المكتبات ودور العلم  في العصور الإسلامية

المكتبات ودور العلم في العصور الإسلامية

0 المراجعات

بسم الله الرحمن الرحيم

 

  • ـــ كان للمكتبة الإسلامية أهمية لدى المسلمين ، وخصوصاً بعد إنتشار الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ، فأصبحت الحاجة الملحة لإقامة أماكن العلم ومصنفات الكتب بعد نشر العلم والتعليم في كل البلدان الإسلامية ، فركز المسلمون جل أوقاتهم في مطالعة الكتب والمؤلفات كونها خلاصة المعرفة التي خرجت من العقول واستوعبتها وذلك نابع من الحث على العلم والبحث عن المفيد للمسلمين .
  •  

ـــ المكتبة الإسلامية بدأ ظهورها لأجل غاية دينية  سامية راقية عند المسلمين ، ألا وهي تعليم الناس أمور دينهم ودنياهم وتثقيفهم ثقافة إسلامية يعيش من خلالها المسلم حياة سعيدة متوازنة في كل شئونها ومجالاتها المتنوعة ، من علاقة المسلم بربه عزوجل وعلاقته بأهله من الوالدين والزوجة والأبناء وعلاقته بالآخرين ممن يعيش معه في نفس المجتمع ، ويكون بذلك عارفاً بما ينفعة فيقدم عليه وما يضره فيبتعد عنه .

 

 ـــ برز عند نشأة المكتبات الإسلامية أن كان مقرها في بداية الأمر المساجد والجوامع وهذا مرتبط بكون التعليم الديني بدأ من أماكن العبادات ، التي يدرس فيها العلم الشرعي منذ الصغر ، كحفظ القرآن الكريم ولأحاديث النبوية  ودراسة السنة ا، وتعلم بعض العلوم المهمة من الحساب والنثر والشعر .

 

ـــ بدأ المسلمون ببناء المكتبات الكثيرة على مدى العصور الإسلامية المتعاقبة ، فاحتوت المساجد والجوامع والزوايا والخوانق والقبب بخزائن الكتب المتنوعة في تصانيفها ومؤلفاتها ، تساعد المدرسين على التأليف والطلاب على الحفظ والمذاكرة ، فكان لكثرة المكتبات القيمة العلمية في عصور كان الإعتماد فيها على التدوين من خلال الكتابة الخطية ونسخ المخطوطات يدوياً ، ووجود هذه المكتبات نهض بحركة النسخ والتأليف وبالتالي التقدم العلمي والحضاري لأمة الإسلام .

 

ـــ من أهم أدوار المكتبة في الإسلام سهولة حصول القارىء والباحث عن المؤلف أو الكتاب الذي يبحث عنه بكل سهولة ويسر ، وذلك كان من قبل من أصعب الأمور بسبب عدم إنتشار الكتب فلا يستطيع الكثير من الناس شرائها لإرتفاع أسعارها ، لإرتفاع اسعار مواد الكتابة من الأوراق والأقلام وارتفاع أجرة يد الناسخ لهذه الكتب .

 

ـــ من الفئات التي استفادت من  المكتبات هم الطلاب ، فقد سهلت لهم الحصول على الكتب التي يريدونها في دراستهم ، وابعدتهم عن شراء الكنتب الباهضة الثمن من التجار المغالين في أثمانها ، فاستطاعوا بذلك الحصول على المؤلفات والإطلاع عليها ومراجعتها مع مدريسيهم ، وأتاحت لهم فرصة البحث وحرية المطالعة في شتى العلوم ، ونمت قدرتهم على الإستيعاب والفهم 

 

ـــ أن أي أمة تعيش على ا لأرض يكون مستوى تطورهم ورقيهم من خلال المعرفة العلمية لديهم ، فالمكتبة الإسلامية هي مقياس الرقي والحضارة لدى المسلمين ، وكثرة وتنوع وشهرة وانتشار  هذه المكتبات له دلالة واضحة على ثقافة الناس وإقبالهم على العلم وحب المعرفة  .

 

ـــ بما أن المكتبات هي مقياس الثقافة لدى المسلمين ، رأينا منهم من يهتمون بالكتاب إهتماماً كبيراً وصل لحد الحكام أنفسهم ، الذين حافظوا عليها كونها ثروة علمية لا تقدر بثمن ، ولا يمكن التفريط فيها بأي حال من الأحوال ، حتى وصل الإهتمام بالكتاب لدى الشعراء الذين كما هو معلوم في شعرهم الفخر بالأنساب والقبائل ، فنجد أن الأمر أنتقل إلى الفخر بالعلم وإعارة الكتب وامتلاك المخطوطات النادرة .

 

ـــ بالنظر إلى المكتبات من جهة بنائها أو العمل فيها أو ترتيب الكتب ، فقد تعدد ت العناصر العاملة فيها سواء من خزان أو مترجمين أو نساخ أو مناولين ، ونظمت طريقة إعارة الكتب وفهرستها ، وموارد الحصول على الكتب سواء عن طريق الشراء أو الوقف أو النسخ أو الهبات والهدايا .

 

ـــ  بالنسبة لبناء المكتبات فكان مستقلاً ومزوداً بحجرات متعددة ، يربط بينها أروقة فسيحة والرفوف مثبتة على الجدران لتوضع عليها الكتب ، بعضها فوق بعض الكبيرة منها في الأعلى والصغيرة منها في الأسفل ، ويكتب أسم الكتاب عليه من جانب آخر الصفحات من أسفل ويوضع للكتاب ترجمة تسهل معرفته وتيسير إخراجة من بين الكتب ، وكانت الأورقة تختص بأدوار معينة بعضها للمطالعة والإطلاع وبعضها للنسخ أو المناظرة والبحث والمحاضرات والإجتماعات ، ومن الأمثلة على مثل هذا النوع من المكتبات مكتبة دار الحكمة التي أسسها الحاكم بأمر الله سنة ( 395 هـ - 104 م )  وبلغ عدد غرفها أربعين غرفة ، وكذلك مكتبة دار العلم التي أسسها سابور بن أردشير في بغداد سنة ( 382 هـ - 992 م ) في العصر البويهي .

 

ـــ زودت المكتبات بالأثاث والفرش والزخارف وعلقت عليها الستور وجعل عليها من الخدام الذين يهتمون بنظافة المكتبة وترتيب البسط عليها ، كما أن الترتيب والتنظيم للمكتبة بما تحويه من الكتب ، والإدارة الجيدة حقق الأهداف المنشودة من إقامتها ، وهذا التنظيم الرائع مما نفقده اليوم حين إبتعدنا عن الإهتمام بالمكتبات كمصدر غني بالثقافة الإسلامية والمصادر العلمية التي نحتاج إليها في حياتنا ومجتمعنا ، حيث تراجع المسلمون كثيراً في نواحي العلم العالمي الحديث .

 

ــــ لم تكن المكتبة الإسلمية مكان للإطلاع على الكتب وقرائتها فقط ، بل أصبحت منتدى علمي يجتمع فيها الأدباء والكتاب وعامة الناس من أهل البلدة ، يناقشون مواضيع كثيرة تطرأ على الساحة العلمية ، وبهذا أنضمت المكتبة إلى مصادر التعليم الإسلامي الأخرى كالمساجد ومنازل العلماء ومجالس الوعظ وحوانيت الوراقين والربط والزوايا والخوانق ، فزاد التنوع الثقافي لدى المسلمين وتوسعت مدارك الدارسين وانعكس ذلك على الحضارة المتقدمة والتي يسير أهلها نحو حياة علمية ثقافية مزدهرة ومتطورة وبعيدة عن ظلمات الجهل والتخلف والإنكفاء على النفس .

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

4

متابعين

8

متابعهم

49

مقالات مشابة