كيف خلق الله الكون من العدم ج(2)

كيف خلق الله الكون من العدم ج(2)

0 المراجعات

1 - خلق العرش :

قال الله تعالى : ( رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ ) (وقال تعالى : ( فَتَعَلَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ [ المؤمنون : ١١٦ ] .وقال الله : ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [ النمل : ٢٦ ] . وقال : ﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجيد﴾ [ البروج : ١٤ - ١٥ ] . وقال تعالى : ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) [ طه : ٥ ] . وقال : ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) في غير ما آية (۳) منَ القُرْآنِ وقال تعالى : ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ﴾ [غافر : ٧ ) .[ الحاقة : ١٧ ] . وقال تعالى : ﴿ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَيذٍ ثَمَانِيَةٌ ) وقال تعالى : ﴿ وَتَرَى الْمَلَتَيكَةَ حَافِينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) [ الزمر : ٧٥ ] . وفي الدعاء المروي في ( الصحيح )) ، في دعاء الكرب : ( لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رَبُّ العَرْشِ الكَريم لا إله إلا الله رَبِّ السَّمواتِ وَرَبُّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ الكَريم ) . وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا يحيى بن العلاء ، عن عمه شعيب بن خالد ، حدثني سماك بن حرب ، عن عبد الله بن عميرة ، عن الأحنف بن قيس ، عن عباس بن عبد المطلب قال : كُنَّا جُلُوساً مع رسول الله ﷺ بالبطحاء ، فمرَّتْ سحابة ، فقال رسول الله ﷺ : « أَتَدْرُونَ مَا هَذَا ؟ » قال : قُلْنا : السَّحابُ . قال : ( والمزن » . قلنا : والمزن . قال : ( والعنان » ، قال : فسكتنا ، فقال : ( هَلْ تَدْرُونَ كم بين السَّماء والأرْضِ ) ؟ قال : قلنا : اللهُ وَرَسُوله أعلم . قال : « بَيْنَهُما مَسِيرَة خمسمئة سنة ، ومن كُلِّ سَماء إلى سماء مسيرة خمسمئة سنة وكثف كُلّ سَمَاء مَسِيرَة خَمْسِمئَةِ سنة ، وفوق السماء السابعة بحر بين أسفله وأغلاه كما بَيْن السَّماء والأرْضِ [ ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْ عَالِ بَيْنِ ركبهن وأظلافهنَّ كما بينَ السَّماء والأرْضِ ، ثُمَّ عَلى ظُهُورِهِمْ العَرْضُ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأرض ) . واللهُ فَوْقَ ذلك ، وليْسَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ شَيْءٌ » . هذا لفظ الإمام أحمد . ورواه أبو داود ، وابن ماجه ، والترمذي من حديث سماك بإسناده ، نحوه . وقال الترمذي  : هذا حديث حسن . وروى شريك بعض هذا الحديث عن سماك ووقفه ولفظ أبي داود : ( وَهَلْ تَدْرُونَ بُعْدَ مَا بَيْنَ السَّماءِ والأَرْضِ ؟ ، قالوا : لا ندري . قال : « بُعْدُ ما بَيْنَهُمَا إِمَّا واحدة أو اثنتان  أو ثلاثة وسَبْعُونَ سَنَةً ) ، والباقي نحوه . وقال أبو داود : حدثنا عبد الأعلى بن حماد ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار وأحمد بن سعيد الرباطي قالوا : حدثنا وهب بن جرير - قال أحمد : كتبناه من نسخته ، وهذا لفظه - قال : حدثنا أبي قال : سمعت محمد بن إسحاق يُحدث عن يعقوب بن عتبة ، عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن جده قال : أتى رسول الله ﷺ أعرابي فقال : يا رسول الله : جهدَتِ الأَنْفُسُ ، وَجَاعَتِ العيال ، ونهكت الأموال [ وهَلَكتِ الأنعام ] ، فَاسْتَسْقِ اللهَ لَنَا ، فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى اللَّهِ وَنَسْتَشْفِعُ بِالله عَلَيْكَ ، فقال رسول الله ﷺ : ( ويحك ؛ أَتَدْري ما تَقُولُ : ؟! وَسَبَّحَ رسول الله ﷺ فما زال يُسَبِّحُ حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه . ثمَّ قال : ( وَيُحكَ ؛ إِنَّهُ لا يُسْتَشْفَعُ بالله على أحدٍ مِنْ خَلْقِهِ ، شَأْنُ اللهِ أعظمُ مِنْ ذَلِكَ . وَيْحَكَ ، أَتَدْري ما اللهُ ؟ إِنَّ عَرْشَهُ على سَمواتِهِ لَهَكذا » - وقال بأصابعه مثل القبة عليه -وَإِنَّهُ لَيَبْطُ بِهِ أَطِيْطَ الرَّحْل بالراكب » . قال ابن بشار في حديثه : ( إنّ اللَّهَ فَوْقَ عَرْشِهِ ، وَعَرْشُهُ فَوْقَ سمواته ) ؛ وساق الحديث . وقال عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار عن يعقوب بن عتبة وجبير بن محمد بن جبير ، عن أبيه عن جده ، والحديث بإسناد أحمد بن سعيد أيضاً ، [ هو الصحيح ، وافقه عليه جماعة، منهم يحيى بن معين، وعلي بن المديني ، ورواه جماعة عن ابن إسحاق كما قال أحمد أيضاً ] وكان سماع عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار من نسخة واحدة فيما بلغني تفرد بإخراجه أبو داود . وقد صنف الحافظ أبو القاسم بن عساكر الدمشقي جزءاً في الرد على هذا الحديث . سماه : ( بيان الوهم والتخليط الواقع في حديث الأطيط ) ، واستفرغ وسعه في الطعن على محمد بن إسحاق بن يسار راويه . وذكر كلام الناس فيه . ولكن قد روي هذا اللفظ من طريق أخرى عن غير محمد بن إسحاق ؛ فرواه عبد بن حميد ، وابن جرير في ( تفسيريهما ) ، وابن أبي عاصم والطبراني في كتابي ( السُّنَّة ، لهما ، والبزار في ( مسنده ) ، والحافظ الضياء المقدسي في ( مختاراته ) من طريق أبي إسحاق السبيعي عن عبد الله بن خليفة عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه قال : أنتِ امرأة إلى رسول الله ﷺ فقالت : ادْعُ اللهَ أَنْ يُدخلني الجنَّةَ قال : فَعَظَّمَ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعالى ، وقال : ( إِنَّ كُرْسِيُّهُ وَسِعَ السَّمواتِ والأَرْضَ ، وَإِنَّ لَهُ أَطيطاً كأطيط الرحل الجديد من ثقله . عبد الله بن خليفة ليس بذاك المشهور ، وفي سماعه من عمر نظر ، ثم منهم من يرويه موقوفاً ومؤسلاً ، ومنهم من يزيد فيه زيادة غريبة ، فالله أعلم . وثبت في ( صحيح البخاري عن رسول الله ﷺ أَنَّهُ قال : ( إذا سَأَلْتُمُ اللَّهَ الْجَنَّةَ فَسَلُوْهُ الْفِرْدَوسَ فَإِنَّهُ أعلى الجنَّةِ ، وَفَوقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ) . يُروى : ( وفوقه ، بالفتح على الظرفية ، وبالضم ، قال شيخنا الحافظ المري : وهو أحسن ، أي : وأعلاهما عَرْشُ الرحمن . وقد جاء في بعض الآثار : أن أهْلَ الفِرْدَوْسِ يسمعون أطيط العَرْشِ ، وهو تَسْبيحه وتعظيمه ، وما ذاك إلا لقربهم منه . وفي ( الصحيح أن رسول الله ﷺ قال : ( لَقَدِ اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَادَ ) وذكر الحافظ ابن الحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتاب : صفة العرش » عن بعض السلف أنَّ العَرْشِ مخلوق من ياقوتة حمراء بعْدُ ما بَيْنَ قُطريه مسيرة خمسين ألف سنة . وذكرنا عند قوله تعالى : ( تَعْرُجُ الْمَلَتَيكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) [المعارج : أنه بعد ما بين العرش إلى الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة ، واتساعه خمسون ألف سنة وقد ذهب طائفة من أهل الكلام إلى أن العرش فلك مستدير من جميع جوانبه ، محيط بالعالم من كل جهة ، ربما سموه : الفلك التاسع والفلك الأطلس والأثير . وهذا ليس بجيد ؛ لأنه قد ثبت في الشرع أن له قوائم تحمله الملائكة ، والفلك لا يكون له قوائم ولا يُحمل ، وأيضاً فإنَّه فوق الجنة ، والجنة فوق السماوات ، وفيها منة درجة ، ما بين درجتين كما بين السماء والأرض ، فالبعد الذي بينه وبين الكرسي ليس هو نسبة فلك إلى فلك ، وأيضاً فإن العرش ، في اللغة : عبارة عن السرير الَّذِي لِلْمَلِكِ ، كما قال تعالى : ( وَلَمَا عَرْشُ عَظِيمٌ ﴾ [النمل : ٢٣) . وليس هو فلكاً ، ولا تفهم منه العرب ذلك . والقرآن إنَّما نزل بلغة العرب ، فهو سرير ذو قوائم تحمله الملائكة ، وهو كالقبة على العالم ، وهو سقف المخلوقات قال الله تعالى : ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ) ( غافر : ٧) . وقد تقدم في حديث الأوعال أنهم ثمانية ، وفوق ظهورهنَّ العَرْسُ ، وقال تعالى : ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَد ثَمَانِيَةٌ ) [ الحاقة : ١٧ ) . وقال شهر بن حوشب : حملة العرش ثمانية ؛ أربعة منهم يقولون : سبحانك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، لَكَ الحمد على حلمك بَعْدَ عِلْمِكَ ، وأربعة يقولون : سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى عَفُوكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن محمد هو أبو بكر [ بن أبي شيبة ) ، حدثنا عبدة بن سليمان ، عن محمد بن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ؛ أن رسول الله ﷺ صدق أمية بن أبي الصلت في شيء من شعره فقال : [ من الكامل ] رجُلٌ وشَوْرُ تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِ والنَّسْرُ لِلْأُخْرَى وَلَيْتُ مُرْصَدٌ فقال رسول الله ﷺ : ( صدق ) . فقال : ( من الكامل ) والشَّمْسُ تَطلع كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ حَمْراءَ يُصْبِحُ لَوْنُها يَتَوَرَّدُ تأبى فما تطلع لنا في رِسْلِها إلا مُعَذِّبَةً وَإِلا تُجْلَدُ فقال رسول الله ﷺ : ( صَدَقَ ) . فإنَّه حديث صحيح الإسناد ، رجاله ثقات ، وهو يقتضي أن حملة العرش اليوم أربعة ، فيعارضه حديث الأوعال ، اللهم إلا أن يُقال : إن إثبات هؤلاء الأربعة على هذه الصفات لا ينفي ما عداهم ، والله أعلم ومن شعر أمية بن أبي الصلت في العرش قوله : ( من الخفيف ] مجدُوا اللهَ فَهُوَ الْمَجْد أهْلُ رَبُّنا في السَّماءِ أَمْسَى كبيرا بالبناء العالي الَّذِي بَهَرَ النَّاس وَسَوَّى فَوْقَ السَّماء سريرا شرجعاً لا يَنالُهُ بَصَرُ العَيْ مَن تَرَى حَوْلَهُ المَلائِكَ صُورا صور : جمع أصور ، وهو المائل العنق لنظره إلى العلو. والشَّرْجعُ : هو العالي المنيف والسرير : هو العرش ، في اللغة ومن شعر عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه - الذي عرض به عن القراءة لامرأته حين اتهمته بجاريته : ( من الوافر ] شهدت بأنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ مَثْوَى الكَافِرِينا وأنَّ العَرْشَ فوق الماء طاف وفَوْقَ العَرْشِ رَبُّ العالمينا وتحمله ملائكة كرام ملائكةُ الإِلَهِ مُسَوَّمِينا ذكره ابن عبد البر  ، وغير واحد من الأئمة وقال أبو داود  : حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله ، حدثني أبي ، حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن موسى بن عقبة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، أنَّ النبي ﷺ قال : « أَذنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عن ملكٍ مِنْ مَلائِكَةِ اللهِ عَزَّ وجلَّ مِنْ حَملةِ العَرْشِ : إِنَّ ما بينَ شَحْمةِ أُذُنِهِ إلى عاتِقِهِ مَسِيرة سبعمئة عام ) . ورواه ابن أبي حاتم ، ولفظه : ( مخفق الطير مسيرة سبعمئة عام » .

2 - خلق الكرسي :

 فروى ابن جرير من طريق جويبر - وهو ضعيف - عن الحسن البصري أنه كان يقول : الكرسي هو العرش . وهذا لا يصح عن الحسن ، بل الصحيح عنه وعن غيره من الصحابة والتابعين أنه غيره . وعن ابن عباس وسعيد بن جبير أنهما قالا في قوله تعالى : ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ) البقرة : ٢٥٥ ) ؛ أي علمه والمحفوظ عن ابن عباس ، كما رواه الحاكم في مستدركه - وقال : إنه على شرط ولم يخرجاه - من طريق سفيان الثوري ، عن عمار الدهني ، عن مسلم البطين سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنه قال : الكرسي موضع القدمين ، والعرش لا يقدر قدره إلا الله عَزَّ وجلَّ . وقد رواه شجاع بن مخلد الفلاس في ( تفسيره » عن أبي عاصم النبيل ، عن الثوري ، فجعله مرفوعاً ، والصواب أنه موقوف على ابن عباس . وحكاه ابن جريرعن أبي موسى الأشعري ، والضحاك بن مزاحم، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي : السماوات والأرض في جوف الكرسي والكرسي بين يدي العرش وروى ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الضحاك ، عن ابن عباس أنه قال : لو أن السماوات السبع والأرضين السبع بسطن ، ثمَّ وُصلن بعضهن إلى بعض ، ما كُنَّ في سعة الكرسي إلا بمنزلة الحلقة في المفازة وقال ابن جرير : حدثني يونس ، حدثنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : حدثني أبي قال : قال رسول الله ﷺ : ( ما السموات السبع في الكرسي إلا كَدَراهمَ سَبْعَةٍ أُلْقِيتُ في تُرس » . قال : وقال أبو ذر : سمعت رسول الله ﷺ يقول : ( ما الكُرْسِيُّ في العَرْشِ إلا كَحَلْقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ أُلْقِيتُ بَيْنَ ظَهْرِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ أبو بكر بن .أول الحديث مرسل ، وعن أبي ذر منقطع . وقد روي عنه من طريق أخرى موصولاً ، فقال الحافظ بن مردويه في ( تفسيره ) : أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني ، أنبأنا عبد الله بن وهيب الغزي أنبأنا محمد بن أبي السري العسقلاني ، أنبأنا محمد بن عبد الله التميمي ، عن القاسم بن محمد الثقفي ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن أبي ذر الغفاري أنه سال رسول الله ﷺ عن الكرسي ، فقال رسول الله : ( والذي نفسي بيده ما السَّماوات السَّبْعُ والأَرَضُونَ السَّبْعُ عِنْدَ الكُرْسي إلا كَحَلْقَةٍ مُلقاة بأرض فلاةٍ ، وإِنَّ فَضْلَ العَرْشِ على الكُرْسِي كَفَضْلِ الفَلَاةِ عَلَى تِلْكَ الحَلْقَةِ . وقال ابن جرير في تاريخه : حدثنا ابن وكيع [ قال ] : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير قال : سُئل ابن عباس عن قوله عَزَّ وجلَّ : وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ) على أي شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح . والسموات والأرضون وكل ما فيهن من شيء يحيط بها البحار ، ويحيط بذلك كله الهيكل ويحيط بالهيكل - فيما قيل -  الكرسي وروى عن وهب بن منبه نحوه . وفسر وهب الهيكل فقال : شيء من أطراف السموات محدق بالأرضين والبحار كأطناب الفسطاط  وقد زعم بعض من ينتسب إلى علم الهيئة أن الكرسي عبارة عن الفلك الثامن الذي يُسمونه فلك الكواكب الثوابت . وفيما زعموه نظر ؛ لأنه قد ثبت أنه أعظم من السماوات السبع بشيء كثير كما ورد في الحديث المتقدم بأن نسبتها إليه كنسبة حلقة ملقاة بأرض فلاة ، وهذا ليس نسبة فلك إلى فلك فإن قال قائلهم : فنحن نعترف بذلك ، ونسميه مع ذلك فلكاً ، فنقول : الكرسي ليس في اللغة عبارة عن الفلك ، وإنما هو - كما قال غير واحد من السلف - : بين يدي العرش كالمرقاة إليه . ومثل هذا لا يكون فلكاً . وزعمهم أنَّ الكواكب الثوابت مرصعة ، لا دليل لهم عليه . هذا مع اختلافهم في ذلك أيضاً ، كما هو مقرر في كتبهم . والله أعلم .

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

2

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة