
نيل أم عمارة شرف الدفاع عن النبي
من الشخصيات التي لها حضور في السيرة النبوية وتحتاج إلى قراءة متجددة، وإضاءة كاشفة تبدد غبش التقييم المتسرع لمواقفها الحرة، الصحابية الجليلة نسيبة بنت كعب من بني مازن بن النجار، الملقبة بأم عمارة.
كانت رضوان الله عليها تقوم خلال الحروب الإسلامية بالدور الذي تقوم به منظمات الصليب الأحمر في العهد الحديث، فكانت تحمل الماء وأدوات الإسعاف للمقاتلين، كما اشتركت في الدفاع عن الرسول، ويمكن القول إن "أم عمارة" هي أول محاربة من النساء في الإسلام، وقد قال عنها النبي: "ما التفت يميناً أو شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني، ومن يطيق ما تطيقينه يا نسيبة".
وتُعد أم عمارة رضي الله عنها وأرضاها أول من فتحت باب الجهاد النسائي، لتخط بدمها صفحة مشرقة تؤكد الولادة الثانية، وتتيح للمرأة سبل المشاركة في الحياة العامة، فكانت بداية النموذج الإسلامي لتحرير المرأة عملية على أرض المعارك، لا مجرد بيانات وخطب يكذبها واقع الحال.
كانت أم عمارة -رضي الله عنها- من الصحابيات الشجاعات اللواتي يُشاركن في المعارك والغزوات، وقد سجّل التاريخ موقفها في غزوة أحد، وذلك عندما زادت حدّة المعركة واجتمع المشركون حول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يريدون قتله، وأقبل عليه رجل اسمه ابن قميئة وهو يقول: دلوني على محمد لا نجوت إن نجا
فوقفت أم عمارة -رضي الله عنها- في طريقه تريد صدّه ومعها مصعب بن عمير -رضي الله عنه-، ولكنّه استُشهد في تلك الأثناء فظلّت أم عمارة وحدها، فوقفت في وجه الكافر الذي ضربها ضربةً بالغة في عنقها ولكنّها ظلّت قوية واستمرت في الدفاع، ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يراها وقد أُصيبت بعدد كبير من الجروح.
فنادى ابنها وطلب إليه أن يعصب جراح أمّه ودعا لهم بالبركة، فلمّا سمعت أم عمارة صوت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- طلبت منه أن يدعو لهم بمرافقته في الجنّة، فاستجاب رسول الله لطلبها، وكانت فرحتها عظيمة بذلك.
ولمّا عادت إلى المدينة أرادت الخروج مرّة أخرى عندما دعا رسول الله من شارك بالغزوة أن يخرج معه، ولكنّها لم تستطع ذلك لشدّة جراحها،
وظلّت حولها نساء المسلمين يضمّدن جراحها ويعالجنها، وقد سأل عنها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعد أيّام من إصابتها فأخبروه بأنّها بصحة وسلامة