دروس مستفادة من قصة الإسراء والمعراج
إن حادثة الإسراء والمعراج من المعجزات الإلهية التي أيد الله عز وجل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم , حيث أختلف العلماء في وقت حدوثها ولكن على الأرجح جرت قبل الهجرة النبوية فيما بين السنة الحادية عشرة والثانية عشرة من بعثة النبي- صلى الله عليه وسلم- بعد أن فقد النبي - صلى الله عليه وسلم - زوجته أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد , وعمه أبا طالب اللذين كانا حريصين عن التخفيف عن آلامه وأحزانه و الوقوف بجانبه ضد كفار قريش حيث سمى هذا العام بعام الحزن , وما لاقاه أيضا من أذى أهل الطائف , فواساه الله سبحانه وتعالى بهذه الرحلة المباركة إعلاء لشأن النبي صلى الله عليه وسلم، وإكراما له ، وتعريفا له بمنزلته وقدره عند الله – عز وجل فكانت حادثة الإسراء والمعراج .
والمقصود بالإسراء في اللغة مصدر من أسرى، وهو السير ليلا أما في الاصطلاح يقصد به الذهاب بالنبي -عليه الصلاة والسلام- على دابة تسمى البراق، مع جبريل -عليه السلام- من البيت الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في القدس، ورجوعه إلى مكة . يقول الله تعالى في سورة الإسراء : : {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. أما بالمعراج في اللغة بأنها جاءت على وزن مفعال من العروج وهو الصعود، وفي الاصطلاح المعراج يطلق على صعود النبي - عليه الصلاة والسلام- إلى ما فوق السماوات السبع ، ورجوعه إلى مكة في جزء من الليل . يقول الله تعالى في سورة النجم : {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ * فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ }. فقد جاء عن الإمام البخاري - رحمه الله - في صحيحه عن حادثة الإسراء والمعراج، حيث كان النبي - عليه الصلاة والسلام- مستلقيا على ظهره في بيت أم هانئ ، فانفرج سقف البيت، ونزل منه ملكان على هيئة البشر، فأخذاه إلى الحطيم عند زمزم، ثم شقا صدره، وأخرجا قلبه الشريف وغسلاه بماء زمزم، وملآه بالإيمان والحكمة في ذلك تهيئة النبي - صلى الله عليه وسلم- لِما سيشاهده، وليكون إعدادا له من الناحية اليقينية والروحية .
ثم جاء سيدنا جبريل - عليه السلام- للنبي بدابة البراق وهى دابة بيضاء فوق الحمار ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه، فلما ركبها النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يثبت، حتى قال له جبريل -عليه السلام- أن يثبت، فلم يركبها أحد خير منه، فثبت النبي، وتصبب عرقا، ثم انطلقت بهما إلى بيت المقدس فقد أسري بالنبي – صلى الله عليه وسلم - في جزء من الليل ، وعندما وصل المسجد الأقصى صلى ركعتين فيه .
عرج بالنبي وجبريل إلى السماء الدنيا، فرأى -عليه الصلاة والسلام في السماء الدنيا- آدم -عليه السلام- ورحب به، ورد عليه السلام، وأراه أرواح الشهداء عن يمينه، وأرواح الأشقياء عن يساره، ثُم صعد إلى السماء الثانية، فرأى فيها نبي الله يحيى ونبي الله عيسى -عليهما السلام - ثم صعد إلى السماء الثالثة فرأى فيها يوسف - عليه السلام-، ثم رأى إدريس -عليه السلام- في السماء الرابعة، وهارون -عليه السلام - في السماء الخامسة، وموسى - عليه السلام- في السماء السادسة، وفي السماء السابعة رأى إبراهيم -عليه السلام-، وجميعهم يسلمون عليه، ويقرون له بالنبوة . ثم صعد إلى سدرة المنتهى، والبيت المعمور، ثم صعد فوق السماء السابعة، وكلم الله - تعالى- ففرض عليه خمسين صلاة، وبقي النبي يطلب من ربه – عز وجل - التخفيف حتى جعلها خمسا، وعرض عليه اللبن والخمر، فاختار اللبن، فقيل له أنه أصاب الفطرة، ورأى أنهار الجنة، اثنان ظاهران، واثنان باطنان، ورأى خازن النار - مالك- ، ورأى أكلة الربا ، وأكلة أموال اليتامى ظلما، وغير ذلك الكثير من المشاهد
والمستفاد من حادثة الإسراء والمعراج ، منها ما يأتي:-
• تثبيت الرسول صلى الله عليه وسلم على الحق والتخفيف عن الآلام والأحزان الذي سكن قلبه صلى الله عليه وسلم بسبب وفاة السيدة خديجة ، وعمه أبي طالب وما لاقاه من أهل الطائف .
• مشاهدة الرسول صلى الله عليه وسلم لآيات ربه الكبرى والجنة والنار فيه دعوة لتجنب العذاب ونيل الثواب والرضا .
• إعلام الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه خير الناس منذ أن خلق الله البشر .
• تتجلى في إعجاز المشركين وزيادة المؤمنين يقينيا بحادثة الإسراء والمعراج ، حيث سمي أبو بكر الصديق – رضى الله عنه بالصديق ؛ لتصديقه للنبي - عليه الصلاة والسلام- في معجزة الإسراء والمعراج.
• منزلة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عند ربه ، حيث صعد به رب العزة والجلالة إلى مكان عظيم لم يبلغه أحد من البشر قبله، حيث عرج به إلى السموات السبع، وتخطاهن حتى وصل إلى سدرة المنتهى، وكلمه رب العزة والجلال .
• بيان أهمية الصلاة في المسجد الحرام والمسجد الأقصى، .