شهر رجب… عبادة التوقّف  قراءة إيمانية في ضوء القرآن والسنة

شهر رجب… عبادة التوقّف قراءة إيمانية في ضوء القرآن والسنة

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

 شهر رجب… عبادة التوقّف

قراءة إيمانية في ضوء القرآن والسنة

هل تساءلت يومًا  لماذا يأتي شهر رجب بلا عبادات مخصوصة، ومع ذلك يصفه الله بأنه من الأشهر الحُرُم؟ ولماذا لا يطلب منا فيه أن نفعل أكثر، بقدر ما يطلب منا أن نتوقف قليلًا؟ نتوقف عن الذنوب، وعن القسوة، وعن ظلم أنفسنا؟
رجب ليس شهر صيام محدد ولا صلاة معينة، بل شهر تنبيه ومراجعة. شهر يسأل فيه القلب نفسه بهدوء: هل نسير في الطريق الصحيح؟ هل نحمل أشياء تثقل أرواحنا دون أن نشعر؟ كأنه فرصة هادئة يمنحها الله لنا قبل رمضان، لنخفف الأحمال، ونعود إليه بقلوب أبسط وأنقى.

ليس شهر رجب موسم عبادات مخصوصة، ولا محطة طقوس اعتادها الناس، وإنما هو شهر **تعظيم وضبط وبداية وعي**. وقد دلّ القرآن والسنة على مكانته، لا من باب الإكثار المُقيَّد، بل من باب **كفّ الظلم ومراجعة النفس**.

 شهر رجب… عبادة التوقّف  قراءة إيمانية في ضوء القرآن والسنة

 أولًا: لماذا رجب شهرٌ حرام؟

قال الله تعالى: > **﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا… مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾** > *(سورة التوبة: 36)*

وهذه الآية هي **الأصل الجامع** لفهم شهر رجب.
فالتحريم هنا **ليس تحريم زمان فقط، بل تحريم سلوك**.

وبيّن النبي ﷺ صلى الله عليه وسلم  هذه الأشهر فقال: > **«السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حُرُم: ثلاث متواليات… ورجب مُضر الذي بين جمادى وشعبان»** > *(متفق عليه)*

فثبت أن: * رجب شهر حرام **بنص القرآن**
* ومُعيَّن بالاسم **بنص السنة**

 ثانيًا: معنى الحرمة في رجب

 شهر رجب… عبادة التوقّف  قراءة إيمانية في ضوء القرآن والسنة
 شهر رجب… عبادة التوقّفقراءة إيمانية في ضوء القرآن والسنة

قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسير الآية: > *«لا تظلموا فيهن أنفسكم، أي لا تعصوا الله فيها، فإن المعصية فيها أعظم وزرًا»*

فالتعظيم الحقيقي لرجب يكون بـ: * ترك الذنوب * كفّ الظلم
* تهذيب السلوك قبل الإكثار من النوافل.

قال الحسن البصري رحمه الله:

> *«ظلم النفس في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرًا»*

ثالثا : مغزى التحريم… وقف النزيف الأخلاقي

كان العرب في الجاهلية يعيشون في دوّامة ثأر وقتال دائم،
فجاءت الأشهر الحُرُم كمناطق أمان زمنية،
يتوقف فيها السلاح، ويهدأ الدم، ويأمن الضعيف.

لكن الإسلام نقل الفكرة من:
وقف القتال → إلى وقف الظلم كله.

قال الله تعالى بعد ذكر الأشهر الحرم مباشرة: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾

فكأن المعنى:كما أوقفتُ السلاح… أوقفوا المعصية.

 شهر رجب… عبادة التوقّف  قراءة إيمانية في ضوء القرآن والسنة

 

 رابعًا: لماذا رجب بالذات؟

لأن رجب: منفصل زمنيًا عن باقي الأشهر الحرم

يأتي بعد فترة غفلة وقبل مواسم الطاعة الكبرى

فهو كسر مفاجئ للإيقاع: شهر واحد يقول لك:

انتبه… راجع نفسك… لا تسِر على العادة.

وسماه النبي ﷺ:صلى الله عليه وسلم  «رجب مُضر»
لأنهم كانوا يحافظون على تحريمه ولا يبدلونه.

 

خامسا : لماذا لا توجد عبادات مخصوصة في رجب؟

لأن النبي ﷺ *صلى الله عليه وسلم *لم يخصه بعبادة**، ولو كان فيه فضل تعبدي خاص لسبقنا إليه.

قال الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله: > *«لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا في قيام ليلة منه حديث صحيح يصلح للاحتجاج»*

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: > *«تخصيص رجب بالصيام أو الصلاة بدعة، لم يشرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ﷺ»*

وهذا يدل على أن:
✔ الطاعة فيه مشروعة
❌ التخصيص فيه غير مشروع

سادسا : رجب شهر ترك المعصية قبل فعل الطاعة

قال النبي ﷺ:صلى الله عليه وسلم > **«إذا نُهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»**> *(متفق عليه)*

فقدّم ﷺ صلى الله عليه وسلم **ترك المحرمات** على فعل الطاعات.

ومن هنا نفهم أن رجب: * ليس شهر “كم صليت” * بل شهر “كم تركت”

قال ابن القيم رحمه الله: > *«الدين كله خُلُق، فمن زاد عليك في الخُلُق زاد عليك في الدين»*

 

سابعا : أخطر بدعة في رجب

ليست صلاة الرغائب، ولا صيام يوم بعينه،
بل أخطر بدعة هي **تأجيل التوبة**.

قال الله تعالى: > **﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ﴾** > *(النور: 31)*

ولم يقل: في رمضان.

وقال النبي ﷺ:صلى الله عليه وسلم  > **«بادروا بالأعمال سبعًا…»** > *(رواه مسلم)*

فالتأجيل وهم، والغد ليس مضمونًا.

ثامنا : كيف كان السلف يتعاملون مع رجب؟

لم يُنقل عنهم تخصيص عبادة،
لكن نُقل عنهم **تعظيم الاستعداد**.

قال أبو بكر البلخي رحمه الله: > *«رجب شهر الزرع، وشعبان شهر السقي، ورمضان شهر الحصاد»*

فالزرع هنا هو: * تصفية القلب * ترك الذنب * إصلاح النية

 خلاصة المقال :

* رجب شهر حرام بنص القرآن
* تعظيمه يكون بترك الظلم والمعصية
* لا عبادات مخصوصة فيه بنص صحيح
* الاستعداد فيه قلبي وسلوكي لا شكلي
* أخطر ما فيه تأجيل التوبة

> **﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾**
> هي الآية المفتاح لفهم رجب.


 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
احمد المصرى Pro تقييم 4.99 من 5. حقق

$0.25

هذا الإسبوع
المقالات

493

متابعهم

154

متابعهم

955

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.