من هو الله

من هو الله

0 المراجعات

إن الحديث عن الله سبحانه وتعالى هو حديث عن المطلق، عن الذات العلية التي لا تُدركها الأبصار وهي تدرك الأبصار، عن الخالق الذي أبدع الكون بقدرته، وأحاط بكل شيء علماً وحكمةً. في الإسلام، الله هو محور الوجود، ومن خلاله تُفهم الحياة وما بعدها. دعونا نتأمل في الله من عدة زوايا تعكس عظمته وجلاله.

1. الله كخالق الكون ومدبره

في القرآن الكريم، يُعرف الله بأنه الخالق الذي أوجد الكون من العدم، وأبدع في خلقه بلا مثيل. قال تعالى:

"أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" (سورة الأعراف: 54).

إن الخلق والأمر كلاهما لله، فهو الذي ابتدع الكائنات، وهو الذي يدبر شؤونها بقدرته وحكمته. تأمل في السماء والأرض، في تناسق الكواكب والنجوم، في جريان الأنهار وتفتح الأزهار، كل ذلك يشهد على عظمة الخالق.

2. الله في صفاته العُلا

صفات الله في الإسلام ليست كصفات المخلوقات، فهو سبحانه متفرد في كماله. قال تعالى:

"لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" (سورة الشورى: 11).

من أسمائه الحسنى: الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم، العليم، القادر. كل اسم من هذه الأسماء يحمل دلالة على كمال الله وتنزُّهه. فالرحمن يعني أن رحمته وسعت كل شيء، كما قال تعالى:

"وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ" (سورة الأعراف: 156).

والقادر يعكس قدرته المطلقة التي لا تحدها حدود، فهو الذي يقول للشيء "كن" فيكون.

يقول الإمام الغزالي رحمه الله: "إن معرفة الله هي غاية المعارف، ولا تُدرك حقيقته، بل تُعرف آثاره وصفاته من خلال تدبر خلقه".

3. الله في علاقته بالإنسان

الله ليس بعيدًا عن عباده، بل هو القريب الذي يسمع الدعاء ويجيب المضطر. قال تعالى:

"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ" (سورة البقرة: 186).

هذه العلاقة بين الله والإنسان مبنية على الحب والرحمة من جهة الله، وعلى الطاعة والتذلل من جهة العبد.

روى النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي أن الله تعالى قال: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني" (رواه البخاري ومسلم).

إن هذا الحديث يظهر مدى قرب الله من عباده، فهو ينتظر منهم حسن الظن به، واللجوء إليه في كل حال.

4. الله كغاية وهدف المؤمن

في الإسلام، الحياة ليست هدفًا في ذاتها، بل هي وسيلة للوصول إلى الله. الهدف الأسمى للمؤمن هو مرضاة الله والفوز برؤيته في الآخرة. قال تعالى:

"وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" (سورة القيامة: 22-23).

إن هذه الرؤية هي قمة النعيم في الجنة، وهي التي يسعى إليها المؤمنون بأعمالهم الصالحة.

يقول ابن القيم رحمه الله: "من عرف الله، هانت عليه الدنيا، واشتاقت نفسه إلى لقائه". إن معرفة الله تجعل الإنسان يرى الحياة بمنظور مختلف، فلا يتعلق قلبه إلا بالله، ولا يطمئن إلا بذكره، كما قال تعالى:

"أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" (سورة الرعد: 28).

خاتمة

إن الحديث عن الله لا ينتهي، فهو المحيط بكل شيء، والمُدرك لكل شيء، بينما نحن -عباده- محدودون في فهمنا وعقولنا. لكن القرآن والسنة فتحا لنا أبواب المعرفة، وأرشدنا إلى التأمل في آيات الله الكونية والشرعية. فلنحمد الله الذي هدانا إلى معرفته، ولنسأله أن يزيدنا قربًا منه، وأن يجعلنا من عباده الصالحين الذين رضي عنهم ورضوا عنه.

"سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (سورة الصافات: 180-182)

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

2

متابعهم

1

مقالات مشابة