الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه

الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه

0 المراجعات

بسم الله الرحمن الرحيم

 

_ كان لجيل الصحابة رضي الله عنهم في بداية ظهور الإسلام دور بارز في نصرة الدين والوقوف بوجه الكفار المعاندين تحت لواء سيدنا وقدوتنا رسول العالمين محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد رسخ الإيمان قي قلوبهم وواجهو الصراع بالتمسك بالحق والعقيدة الصحيحة في مواجهة الصعاب والعوائق أمام نشر الدعوة الإسلامية والذود عنها بالمال والنفس ، وكانت النتيجة هي التمكين والسؤدد على الأمم الأخرى المعادية فهم مثال يحتذى بهم وأصل يقتدى بهم فهم من مدرسة النبوة الشريفة التي سعى فيها نبينا وقائدنا محمد صلى الله عليه وسلم لإنتشال الناس من عبادة ما سوى الله سبحانه وتعالى إلى عبادة الملك القدوس جل وعلا .

 

_ ومن هؤلاء الجيل نتناول سيرة الصحابي مصب بن عمير الذي كان من كبار فضلاء الصحابة وأسبقهم للدخول في دين الله ، وصاحب شأن رفيع في قومه ومن أحسن شباب أهل مكة في شكله ومظهره وطيب رائحته ، لكن بعد إسلامه تغير حاله بعد ان لقي من قومة ما لقيه أخوانه المسلمين من الأذى الجسدي والمعنوي لصده عن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، لكنه لم يعبأ بذلك وواصل مسيرته نحو الهدف الذي سار إليه الصحابة رضي الله عنهم في التمكين لهذا الدين .

 

_ ولد مصعب بن عمير لأبوين من أغنياء مكة وقد أغدقا عليه من النعيم والدلال والترف الكثير حتى أصبح مثالاً للولد المترف المنعم عند أهله ، فلا يلبس إلا فاخر الثياب ولا ينام إلا على الفراش الناعم ولا يأكل إلا أطيب الطعام ولا تفوح منه إلا رائحة المسك والعطور الطيبة ، فكان أهل مكة يغبطونه على هذا النعيم الذي هو فيه وتتمنى فتيات مكة أن تتزوج إحداهن منه لحسن هيئته وجمال منظره

 

_ بعدما علم مصب بن عمير ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أرسل بالنبوة ، وعلم بمجالسته لأصحابه في دار الأرقم بن أبي الأرقم عزم على الذهاب ليسمع ويرى بنفسه مايقال عن محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنه يدعوا إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وترك عبادة الأوثان وقد ساورته الشكوك والقلق مما يفعله قومه من عبادات لا تستسيغها العقول ولا يقبلها الحس .

 

_ وصل مصعب بن عمير إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وجلس معه وسمع منه ، فوجد ما قاله صلى الله عليه وسلم هو عين ما يتردد في قلبه من الحق فانشرح صدره لذلك وأعلن إسلامه ، لكنه كتم ذلك عن أهله حتى لا يناله من ذلك البطش والأذى منهم .

 

_ بعد فترة من الزمن علمت أم مصعب بإسلام إبنها عندما أخبرها عثمان بن أبي طلحة أنه رآه يصلي فكادت أن تجن ، وانذهلت مما عرفت فكيف يترك دينه ودين آبائه ويذهب لهؤلاء الفقراء المنبوذين من قومهم ، وأخذت تطرح عليه الأسئلة ، عن الذي لم يجده في بيته عند أهله فكل ما يريده مجاب فما الذي ينقصه حتى يذب لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وما علمت أن كل ما عنده من نعيم الدنيا لا يقارن بنعيم الآخرة من الهداية ونور الإيمان ، حاولت ثنيه عن أتباع الدين الجديد من خلال الترغيب تارة والترهيب تارة أخرى لكنه ظل ثابتاً لم يتزحزح عن رأيه .

 

_ استخدمت الأم وسيلة ضعف لدى مصعب وهي تدرك مدى حبه وبره لها فأقسمت عليه إن لم يرجع عما هم فيه ، ستقف تحت لهيب الشمس ولا تأكل أو تشرب وقد نفذت ما وعدت به حتى أغمي عليها عدة مرات بسبب حر الشمس وحملت إلى البيت ، لكن هذا الأمر لم يجعل مصب يرجع عن رأيه وأدركت الأم أن إستعطاف الأبن لن يجدي نفعاً ، فقامت بعمل آخر لعله يرجع فحبسته ومنعته من الخروج وجوعته وعذبته أشد أنواع العذاب حتى تغير لون جلده وأصبح جسده منهكاً لدرجة أن من يراه لم يعرفه ، فلما يأست من ذلك وكاد أن يموت قامت بإطلاقه .

 

_ خرج مصعب بعد أن تحول حاله الأول إلى الأنهاك والجوع ولبس المرقع من الثياب ، وقد ذهب لأصحابه من الصحابة رضي الله عنهم وقد حزنوا لحاله التي وصل إليها ، وقد كان منعماً مدللاً في بيته فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام ثم قال عليه السلام (( لقد رأيت هذا وما بمكة فتى أنعم عند أبويه من ، ثم أخرجه من ذلك الرغبة في الخير وحب الله ورسوله )) فكانت تلك شهادة من النبي صلى الله عليه وسلم على إخلاصه وحبه للإسلام والمسلمين .

 

_ لما ضيق على المسلمين في مكة أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة ، وكان ممن خرج للهجرة مصعب بن عمير تاركاً النعيم الذي كان فيه ، وقد دخل الشعب مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فذاق الجوع والعطش والتعب حتى أنه كاد لا يستطيع المشي بسبب الأرهاق .

 

_ كان مصب رضي الله عنه ممن يطلب العلم دوماً فلا يتردد في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة عن أي أمر في الدين حتى يعبد الله سبحانه وتعالى على بصيرة من أمره ، وبعد أن تعلم قدر ما استطاع من العلم الشرعي ، وأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرسل نفراً من الصحابة إلى المدينة المنورة ليعلموا أصحابها الدين ، كان مصعب أحد هؤلاء الرسل فذهب إلى المدينة يدعوا أهلها للإسلام ويقرؤهم القرآن الكريم ويعلمهم مبادىء الإسلام فكان ينتقل من دار إلى دار ومن مجلس إلى مجلس يقرأن القرآن ويدعوا إلى دين الله فلا يمر اليوم حتى يسلم رجل أو رجلان بلين لسان وعذوبة أسلوب  .

 

_ وقد تميز مصب بن عمير رضي الله عنه بحبه للجهاد قي سبيل الله ونصرة الحق وعدم التواني فيما يطلبه من الرسول صلى الله عليه وسلم ، فحمل سيفه وشارك مع إخوانه من الصحابة في غزوة بدر الكبرى والتي أنتصر فيها المسلمون نصراً عزيزاً مؤزراً على أعدائهم ، ولما حدثت غزوة أحد وأصاب المسلمين ما أصابهم من فقدان الإتزان بسبب عدم اتباع ما أرشد إليه النبي صللى الله عليه وسلم ، ثبت مصعب مع نفر قليل من إخوانه يحمل لواء المسلمين في المعركة وظل متمسكاً بها حتى أشيع موت النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يؤثر ذلك فيه هو ومن معه من الصحابة فهتف بقول الله تعالى (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على غقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين )) ، فتقدم إليه عدو الله أبن قمئة فضرب يده اليمنى فقطعها ، فأخذ رضي الله عنه اللواء بيده اليسرى حتى لا تقع فضرب ابن قمئة يده اليسرى فقطعها فانحنى على اللواء وضمه بعضديه ثم أطلق عليه عدو الله الرمح الذي اخترق جسده رضي الله عنه فخر على الأرض صريعاً .

 

_ أستشهد مصعب رضي الله عنه في هذه المعركة بعد ثبات وإصرار لا يخاف من الموت وكل همه الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم واتباع أوامره وكان حين إستشهاده قد بلغ الأربعين من العمر ، وبعد إنقضاء المعركة مر النبي صلى الله عليه وسلم بالشهداء يتفقدهم وينظر إلى ثلة قدمت أرواحها رخيصة في سبيل الله لنصرة الإسلام والثمن ما أعده الله لهم من النعيم في الجنة فلما وصل صلى الله عليه وسلم بمحاذاة مصعب رضي الله عنه وقف عنده وأخذ ورفع يديه يدعو له ثم قرأ قوله تعالى (( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا )) 

 

_ غادر مصعب رضي الله عنه هذه الدنيا وقد ترك لنا سيرة طيبة فيها قدوة للشباب المسلم الذي كرس جهده وعمله في الدنيا للدعوة لدين الله والعمل بما يأمرنا الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ،  وصيانة هذا الدين والحفاظ على بيضة المسلمين بالجهاد في سبيل الله ونصرة المستضعقين وإعلاء راية الحق خفاقة عالية فرضي الله عنك يا مصعب وجمعنا بك وبرسولنا صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في مستقر رحمته إنه على كل شيء قدير . 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

4

متابعين

8

متابعهم

49

مقالات مشابة