معجزة سيدنا إبراهيم عليه السلام
سيدنا إبراهيم يدعو والده وقومه للإيمان
سيدنا إبراهيم عليه السلام، إبراهيم الخليل ويُلقب بأبو الأنبياء، من الله عليه وآتاه من رشده و هداه منذ صغره، و أحس بفطرته أن هناك إلهاً أعظم حتى هداه الله واصطفاه برسالته، و لم يكد الله يقول له أسلم حتى قال أسلمت لرب العالمين، هو أول من سمانا المسلمين، نبى كان جدا وأباً لكل الأنبياء الذين جاءوا بعده، وكان من فضل الله عليه أن جعله الله إماماً للناس، وجعل فى ذريته النبوة و الكتاب، حيث نشأ فى قوم إنقسموا فى عبادتهم إلى ثلاثة فئات: فئة تعبد الأصنام و التماثيل الخشبية والحجرية، وفئة تعبد الكواكب و النجوم والشمس و القمر، وفئة تعبد الحكام والملوك.
وكان والده آزر يصنع الأصنام و يقدسها، ويُطلق عليها الأسماء و مهنته هذه تُضفى عليه مكانه خاصة فى قومه، و تجعل لأسرته كلها مكاناً متميزاً فى مجتعمهم، وهى أسرة مرقومة من الصفوة الحاكمة، نشأ وهو يشعر بالضيق من ضلال أهله وقومه، فقد كان يعلم بوجود الله، وكان يحاول هداية قومه بالإقناع و بالكلمة الطيبة فبدأ بوالده آزر لهدايته وتذكيره بأن هذه الآلهه لا تضر و لا تنفع وكان يدعو والده باللين و الرفق و لا يخاطبه إلا بقوله (يا أبتِ)، إلا أن أباه أصر على موقفه، و طلب منه ان يهجره و يتركه، ثم أنتقل سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى دعوة قومه، فأمرهم أولاً بترك عبادة الأصنام فهى تضر ولا تنفع، و ما هى إلا حجارة صنعوها بأيديهم، و حاول أن يلفت نظرهم إلى ما يعبدون، ولكنهم أجابوه بكل تبجح وأعتراض إنها أصنام يعبدونها وجدوا آبائهم وأجدادهم لها عابدون من قبل، فأجابهم عليه السلام أنهم وآباءهم فى ضلال كبيرو دعاهم إلى عبادة الله وحده خالق السموات والأرض.
ثم قرر سيدنا إبراهيم عليه السلام أن يواجه الذين يعبدون الكواكب و النجوم، فرأى جماعة تعبد كوكباً فى السماء و يخضعون له فتعجب من فعلهم هذا فأرادهم أن يطمأنوا له و حتى يحسوا أنه يرفض عبادة التماثيل و يهوى عبادة الكواكب، فقال مستنكراً لهم إن كان هذا إلهه؟
وكان يدخر لهم مفأجاه لهم فى الصباح، فلما أفل و غرب الكوكب و أختفى عن الأبصار، توجه إلى أولائك النفر الذين كانوا يعبدون الكوكب وقال لهم فى تعجب وإستنكار أن الإله لا يأفل و لا يغيب، و إنه لا يحب الآفلين، ثم مر على جماعة اخرى فرآهم يخضعون للقمر و يعبدونه و لم يكن قومه على درجة من الذكاء ليدركوا أن سيدنا إبراهيم عليه السلام إنما يريد أن يُبين لهم ضلالهم برفق و لطف و لين، فلما رآى القمر طالعاً و بازغاً فى الأفق قال مستنكراً إن كان هذا إلهه فلما أفل وأختفى، إستنكر عليهم لأن الإله لا يأفل و لا يغيب، فيكف يعبدون إلهاً يظهر ثم يختفى، لم يفهم قومه فى المرة الأولى فكررها فى المرة الثانية و لم يفهموا أيضاً ما يريدهم أن يقتنعوا به من أنهم على الضلال، و يحاول سيدنا إبراهيم عليه السلام للمرة الثالثة بعد ذلك فرآى جماعة يسجدون للشمس و يعبدونها، فلما رآى الشمس مشرقة و بازغة و القوم يخضعون أمامها قال لهم مستنكراً من فعلهم إن كان هذا إلهه فهذا أكبر، فلما غربت الشمس و أفلت، حتى أعلن لهؤلاء القوم الذين يعبدون الشمس براءته مما يشركون به من عبادة النجوم و الكواكب فكلها مخلوقات تأفل.
خطة سيدنا إبراهيم عليه السلام لإثبات حُجته
و بعد أن بين سيدنا إبراهيم عليه السلام حجته لفئة عبدة النجوم و الكواكب إلا أنهم أصروا على موقفهم، إستعد ليبين حجته لعبدة الأصنام، و لكن هذه المرة يأخذ الصراع أشد حدة، فهى العبادة التى يتبعها أهله و تتبعها الأغلبية، و هنا أراد سيدنا إبراهيم عليه السلام أن يستخدم أسلوباً آخر لإقناعهم و لفت أنظارهم لما كانوا غافلين عنه، فأراد تكسير أصنامهم، حتى يعلم قومه ان هذه الأصنام التى يعبدونها ما هى إلا حجارة لا تضر ولا تنفع، ولما جاء إحتفال عظيم لقومه يُقام على الضفة الأخرى من النهر، أنتظر حتى جاء وقت اللإحتفال و خرجوا جميعاً و لم يذهب معهم سيدنا إبراهيم عليه السلام، وإنتظر حتى أنصرف جميع أهل القرية، فأخذ فأساً وبدأ بتحطيم الأصنام جميعها بلإستثناء الصنم الكبير حيث علق فى عنقه الفأس حتى يظهر أنه الفاعل، محاولاً بهذا إقناعهم بدين الله.
وعندما عاد القوم من إحتفالهم وجدوا أصنامهم قد تحطمت، فغضبوا وتساءلوا عمن فعل هذا بآلهتهم، فقال لهم بعض الناس إنهم سمعوا فتى إسمه إبراهيم يذكر أصنامهم بالسوء، فقرروا تشكيل محكمة يحاكمونه فيها أمام عدد كبير من الناس، ثم أحتشد الناس و جاءوا بسيدنا إبراهيم عليه السلام و سألوه إن كان هو من فعل ذلك بآلهتهم، فأجاب سيدنا إبراهيم عليه السلام إن كبيرهم من فعلها و ليسألوه ليعرفوا أن أصنامهم لا تنطق و لا تعقل و لا تتحرك فهى حجارة جامدة، فقالوا له: كيف نخاطبهم و هم لا ينطقون، فأكمل سيدنا إبراهيم عليه السلام ما بدأ به و سألهم كيف يعبدون أصناماً لا تنطق و لا تنفع و لا تضر و لا تدافع عن نفسها؟
معجزة سيدنا إبراهيم عليه السلام و النجاه من النار
فلما بهت القوم و لم يجدوا أجابة بعد أن أثبت سيدنا إبراهيم عليه السلام ضلالهم وضعف ما يعبدون، قرر القوم أن ينتقموا منه لينصروا آلهتهم، واجمعوا على أن يحرقوا سيدنا إبراهيم عليه السلام فى النار، فحسبوه وأمروا بجمع الحطب، ومن كثرة غضبهم عليه أخذوا يجمعون الحطب من كل مكان حتى صار الحطب كجبل عظيم، وقاموا بعمل محرقة عظيمة لم يُشاهد مثلها من قبل ليحرقوه فيها حتى يتخلصوا منه للأبد، وشرعوا بتقييد سيدنا إبراهيم عليه السلام و ربطوه بالحبال ومن شدة المحرقة التى أوقدوها له لم يستطيعوا الأقتراب و إلقائه فيها فقاموا بوضعه على آله المنجنيق ليلقوا به فى النار فقال سيدنا إبراهيم عليه السلام: حُسبنا الله ونعم الوكيل، وألقوا به فى النار فجاء الأمر المعجزة من الله الخالق القدير إلى النار بأن تكون برداً و سلاماً على إبراهيم، وجلس الناس يرقبون النار من بعيد من شدة حرارتها و بعد وقت طويل إنطفأت النار وخرج سيدنا إبراهيم عليه السلام و وجهه يتلألأ بالنور فلم تحرقه النار و لم تحرق حتى ثيابه إنما حرقت القيد الذى قيدوه به، وكانت معجزة الله سبحانه وتعالى أنه أنجى و أخرج سيدنا إبراهيم عليه السلام من النار سالماً غانماً.
تمت بحمد الله و فضله