الشيخ سعيد الكملي يسرد حياة الإمام ابن شهاب الزّهري 1
نسب الإمام ابن شهاب الزهري : هو محمّد بن مسلم بن عُبَيْد الله بن عبدالله بن شهاب بن عبدالله بن الحارث زُهرة بن كِلاب بن مُرّة بن كعب بن لُؤَيّ بن غالِب بن فِهْر بن مالك بن نضر بن كِنانة بن خُزَيْمة بن مُدْرِكة بن إلياس بن مُضَر بن نِزار بن مَعْد بن عدنان القرشيّ الزهريّ المدنيّ ، حافظ زمانه و أحد دواوين الإسلام.
أدرك صغار الصحابة، كأنس بن مالك ومحمود بن الربيع وسهل بن سعد الساعدي، ولازم سعيد بن المسيب أحد أئمة التابعين وتفقه على يديه وجالسه ثماني سنوات .
كان إماما واسع الرواية جدا، قال عليّ بن المدينيّ : " له نحو من ألفي حديث بل قد روى الزهريّ رحمه الله أحاديث تفرد بروايتها ولم يشاركه فيها غيره ، فدلّ ذلك على سعة روايته، قال الإمام مسلم :" روى الزّهريّ نحوا من تسعين فردا لا يشاركه في روايتها غيره كلها إسناده قويّ" وهذا ممّا يدل على سعة روايته وهذا الذي أشار إليه العراقيّ رحمه الله في ألفيّته بقوله :
وَقَوْلُ مُسْلِمٍ رَوَى الزُّهْرِيُّ تِسْعِينَ فَرْدًا كُلُّهَا قَوِيُّ.
و قال اللّيث بن سعد رحمه الله:" ما رأيت رجلا عالما أجمع من ابن شهاب ،إذا حدّث في التّرغيب قلت لا يحسن إلّا هذا، وإذا حدّث عن العرب والأنساب قلت لا يحسن إلّا هذا، وإذا حدّث عن القرآن والحديث كان حديثه".
وسبب هذا العلم الواسع وهذا الحفظ الغزير ما رواه أبو الزّناد قرينه وصاحبه قال :" كنّا نطوف على العلماء مع الزهريّ فكان يحمل معه الصّحف والألواح يكتب كل ما يسمع وكنا نضحك فلما احتيج إليه علمت أنّه أعلم النّاس.
وحدّث الزّهريّ عن نفسه قال :" نشأت وأنا فتى ليس لي مال ولا أنا في ديوان وكنت أتعلم نسب قومي من عبدالله بن ثعلبة بن شعير وكان رجلا عالما بذلك قال: فأتاه يوما رجل فسأله مسألة في الطلاق فلم يدر عبدالله ما يقول فيها" قال الزّهريّ في نفسه :"ألا أراني مع هذا الرجل المسنّ الذي يذكر أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مسح رأسه ثم يسأل عن هذا فلا يدري" ،قال:" وتركت عبدالله بن ثعلبة وذهبت مع السائل إلى سعيد ابن المسيّب فلازمته ثم لازمت عروة بن الزبير ولازمت أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام حتى فقهت ثم رحلت إلى الشّام" والشام في ذلك الوقت قاعدة الإسلام وعاصمة الخلافة وفيها موضع أمير المؤمنين وكان في ذلك الوقت عبدالملك بن مروان قال:" فدخلت فأتيت دمشق فدخلت مسجد دمشق" المسجد الأمويّ المعروف قال:" فأممت حلقة وجاه المقصورة عظيمة" حلقة من حلق العلم في وقت السحر، قال: " فجلست فيها فنسبني القوم سألوني عن نسبي فانتسبت فقلت: رجل من قريش" فقالوا:" ألك علم بالحكم في امهات الأولاد؟" أمهات الأولاد هن الإماء اللائي يطؤهن صاحبهن ، فقال: " فحدّثتهم بقول عمر بن الخطاب". فقالوا له:" هذا مجلس قبيصة بن لؤي" هو أحد العلماء وكان وزيرًا من وزراء عبد الملك بن مروان ،قالوا:" هذا مجلس قبيصة بن لؤي وقد سأله أمير المؤمنين عن ذلك فلم يجد عنده علما، وقد سألنا قبيصة فلم يجد فانتظر حتى يأتي"، قال:" فانتظرت فأتى قبيصة فأخبروه الخبر فسألني نسبني فانتسبت ، فسألني عن سعيد بن المسيّب وعن نظرائه فأخبرته ثم قال لي:" ما تقول ما في حكم أمّهات الأولاد؟ قال:" فحدّثته بحديث عمر"، قال:" أدخلك على أمير المؤمنين". قال:" فصلّينا الصّبح فانطلق قبيصة وانطلقت وراءه"، قال:" فدخل هو على عبد الملك وجلست أنا بالباب حتّى ارتفعت الشّمس فخرج الآذن ثم قال: أين هذا الفتى القرشيّ المدينيّ؟" فقلت:" ها أنا ذا" قال:" ادخل" قال:" فدخلت فإذا عبد الملك والمصحف بين يديه قد أطبقه وأمر به فرفع وليس عنده غير قبيصة ".انتهى كلامه بتصرف ويتبع بإذن الله.