سر قول الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء

سر قول الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء

0 المراجعات

بسم الله الرحمن الرحيم

سر قول الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء
وتفسير آيات وعلم آدم الأسماء كلها مقال كتبه عالم الأسماء وعالم الإشارات علي بن علي بن عبد الخالق العلوي بتاريخ الثلاثاء 28 نوفمبر 2023 ميلادية الموافق ١٤ جمادى الأول ١٤٤٥ هجرية

سأتناول في هذا المقال التالي
١_ سبب عجز المفسرين عن فهم آيات علم الأسماء في القرآن الكريم 
٢_ تفسيري لآيات علم الأسماء في القرآن الكريم 
٣_ قصة تعليم الله آدم الأسماء وإخبار آدم الملائكة بالأسماء في التوراة 
٤_ ملخص تفسيري لآيات علم الأسماء في القرآن الكريم
٥_ مثال على وحوش وطيور وبهائم تحمل نفس اسم ءادم عليه الصلاة والسلام
٦_ ملخص الإشارات الإلهية في آيات علم الأسماء في القرآن الكريم
٧_ لماذا ذكر الله قصة ءادم عليه الصلاة والسلام وتعليمه الأسماء في سورة البقرة في القرآن الكريم ؟ 
٨_ رؤياي عن ءادم وحواء عليهما الصلاة والسلام وكيف تحققت بعد سنوات

 

١_ سبب عجز المفسرين عن فهم آيات علم الأسماء في القرآن الكريم

آيات علم الأسماء في القرآن الكريم من الآيات التي أعجزت المفسرين عن فهمها ففسروها بغير علم ومن أراد أن يعلم هذا فليعد لتفسيرات المفسرين لهذه الآيات
وسيرى كيف اختلفوا في تفسيرها  وكيف كان تفسيرهم جميعاً غير مقنع وغير مفهوم للناس ولهذا لا يزال الناس إلى عصرنا هذا يسألون عن تفسير آيات علم الأسماء في القرآن الكريم ويقولون أنهم لم يقتنعوا بتفسيرات المفسرين لها وأقول أنا اليوم للناس لقد أراد الله لكم أن تفهموا الآن معنى آيات علم الأسماء في القرآن الكريم فالحق أقول أن المفسرين جميعاً فشلوا في تفسير آيات علم الأسماء وسبب ذلك أن هذه الآيات مرتبطة بعلم الأسماء وهو علم عظيم ولهذا لن يستطيع أن يفهم معنى هذه الآيات إلا عالِم أسماء فلهذا أقول لكم أن آيات علم الأسماء لم تُفَسَّر بعد والآن بما علمني الله من علم الأسماء سأفسر هذه الآيات لكم فقد شاءت إرادة الله أن لا يفسر آيات علم الأسماء في القرآن الكريم إلا عالم أسماء والله يفعل ما يشاء وهو العليم الحكيم


٢_ تفسيري لآيات علم الأسماء في القرآن الكريم

قال الله في القرآن الكريم في سورة البقرة الآية ٣٠: وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون * 
الآية ٣١: وعلم ءادم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين *
الآية ٣٢: قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم *
الآية ٣٣: قال يا ءادم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون *
صدق الله العظيم.

والآن سأفسر الآيات السابقات
(وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة )
فقد قال الله للملائكة عليهم الصلاة والسلام إني جاعل في الأرض خليفة من بعد قصة السجود أي وءادم عليه الصلاة والسلام لا يزال في السماء تحديداً في الجنة قال الله هذا لأن الله يعلم ما يكون فقد سبق علم الله أن آدم عليه الصلاة والسلام سيعصي الله وسيخرج من الجنة وسيهبط الله به للأرض ويستخلفه فيها وكان الملائكة يعلمون أن الله يعني بهذا الخليفة ءادم عليه الصلاة والسلام فاعترضوا على استخلاف الله ءادم في الأرض وقالوا كما قال الله في القرآن الكريم 
( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك )

لماذا قالت الملائكة عن ءادم عليه الصلاة والسلام ( ويسفك الدماء ) ؟!

الجواب السر هو في إسم ( ءادم ) فقد قال الملائكة عن ءادم ( ويسفك الدماء ) لأن إسم ( ءادم ) مقلوب( دماء ) وذلك بقلب الدال مع الميم يصبح ( ءامد ) ومعكوسه ( دماء ) 
ولأن معنى اسم ( ءادم ) مِن ( أَدْمَى ) أي أخرجَ الدم ومعنى ءادم من الدم قال الملائكة عن ءادم 
(أتجعل فيها من يفسدُ فيها ويسفكُ الدماء )

فحكم الملائكة على ءادم من إسمه ومجدوا أنفسهم قائلين 
( ونحنُ نسبح بحمدِكَ ونقدسُ لك )

فقال لهم الله ( إني أعلم ما لا تعلمون )
أي إني أعلم من مخلوقاتي الأمم التي خلقت في الأرض مالا تعلمون أنتم فيها
ونقرأ هذا المعنى في ( أعلم ما لا ) نقرأ بالمعكوس كلمة ( الامم ) وهي كلمة ( الأمم ) فهي إشارة إلهية لمعنى الآية وقد أشار الله أنه خلق أمماً في الأرض قبل قوله ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) فقال الله في الآية التي قبلها 
( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم *

ونقرأ من ( لكم ما ) بالمعكوس كلمة ( امم )
وهذا مثل قول الله في سورة الأنعام الآية 38: وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون *

نقرأ من ( أمثالكم ما ) بالمعكوس كلمة (امم ) بالمعكوس 
ونعود لقول الله تعالى 
( قال إني أعلم ما لا تعلمون )

أي إني أعلم من مخلوقاتي الأمم التي في الأرض ما لا تعلمون أنتم فيها
وبعد هذه الآية قال الله
( وعلمَ ءادم الأسماء كلها )

لما كان اعتراض الملائكة عليهم الصلاة والسلام على استخلاف الله ءادم عليه الصلاة والسلام في الأرض بسبب إسمه علّم الله ءادم الأسماء كلها التي في الأرض لِيُحاجِج بها الملائكة الذين ادَّعَوا علمهم بعلم الأسماء واعترضوا على الله في استخلاف ءادم في الأرض بسبب إسمه وذلك لأنهم لم يعترضوا على استخلاف الله ءادم في الأرض بسبب جنسه وإنما بسبب إسمه
وقد ورد في التوراة أن الله علم آدم الأسماء التي في الأرض فقد جاء في الإصحاح الثاني من سفر التكوين

(( ١٥ وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا.
١٦ وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً،
١٧ وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ».
١٨ وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ».
١٩ وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ وَكُلَّ طُيُورِ السَّمَاءِ، فَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ لِيَرَى مَاذَا يَدْعُوهَا، وَكُلُّ مَا دَعَا بِهِ آدَمُ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ فَهُوَ اسْمُهَا.
٢٠ فَدَعَا آدَمُ بِأَسْمَاءٍ جَمِيعَ الْبَهَائِمِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ وَجَمِيعَ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ )) .
انتهى ما جاء في التوراة .

( وعلم ءادم الأسماء كلها )
قلت أن المعنى كل الأسماء التي في الأرض وما يثبت هذا المعنى أن الله قال بعدها ( ثم عرَضَهُم )
وكلمة ( عرضهم ) جاءت من كلمة الأرض فكلمة ( عرضهم ) تقرأ ( أرضهم ) 
وذلك لأن العين حسب أسرار الحروف في اللغة العربية وكثير من اللغات تقرأ همزة لأن شكل العين كشكل الهمزة تماماً
( ء ) والهمزة هي ألف فكلمة ( عرض ) تقرأ ( ءرض ) أي ( أرض )
ومن الأمثلة في اللغات أن العين تقرأ ألف مثال من اللغة الإنجليزية إسم علي يقرأ فيها ألِي Ali وهذا يعني أن العين يقرأ ألف وهذا مثله في لغة أهلنا في تهامة اليمن يقولون لاسم علي ( ألِي ) فهم ينطقون العين ألفاً كالإنجليزية تماماً

إذاً فكلمة ( عرضهم ) في الآية تقرأ ( أرضهم ) فهي تشير للأرض التي ذكرها الله من قبل فقال ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة  )

فكلمة ( الأرض ) الألف فيها تقرأ عين فكلمة ( الأرض ) تقرأ ( العَرض ) ولهذا ربط الله كلمة ( الأرض ) كثيراً بالعرض والإعراض في القرآن الكريم وإليكم الأمثلة على ذلك قال الله في سورة آل عمران الآية ١٣٣ : وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين *

وقال الله في سورة الحديد الآية ٢١ : سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين ءامنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم *

وقال الله في سورة الأحزاب الآية ٧٢ : إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا *

وقال الله في سورة يوسف الآية ١٠٥ : وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون *

وقال الله في سورة الأحقاف الآية ٣ : ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا مُعرضون *

وقال الله في سورة الأحقاف الآية ٢٠ : ويوم يُعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون *

وقال الله في سورة المؤمنون 
الآية ٧١ : ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون *

وقال الله في سورة الأنفال الآية ٦٧ : ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرَض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم *

وهناك آيات كثيرة في القرآن الكريم فيها ذكر الله العرض ومن بعدها ذكر الله الأرض وهناك آيات كثيرة في القرآن الكريم فيها ذكر الله الأرض ومن بعدها ذكر الله العرض وقد تركتها لكم لتتأملوها بأنفسكم وأكتفي بما ذكرته لكم من أمثلة وأعود لقول الله 
( وعلم ءادم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ) 
سبق أن قلت أن الملائكة اعترضوا على جعل الله ءادم خليفة في الأرض بسبب إسمه فقال لهم الله 
( إني أعلم ما لا تعلمون )
أي أعلم من الأمم التي جعلتها قبل ءادم في الأرض ما لا تعلمون أنتم منها
ولما كان اعتراض الملائكة على استخلاف الله ءادم في الأرض بسبب إسمه علم الله ءادم الأسماء كلها التي في الأرض التي اعترض الملائكة على جعل الله ءادم خليفة فيها حتى يحاجج الله الملائكة بعلم الأسماء بءادم نفسه الذي اعترضوا على خلافة الله له في الأرض بسبب إسمه وادَّعَوا علمهم بعلم الأسماء ثم عرض الله كل ما خلق في الأرض على الملائكة من البهائم والطيور والوحوش وسائر حيوانات البرية وهذا العرض هو عرض صوري يعني بث مباشر من السماء للأرض فقال الله لهم
( أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين )
أي أنبئوني بأسماء هؤلاء البهائم والطيور والحيوانات البرية إن كنتم صادقين في ادعائكم علم ما يصلح ليكون في الأرض من أسماء فقال الملائكة لله أنهم لا يعلمون إلا ما علمهم الله كما ذكر الله لنا
: قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم *

( سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا )
سبح الملائكة الله قبل الجواب عليه اعترافاً بعلمه ثم قالوا لا علم لنا إلا ما علمتنا 
أي أن الملائكة لم يعلموا اسم آدم إلا لأن الله علمهم أن إسمه آدم وذلك عند أمرهم بالسجود له سماه الله لهم فقال في سورة البقرة الآية 34 :
وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين *
وهذه الآية جاءت بعد قصة علم الأسماء لتشير إلى حدثٍ قد حدث من قبل فيه علم لله الملائكة باسم ءادم عليه الصلاة والسلام
ولم يعلم الملائكة أسماء مخلوقات الله في الأرض لأن الله لم يُعلمهم بأسمائها 
ولا أنهُ جعلها في الأرض فعندئذ قال الله لآدم الذي اعترضت الملائكة على خلافته في الأرض بسبب إسمه كما ذكر الله لنا في كتابه الكريم
( قال يا ءادم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون *

فحاجج الله الملائكة الذين اعترضوا على استخلاف الله ءادم في الأرض بسبب إسمه بءادم نفسه فعلم الله ءادم أسماء المخلوقات في الأرض كلها ثم عرض الله مخلوقات الأرض على الملائكة وقال لهم أنبئوني بإسم كل مخلوق في الأرض له إسم إن كنتم صادقين أي إن كنتم صادقين في إدعائكم العلم بما يصلح ليكون في الأرض من أسماء فأقر الملائكة بجهلهم أسماء مخلوقات الله في الأرض الذين جعلهم الله فيها وأنهم لا يعلمون من الأسماء إلا ما علمهم الله فقال الله لآدم أنبئهم بأسمائهم
أي أنبئهم بأسماء مخلوقاتي في الأرض التي عرضتها الآن عليهم فلم يعلموا بأسمائها
فلما أنبأ ءادم الملائكة بأسماء مخلوقات الله في الأرض وأخذ ءادم يعدد لهم أسماء المخلوقات في الأرض ورأى الملائكة أنَّ من أسماء تلك المخلوقات التي جعلها الله في الأرض باختلاف أجناسها منها ما مثله في معنى إسم ءادم ومنها ما له إسم ءادم نفسه ومع ذلك صلحت لهم الأرض وصلحوا لها
ولم يسفكوا الدماء ورأى الملائكة في هذا العرض هذه المخلوقات وهم يسبحون بحمد الله ويقدسونه 
ولم يكن منهم سفك الدماء فعلم الملائكة حينها أنهم أخطئوا حين اعترضوا على استخلاف الله ءادم في الأرض التي خلقه الله منها بسبب إسمه وذلك لأنهم شاهدوا في الأرض مخلوقات تحمل نفس إسم ءادم ولم يفسدوا في الأرض بسفك الدماء فيها وصلحت لهم الأرض 
وعلم الملائكة أنهم أخطئوا في إعتقادهم أنه لا يوجد من يسبح بحمد الله ويقدسه غيرهم وذلك لأنهم شاهدوا مخلوقات الله في الأرض التي عرضها الله عليهم وهم يسبحون بحمد ربهم ويقدسونه 
فأفحم الله الملائكة بالحُجة فلم يستطيعوا بعدها كلاماً فقال الله عندئذ لهم كما ذكر في كتابه الكريم
( قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون )

فذكَّرَ الله الملائكة بقوله السابق لهم عند اعتراضهم على خلافة ءادم في الأرض
( إني أعلم ما لا تعلمون ) فقال 
( إني أعلم غيب السماوات والأرض )

أي إني أعلم بكل ما غاب عنكم في السماوات وفي الأرض من مخلوقاتٍ أمم فأنا أعلم بخلقي الذين جعلتهم في السماوات والأرض ولستم أعلم مني بخلقي فلمّا خلق الله الملائكة وجعلهم في السماوات لم يسئل الملائكة عن أسمائهم هل تصلح ليجعل أصحابها في السماوات أم لا
وكذلك لما خلق الله مخلوقات الأرض لم يخبر الملائكة بذلك ولم يخبرهم أنه جعلهم في الأرض لأنه حكيم عليم يعلم ما يفعل ولكن الله هنا أخبر الملائكة باستخلاف ءادم في الأرض لأنه علم أنه سيربط الملائكة بءادم في الأرض فهم من سيتولى حراسة آدم وبنيه في الأرض وهم من سيسجل أعمالهم وغير ذلك من ارتباطات الملائكة بآدم وذريته ولهذا أخبرهم الله بأنه سيستخلف ءادم في الأرض ولم يكن إخباره لهم إستشارة لهم وإنما هو إخبار ولكن الملائكة أخطئوا واعترضوا فحاجَّهُم الله بالحُجة   
( إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون )
ولأن معنى إني أعلم غيب السماوات والأرض أي أعلم ما غاب عنكم فيها من أممٍ مخلوقة نقرأ في 
( وأعلم ما تبدون ) كلمة ( امم ) بالمعكوس وقد أخبر عن هذه الأمم التي خلقها في الأرض فقال في سورة الأنعام الآية 38: وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يُحشرون *

ونعود لقوله تعالى ( وأعلم ما تبدون )
أي من اعتراضكم على خلافة ءادم في الأرض  
( وما كنتم تكتمون )
أي وما كنتم تكتمون من سبب اعتراضكم على خلافة ءادم في الأرض وأن ذلك بسبب إسمه الذي معناه من الدم فالله كان يعلم سبب اعتراضهم هذا

وكلمة ( كنتم ) فيها نقرأ كلمة ( كتم ) ولهذا ذكر الله بعدها كلمة ( تكتمون )
حتى أننا نقرأ من الكلمتين 
( كنتم تكتمون ) كلمة ( تكتم ) بالمعكوس 
وقد ربط الله الملائكة بالكتم وذلك لأن كلمة ( ملائكة ) تقرأ حسب نطقها ( ملائكت )  وبرد الميم الأول لآخر الكلمة تقرأ ( لائكتم ) وفيها كلمة ( كتم ) ولهذا السر ربط الله الملائكة بالكتم .

وقال الله في الآية السابقة في سورة البقرة الآية ٣٣: قال يا ءادم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون *

ونقرأ كلمة ( أنبئهم ) وفيها كلمة ( بئهم ) وهي إشارة إلهية للبهائم ونقرأ كلمة ( أنبأهم  ) 
وفيها كلمة ( بأهم ) وهي إشارة إلهية للبهائم

وصدق الله العليم الحكيم فلم يسفك ءادم عليه الصلاة والسلام الدماء في الأرض كما قالت الملائكة عنه لأنه رجل صالح يخاف الله وإن سفكها إبنه ( قابيل ) فإن سبب ذلك هي نفسه السوء كما قال الله في سورة المائدة الآية ٣٠ :  فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين *

أما أخوه ( هابيل ) عليه الصلاة والسلام فقد كان يهاب الله ولهذا لم يسفك الدم كما قال الله عنه في سورة المائدة الآية ٢٨: لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين *
الآية ٢٩: إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين *


٣_ قصة تعليم الله ءادم الأسماء وإخبار ءادم الملائكة بالأسماء في التوراة

قصة تعليم الله ءادم الأسماء مذكورة في التوراة في هذا النص في الإصحاح الثاني من سفر التكوين

(( ١٩ وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ مِنَ الأَرْضِ كُلَّ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ وَكُلَّ طُيُورِ السَّمَاءِ، فَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ لِيَرَى مَاذَا يَدْعُوهَا، وَكُلُّ مَا دَعَا بِهِ آدَمُ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ فَهُوَ اسْمُهَا.
٢٠ فَدَعَا آدَمُ بِأَسْمَاءٍ جَمِيعَ الْبَهَائِمِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ وَجَمِيعَ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ )) .

وقول الله ( فلما أنبأهم بأسمائهم ) في القرآن الكريم معناه في التوراة في

((  فَدَعَا آدَمُ بِأَسْمَاءٍ جَمِيعَ الْبَهَائِمِ وَطُيُورَ السَّمَاءِ وَجَمِيعَ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ  ))

وقد أخبر الله أن كل هؤلاء الأمم في الأرض يسبحون بحمده فقال في 
سورة الإسراء الآية 44: تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا *

وقال في سورة النور الآية 41: ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون *


٤_ملخص تفسيري لآيات علم الأسماء في القرآن الكريم

أخبر الله الملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة فقال الملائكة مستنكرين أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء فأنكر الملائكة استخلاف الله ءادم في الأرض لأن معنى إسم ءادم من الدم ومقلوب ءادم دماء وذلك بقلب الدال مع الميم
يقرأ ( ءامد ) وهو يقرأ بالمعكوس دماء 
ولهذا قال الملائكة عن ءادم 
( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) 
واعتقد الملائكة أن الله لم يخلق في الأرض قبل ءادم أحد وأنهم وحدهم من يسبحوا الله ويمجدونه فقالوا 
( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) 
فقال لهم الله إني أعلم ما لا تعلمون أي إني أعلم من علم الأمم التي جعلتها في الأرض قبل ءادم ما لا تعلمون أنتم فيها ولما كان اعتراض الملائكة على استخلاف الله ءادم في الأرض بسبب إسمه علم الله ءادم أسماء كل الأمم التي خلقها في الأرض التي سيستخلفه فيها ليحاجج بتلك الأسماء الملائكة الذين اعترضوا على استخلافه ءادم في الأرض بسبب إسمه ثم عرض الله على الملائكة فيديو مباشر من الأرض للأمم التي خلق الله فيها من طيور وبهائم وحيوانات برية فقال الله للملائكة أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين أي أنبئوني بأسماء هؤلاء الأمم التي جعلتها في الأرض إن كنتم صادقين في إدعائكم العلم بما يصلح ليكون في الأرض من أسماء وإن كنتم صادقين أنكم وحدكم من يسبح بحمدي ويقدس لي فسبح الملائكة الله وقالوا أنهم لا يعلمون من أخبار الخلق وأسمائهم إلا ما علمهم
( قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم )
فعندها قال الله لءادم الذي اعترض الملائكة على استخلاف الله له في الأرض بسبب إسمه ( أنبئهم بأسمائهم )
فأخذ ءادم ينبئ الملائكة بأسماء الأمم التي في الأرض فلما رأى الملائكة أنَّ من أسماء تلك المخلوقات التي جعلها الله في الأرض باختلاف أجناسها منها ما مثله في معنى إسم ءادم ومنها ما له إسم ءادم نفسه ومع ذلك صلحت لهم الأرض وصلحوا لها ولم يسفكوا الدماء ورأى الملائكة في هذا العرض هذه المخلوقات وهم يسبحون بحمد الله ويقدسونه ولم يكن منهم سفك الدماء فعلم الملائكة حينها أنهم أخطئوا حين اعترضوا على استخلاف الله ءادم في الأرض التي خلقه الله منها بسبب إسمه وذلك لأنهم شاهدوا في الأرض مخلوقات تحمل نفس إسم آدم ولم يفسدوا في الأرض بسفك الدماء فيها وصلحت لهم الأرض وعلم الملائكة أنهم أخطئوا في إعتقادهم أنه لا يسبح بحمد الله ويقدسه غيرهم وذلك لأنهم شاهدوا مخلوقات الله الأمم في الأرض التي عرضها الله عليهم وهم يسبحون بحمد ربهم ويقدسونه 
فأفحم الله الملائكة بالحُجة فلم يستطيعوا بعدها كلاماً فقال الله عندئذ لهم كما ذكر في كتابه الكريم
( قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) 
أي إني أعلم ما غاب عنكم في السماوات والأرض من الأمم التي خلقت فيها
وأعلم ما تبدون من اعتراضكم على استخلاف ءادم في الأرض وأعلم ما تكتمون من سبب اعتراضكم على استخلافي ءادم في الأرض وأن ذلك بسبب إسمه الذي معناه من الدم .
والخلاصة أن الملائكة ادَّعَوا علم الأسماء فلقنهم الله مُعلم الأسماء درساً عظيماً في علم الأسماء .


٥_ مثال على وحوش وطيور وبهائم تحمل نفس اسم ءادم 

من الطيور التي تحمل نفس اسم ءادم 
طائر الدومي فمعناه نفس معنى اسم ءادم أما من الوحوش فقد قال الأصمعي في كتاب أسماء الوحوش إذا كان الظبي 
مسكي الظهر شديد بياض البطن أكحل العين طويل العنق فهو 
أُدم والأنثى أدْماء والجمع الأُدْم

وفي ديوان الشاعر عمرو بن معدي كرب

تبدّلَ أُدمانَ الظباءِ وحيرما

فأصبحتُ في أطلالِه اليومَ حامِسا

ومن البهائم نوع من الأغنام تسمى الدمان وهي سلالة غنم جزائرية مغربية صفاتها لها قامة قصيرة ورأس مدقق وضيق وأذنين طويلتين متدليتين ليس لها قرون .


٦_ ملخص الإشارات الإلهية في آيات علم الأسماء في القرآن الكريم

١_ ( إني أعلم ما لا تعلمون )
أي إني أعلم من مخلوقاتي الأمم التي جعلتها في الأرض ما لا تعلمون أنتم فيها
ونقرأ هذا المعنى في ( أعلم ما لا ) نقرأ بالمعكوس كلمة ( الامم ) وهي كلمة ( الأمم ) وقد أشار الله أنه خلق أمماً في الأرض قبل قوله ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) فقال الله في الآية التي قبلها 
( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم *

ونقرأ من ( لكم ما ) بالمعكوس كلمة ( امم ) وهذا مثل قول الله في سورة الأنعام الآية 38: وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون *

فنقرأ من ( أمم أمثالكم ما ) بالمعكوس كلمة ( أمم ) وكلمة ( امم ) .

٢_ قال الله في سورة البقرة الآية ٣٣: قال يا ءادم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون *

ونقرأ كلمة ( أنبئهم ) وفيها كلمة ( بئهم ) وهي إشارة إلهية للبهائم ونقرأ كلمة ( أنبأهم  ) وفيها كلمة ( بأهم ) وهي إشارة إلهية للبهائم  ونقرأ كلمة 
( بأسمائهم ) وفي أولها ( بأ ) وآخرها 
( ائهم ) فنقرأ بهذا كلمة ( بأائهم )والألف مكرر فهي ( بائهم ) ومن مقلوبها ( بهائم ) .

٣_ ( إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون )

ولأن معنى ( إني أعلم غيب السماوات والأرض ) أي أعلم ما غاب عنكم فيها من أمم خلقتها نقرأ في 
( وأعلم ما تبدون ) كلمة ( امم ) بالمعكوس وقد أخبر الله عن هذه الأمم التي خلقها في الأرض فقال في سورة الأنعام الآية 38: وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون *

٧_ لماذا ذكر الله قصة ءادم عليه الصلاة والسلام وتعليمه الأسماء في سورة البقرة في القرآن الكريم ؟

الجواب لأن البقرة مما علم الله ءادم الأسماء وممَّا عرض الله على الملائكة في العرض المذكور في قوله تعالى في سورة البقرة الآية ٣١ : وعلم ءادم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين * 
ولهذا ذكر الله هذه الآيات في سورة البقرة .

٨_ رؤياي عن ءادم وحواء عليهما الصلاة والسلام وكيف تحققت بعد سنوات

ليس من طبعي أن أذكر الرؤى إلا هذه الرؤيا لما لها من علاقة بالمقال رأيت قبل سنوات طوال قبل حوالي أكثر من خمس سنوات أي قبل أن يؤتيني الله علم الأسماء وعلم الإشارات وكثير من العلوم رأيت أن وحوشاً قطعت على الناس الطريق وخافها الناس جميعاً فهرعت لأبعد هذه الوحوش عن الطريق وأخذت حجارة صغيرة وكنت أرمي الوحوش لتبتعد عن طريق الناس وبمجرد أن رميت أول حجر قامت الوحوش مطيعة لي حتى أني لم أحتج أن أرمي عليها الحصا بل كنت أهشها بيدي كما يهش الراعي الغنم بيديه وكانت تسير أمامي منقادة لي وأذكر أني رأيت بينها ذئباً وبينما أنا كذلك أسوق الوحوش من كل جانب كما يسوق الراعي الغنم أذكر أني خلعت نعلاي وحملتهما بيدي حتى أستطيع أن أسوق الوحوش ولا أذكر ألبستهما بعد أم لا وحينها التفتُّ فرأيت بعيداً عني قليلاً إلى اليمين أبونا ءادم عليه الصلاة والسلام وأمامه أمنا حواء عليها الصلاة والسلام وكان واضعاً يده اليمنى على كتف أمنا حواء عليهما الصلاة والسلام والتفت نحوي وأشار بأصبعه السبابة تجاهي وهو يقول لأمنا حواء وهما ينظران نحوي : هُوَ هذا .وانتهت الرؤيا وقد أثارت هذه الرؤيا استغرابي حينها لأني لم أفهمها ولكني في الفترة الأخيرة عندما شرعت بتفسير آيات علم الأسماء وعندما وصلت لتفسير معنى وعلم آدم الأسماء كلها ومعنى أنبئوني بأسماء هؤلاء وكنت أكتب عن الوحوش ( حيوانات البرية ) تذكرت الرؤيا وذكرت الوحوش في الرؤيا وفهمت الآن أن الرؤيا إشارة إلهية من أبينا ءادم عليه الصلاة والسلام لأمنا حواء عليها الصلاة والسلام أني مَن سيفسر آيات علم الأسماء التي فيها ذكر الوحوش .
وأذكر أني أرسلت هذه الرؤيا للشيخ أمير المدري حفظه الله قبل سنوات طويلة وكان هو الشيخ الذي أعتمد عليه في تفسير رؤاي حيث كان طيباً معي بشدة ولا يهمل رسائلي ولا أذكر ماذا قال لي الشيخ حينها وهل فسر لي الرؤيا حينها أم لا
وسأرسل له برابط الحلقة إن شاء الله
كما أذكر أني أخبرت بعض من أهلي بهذه الرؤيا قبل سنوات فإن أراد أن يعلق بعضهم على هذا فليفعل .

وإلى هنا أكون قد وصلت لختام مقال
سر قول الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء
إن أعجبكم المقال فضلاً شاركوا الرابط لأصدقائكم دعماً للموقع واشتراكاً في الأجر ودمتم بكل خير وإلى اللقاء في مقالات أخرى في علم الأسماء تابعونا

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

37

followers

9

followings

5

مقالات مشابة