قصة صفية بنت عبد المطلب ويهود بني قريظة.. شجاعة أنقذت نساء المسلمين
قصة صفية بنت عبد المطلب ويهود بني قريظة.. شجاعة أنقذت نساء المسلمين
في أحلك لحظات التاريخ الإسلامي، وأثناء اشتداد **معركة الخندق**، واجه المسلمون في المدينة خطرًا مزدوجًا: جيش الأحزاب من الخارج، وغدر **يهود بني قريظة** من الداخل.
تلك اللحظة التي كادت أن تكون كارثة لولا موقف بطولي خُلِّد في التاريخ قامت به **صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها**، عمة رسول الله ﷺ، التي سطّرت بجرأتها صفحة من أنصع صفحات الشجاعة النسائية في الإسلام.
خيانة وغدر من الداخل
بعد أن نقض يهود بني قريظة العهد مع النبي ﷺ،صلى الله عليه وسلم تحالفوا سرًا مع الأحزاب ضد المسلمين، وبدأوا في التخطيط لهجوم مباغت على المدينة، مستغلين انشغال المسلمين بحفر الخندق ومواجهة العدو.
لم يكن في المدينة إلا النساء والأطفال وبعض كبار السن، ففكر **كعب بن أسد القرظي**، زعيم بني قريظة، في إرسال أحد رجاله ليتفقد **حصن النساء**، ليتأكد هل عليه حراسة من الرجال أم أنه خالٍ تمامًا ليسهل اقتحامه.
جاسوس يهودي يدور حول الحصن
تسلل جندي من بني قريظة في الليل، واقترب من الحصن الذي كانت فيه نساء المسلمين وأطفالهم. كان المكان هادئًا، والرجال في الجبهة يقاتلون عند الخندق.
لاحظت **صفية بنت عبد المطلب** حركات الجاسوس المريبة من بعيد، وعرفت أن الأمر خطر حقيقي يهدد شرف نساء المسلمين. لم تتردد لحظة، رغم كبر سنها، في أن تتولى الدفاع بنفسها.
موقف بطولي لا يُنسى
أخذت صفية قوسًا كانت بجانبها، وصوّبت نحو الجاسوس بدقة، **فأصابته إصابة قاتلة**.
لكنها لم تكتفِ بذلك، بل نزلت بنفسها من الحصن، **وقطعت رأسه**، ثم صعدت إلى أعلى الحصن ورمته باتجاه بني قريظة ليشاهدوه بأعينهم، فيدركوا أن الحصن محصَّن وأن النساء لسن ضعيفات كما ظنوا.
تلك الخطوة كانت رسالة رعب واضحة:
> "المدينة ليست لقمة سائغة، ولن تُمس نساؤها بسوء."
أثر الموقف في نفوس اليهود
حين رأى رجال بني قريظة رأس صاحبهم يتدحرج أمامهم، أصابهم الفزع، وأدركوا أن النساء داخل الحصن لسن بلا حماية.
فتراجعوا عن فكرة الهجوم فورًا، وفشلت خطتهم في اقتحام الحصن.
بهذا الموقف البطولي، **أنقذت صفية رضي الله عنها نساء المسلمين وأطفالهم من مذبحة مؤكدة**، وأفشلت واحدة من أخطر محاولات الغدر في معركة الخندق.
دروس من شجاعة صفية بنت عبد المطلب
1. **دور المرأة في حماية الأمة:** لم تكن النساء في الإسلام مجرد متفرجات على الأحداث، بل شاركن بالوعي والشجاعة والإيمان.
2. **الغيرة على الدين والعِرض:** صفية ضربت مثالًا في غيرتها على نساء المسلمين، فلم تنتظر أحدًا لينقذها.
3. **التحرك السريع وقت الأزمات:** سرعة تصرفها أنقذت المدينة من كارثة، فالمبادرة في المواقف الصعبة تصنع الفرق.
4. **الإيمان الذي يولد الشجاعة:** من أين جاءت امرأة مسنّة بهذه القوة؟ من إيمانها العميق بأن الدفاع عن الدين واجب لا يؤجل.
دليل القرآن على جبن بني قريظة
لقد وصف الله تعالى حال اليهود في كتابه الكريم وصفًا دقيقًا، فقال:
{ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ } [الحشر: 14]**
> وحقًّا، هذا ما ظهر في موقفهم يومها؛ إذ دبّ الرعب في قلوبهم بمجرد رؤية رأس واحد من رجالهم، فانكسروا دون قتال.
من هى صفيه بنت عبدالمطلب
صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها، عمّة النبي محمد ﷺ صلى الله عليه وسلم وأخت حمزة بن عبد المطلب، وأم الصحابي الجليل الزبير بن العوام. كانت من أوائل المسلمات، عُرفت بشجاعتها وحكمتها، ودافعت عن الإسلام يوم الخندق، وصبرت عند استشهاد أخيها حمزة، وتُعد من نساء الإسلام العظيمات.
من هم يهود بنى قريظة
يهود بني قريظة قبيلة يهودية كانت تسكن في المدينة المنورة بعد هجرة النبي ﷺ، صلى الله عليه وسلم وكان بينهم وبين المسلمين عهد بعدم الغدر. لكنهم خانوا العهد أثناء **غزوة الأحزاب** وتحالفوا مع المشركين ضد المسلمين. بعد انكشاف خيانتهم، حاصرهم المسلمون، وحُكم عليهم بحكم سعد بن معاذ، فقُتل رجالهم وسُبيت نساؤهم جزاء خيانتهم.
ما ذا تعرف عن غزوة الخندق (الاحزاب )
غزوة الأحزاب، وتُعرف أيضًا باسم **غزوة الخندق**، وقعت في السنة الخامسة للهجرة عندما اجتمعت قريش وقبائل العرب واليهود للقضاء على الدولة الإسلامية في المدينة. أشار **سلمان الفارسي** رضي الله عنه على النبي ﷺ صلى الله عليه وسلم بحفر خندق يحمي المدينة، فكان هذا التخطيط سببًا في فشل العدو. حاصر المشركون المسلمين نحو شهر، ولم يستطيعوا اقتحام الخندق. ثم دبّ الخلاف بينهم، وسلط الله عليهم الرياح والبرد، فانصرفوا مهزومين، وكانت الغزوة نصرًا عظيمًا للمسلمين، وتأكيدًا لقوة إيمانهم ووحدتهم.
الخاتمة
واقعة صفية بنت عبد المطلب مع يهود بني قريظة ليست مجرد قصة تاريخية، بل **درس خالد في الشجاعة والغيرة والإيمان**.
إنها تذكير بأن **المرأة المسلمة قادرة على الدفاع عن دينها وعِرضها ووطنها** عندما تشتد الخطوب.
وبفضل هذا الموقف العظيم، كُتب لنساء المدينة الأمان، ودوّنت صفية اسمها في سجل المجد بجانب الأبطال الذين صنعوا نصر الإسلام.
صفية بنت عبد المطلب، يهود بني قريظة، معركة الخندق، غدر اليهود، بطولات نساء المسلمين، سيرة النبي ﷺ صلى الله عليه وسلم ، قصص الصحابيات
قصة صفية بنت عبد المطلب مع يهود بني قريظة: موقف بطولي أنقذ نساء المسلمين من الغدر، وسطر صفحة خالدة في تاريخ الشجاعة والإيمان.