لم تكن في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا حتى في خلافة أبي بكر، وسنَّ سيدنا عثمان أذان صلاة الجمعة ولم يكن في حياة الرسول ولا في خلافة ابي بكر ولا عمر رضي الله عنهم جميعا وابتدعوا بعدهم جميعا بناء المآذن والصوامع وغيرها، لذلك لا داعي الى جعل الاسلام صندوق صغير مغلق وضيق في وقت أصبح فيه للشجرة عيد فكيف لا يكون لرسول تتبعه ملايير البشر يوم  نجتمع فيه على ذكره و تعداد خصاله وتبيان أخلاقه وسنته ولما لا استغلال هذا اليوم ي ما يجمع أمتنا لا فيما يفرقها ..