
الزبير بن العوام: حواريّ رسول الله وأحد العشرة المبشرين بالجنة
الزبير بن العوام
يُعدّ الصحابي الجليل الزبير بن العوام رضي الله عنه واحدًا من أعظم رجال الإسلام الذين سطّروا صفحات مشرقة في تاريخ الدعوة. فهو ابن عمّة النبي ﷺ، وأحد السابقين إلى الإسلام، وأول من سلّ سيفه دفاعًا عن رسول الله. جمع بين الشجاعة والإيمان، وبين الصدق والإخلاص، حتى لقّبه النبي ﷺ بـ"حواريّه".
نسبه ونشأته
وُلد الزبير بن العوام في مكة المكرمة قبل البعثة باثنتي عشرة سنة. ينتمي إلى بني أسد بن عبد العزى، وأمه صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول ﷺ، ما جعله قريبًا من النبي في النسب. نشأ في أسرة عُرفت بالقوة والشرف، وربته أمه على الصلابة وتحمل المسؤولية.
إسلامه المبكر
كان الزبير من أوائل الذين دخلوا الإسلام، إذ أسلم وهو في السادسة عشرة من عمره على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وبمجرد إسلامه تعرّض للأذى والتعذيب من عمّه الذي أراد أن يرده عن دينه، لكنه ثبت ولم يتراجع. هذا الموقف المبكر كان دليلًا على صدق إيمانه وقوة عزيمته.
أول من سلّ سيفه في سبيل الله
يُذكر في السيرة أن الزبير رضي الله عنه سمع إشاعة عن قتل النبي ﷺ، فخرج مسرعًا بسيفه يدافع عنه. وعندما وصل إلى الرسول ﷺ أخبره بالخبر، فدعَا له النبي وقال:
"إن لكل نبي حواريًا، وحواريي الزبير."
بهذا الموقف التاريخي، أصبح الزبير أول من سلّ سيفه في سبيل الله، وتجلت فيه معاني النصرة والشجاعة.
بطولاته في المعارك
كان الزبير بن العوام فارسًا شجاعًا شارك في معظم الغزوات مع الرسول ﷺ:
في غزوة بدر قاتل ببسالة، وكان من القلة الذين امتلكوا فرسًا.
في غزوة أحد أبدى شجاعة فائقة رغم صعوبة الموقف.
في غزوة الخندق كان من أبرز المدافعين عن المدينة.
في فتح مصر شارك مع عمرو بن العاص، وكان له دور كبير في نشر الإسلام هناك.
لقد عُرف بين الصحابة بأنه "أسد من أسود الإسلام"، لا يخشى في الله لومة لائم.
مكانته عند النبي ﷺ
نال الزبير رضي الله عنه مكانة عظيمة عند الرسول ﷺ:
بشره بالجنة مع العشرة المبشرين.
أثنى على شجاعته ووفائه.
قرّبه منه وجعله من خاصته.
وكان من أهل الشورى الستة الذين اختارهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليكون أحدهم خليفة للمسلمين من بعده.
صفاته وأخلاقه
لم يكن الزبير مجرد محارب شجاع، بل كان تقيًا زاهدًا في الدنيا، كريمًا معطاءً، بارًا بأهله، شديد الحرص على العدل. عُرف بصفاء القلب والإخلاص في العمل، ولم يسع يومًا وراء منصب أو جاه.
استشهاده
قُتل الزبير بن العوام مظلومًا في معركة الجمل سنة 36 هـ، بعدما حاول إصلاح الموقف وترك القتال. فاستشهد وهو صائم، ليلقى ربه وقد ختم حياته بالإيمان والجهاد.
إن سيرة الزبير بن العوام رضي الله عنه مثال خالد للشجاعة والإيمان والإخلاص. فهو نصير الإسلام الأول، وحواريّ رسول الله، وأحد العشرة المبشرين بالجنة. تاريخه يظل شاهدًا على عظمة جيل الصحابة الذين بذلوا حياتهم من أجل نصرة الدين ونشر الرسالة.
