الشيخ سعيد الكملي يسرد حياة الإمام ابن شهاب الزّهري 2

الشيخ سعيد الكملي يسرد حياة الإمام ابن شهاب الزّهري 2

0 المراجعات

قال ابن شهاب :"فدخلت فإذا عبد الملك والمصحف بين يديه قد أطبقه وأمر به فرفع وليس عنده غير قبيصة ".قال:" فسلمت عليه" فقال:" من أنت؟" قال:" فانتسبت إلى زهرة" فقال عبد الملك:" أَوَّهْ قوم نعّارون في الفتن"، وذلك أن أبا الزّهريّ مسلم بن عبيد الله كان مع الذين يحاربون عبد الملك بن مروان كان مع عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما في حربه لعبد الملك ابن مروان ولذلك قال له:" قوم نعارون في الفتن". قال الزّهريّ فقلت :" يا أمير المؤمنين عفا الله عما سلف " فقال له عبد الملك :"أتقرأ القرآن؟" قلت:" نعم" قال:" ما تقول في امرأة ماتت وتركت زوجها وأبويها" فقال الزّهريّ قلت:" لزوجها النّصف ولأمها السّدس ولأبيها ما بقي" قال له عبدالملك:" أصبت الفرض واخطأت اللفظ". هذه فريضة معروفة عند أصحاب الفرائض. معروفة هي إحدى العُمَرِيَّتين( يموت الزّوج ويترك زوجة وأبويها أو تموت الزّوجة وتترك زوجها وأبويها هاتان هما العمريتان) قال:" للزوج النصف نعم وللزوجة السدس لا نقول هكذا للفرائض إنما نقول للزوجة ثلث ما بقي ثلث الذي يبقى هو السدس ولزوجها ما بقي فلذلك قال له أصبت الفرض وأخطأت اللفظ. قال:" ما عندك في حكم أمّهات الأولاد؟"، قال فقلت:" أخبرني سعيد المسيب فقال عبدالملك:" كيف سعيد؟ وكيف حاله؟" فأخبرته قال ثم قلت له:" أخبرني أبو بكر بن عبدالرحمن بن الحارث" فقال:" وكيف هو؟" فقال:" فأخبرته" وذلك أن عبد الملك كان من فقهاء المدينة قبل أن  يبتلى بالخلافة. قال:" ثم أخبرته بحديث عمر في أمهات الأولاد".   فالتفت إلى قبيصة وقال:" يكتب بهذا إلى الأمصار" ثم سكت. فقال الزهري قلت:" لا أجده أخلى منه ساعة" يعني مجلس أمير المؤمنين ليس فيه إلا الزهري وقبيصة فقال:" لعلّي لا أجده كمثل هذه السّاعة خاليا فيها ولعلّي لا أدخل عليه بعدها" فانتهز الفرصة فقال :"إن رأى أمير المؤمنين أن يصل رحمي ويفرض لي فعل". فقال له عبد الملك:" إِيهْ قُمِ الآن لشأنك". قال الزّهري:" فقمت والله مؤْيِسًا مِن كل شيء خرجت من أجله وأنا يومئذ مُقِلُّ مُرْمِل". فلمّا خرج قبيصة أقبل عليّ يلومني ويقول:" ما حملك أن تفعل ما فعلت من غير مشورة؟" فقال قلت في نفسي:" لعلّي لا أدخل عليه بعدها" فقال له قبيصة:" ائتني المنزل" قال:" فأتيته فخرج إليّ خادم بمئة دينار وأمر لي قبيصة من عنده ببغل ودابة وعشرة أثواب وأمرني أن أغْدُوَ عليه من الغد" قال:" فغدوت عليه" فقال:" سأدخلك على أمير المؤمنين ولكن لا تكلّمه بشيء وأنا أكفيك أمره". قال:" فدخلت فسلّمت على عبد الملك فأومأ إليّ أن اجلس ثم جعل يسألني عن أنساب قريش  فجعلت أجيبه فلا هو كان أعلم بها مني، فكنت أود أن يقطع عني الحديث في الأنساب لأنّه كان متقدّما علي فيها". فقال حينئذ عبد الملك للزهريّ:" قد فرضت لك فرائض أهل بيتك وأين تحب ان تكون فريضتك؟" فالتفت إلى قبيصة وأمره أن يكتب ذلك في الدّيوان ثم سأل الزهري:" أين تريد أن تكون فريضتك مع أمير المؤمنين ها هنا؟ أم في بلدك؟ "،قال الزهري:" يا أمير المؤمنين أنا معك" فخرج فتبعه قبيصة وقال له:" إن أمير المؤمنين أمر أن تُكتَب في صحابته وأمر أن يُجْرِيَ عليك رزق الصّحابة وأمر أن تُرفع فريضتك إلى أرفع منها فالزم باب أمير المؤمنين". فكان ذلك قال:" فما تخلفت بعدها" وكان هذا سبب اتصال الزّهريّ ببني مروان وكان هذا سبب امتيال الدنيا عليه.

 وكان كريما لا يُبقي ولا يُبالي أأمسك شيئا ام لم يمسك؟ ولزم الزّهريُّ عبد الملك بن مروان ثمّ لزم بعده ابنه الوليد بن عبد الملك ثمّ سليمان بن عبد الملك ثمّ عمر بن عبد العزيز ثّم يزيد بن عبد الملك ومات في خلافة هشام بن عبدالملك وكان ذلك سنة أربع وعشرين ومئة بعضهم سنة خمسة وعشرين وبعضهم يقول سنة ثلاث وعشرين ومئة.

و من الطّرائف التي يذكرونها في ترجمة الزّهريّ أنه لمّا كان يطلب العلم على شيوخه في المدينة قال:" كنت آتي عروة بن الزبير فاسمع منه ثمّ أنقلب إلى البيت، فتكون عنده جارية في بيته نائمة فيوقظها، ويقول لها حدّثني فلان بكذا، حدّثني فلان بكذا فتقول الجارية :" ما لي ولهذا؟" فيقول لها:" علمت أنك لا تنتفعين به ولكنّني سمعت شيئا فأردت أن أذاكره".

ومن كلامه الذي سار مسرى الأمثال قوله رحمه الله:" لا يرضى النّاس علم عالم لا يعمل و لا يرضى الناس عمل عامل لا يعلم".

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

6

متابعين

2

متابعهم

2

مقالات مشابة