
تربية الأبناء في ظل السنة والقرآن
⇐تربية الأبناء مسؤولية عظيمة، جعلها الإسلام أمانة في أعناق الوالدين. فهي ليست مجرد توفير طعام وشراب، بل بناء نفس سوية، وعقل مستنير، وقلب عامر بالإيمان. وقد جاء القرآن الكريم والسنة النبوية بأصول عظيمة ترسم لنا منهجًا متوازنًا في تربية الأبناء، قائمًا على الرحمة والحكمة والعدل.
1- التربية بالقدوة
أول ما يتعلمه الطفل هو ما يراه من والديه. قال الله تعالى:﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21].
فالأب والأم هما قدوة الأبناء، في صدقهم، وأمانتهم، وعبادتهم، وأخلاقهم. فإذا رأى الطفل والده محافظًا على الصلاة ووالدته متخلقة بالحياء والرحمة، نشأ محبًّا لهذه القيم من دون جهد مباشر.

2- التربية بالرحمة والرفق
جعل الإسلام الرحمة أساسًا في التعامل مع الأطفال. فقد كان النبي ﷺ يقبّل الحسن والحسين، ولما تعجّب بعض الصحابة قال: "من لا يَرحم لا يُرحم" (رواه البخاري).
فالرحمة تولّد الأمان، وتغرس المحبة في قلب الطفل، وتجعله أكثر طاعةً وبرًّا بوالديه.
3- التربية بالحوار والتوجيه
علّمنا القرآن أن نغرس القيم في نفوس أبنائنا بالحوار اللطيف، كما في وصايا لقمان لابنه: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [لقمان: 17].
فالطفل يحتاج إلى شرح وتوضيح مما يجعله يقتنع بالفكرة وتكون صعبة الخلع، لا إلى أوامر جامدة فقط. والحوار يُشعره بالاحترام ويجعله أكثر قناعة بما يقال له.
4- التربية على المسؤولية
من الأسس التي أكد عليها الإسلام أن يُربَّى الطفل على تحمّل المسؤولية منذ صغره. فيُعطى مهامًا بسيطة داخل البيت، مثل ترتيب ألعابه أو المساعدة في إعداد المائدة. وهذا يعلمه الاعتماد على النفس، ويغرس فيه قيمة الأمانة. وقد قال النبي ﷺ: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"، فالابن جزء من هذه الرعية، وله نصيب من المسؤولية بحسب عمره وقدرته.
5-الضرب في التربية
الضرب ليس وسيلة أساسية في التربية في الإسلام، بل هو آخر علاج بعد استنفاد الوسائل الأخرى من نصح ولين وحوار.
جاء في الحديث: "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرّقوا بينهم في المضاجع" (رواه أبو داود)؛ وهذا لا يعني الضرب العنيف المؤذي، بل ضربًا غير مبرّح، يُراد به التنبيه لا الإيذاء.
6- التربية بالحب والدعاء
الدعاء للأبناء من أعظم أسباب صلاحهم، كما قال تعالى عن عباد الرحمن: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ [الفرقان: 74].
والحب الصادق هو الذي يجعل الطفل ينشأ سويًّا، واثقًا بنفسه، قادرًا على مواجهة الحياة.
⇐تربية الأبناء في ضوء القرآن والسنة ليست عملاً عابرًا، بل مشروع حياة. فهي تقوم على القدوة الحسنة، والرحمة، والحوار، والحزم عند الحاجة، مع الدعاء الدائم بالهداية والصلاح. وإذا تمسك الوالدان بهذه الأصول، نشأ الأبناء صالحين، نافعين لأنفسهم ومجتمعهم، وكانوا قرة عين لوالديهم في الدنيا والآخرة.