يوسف إستس: القس الذي أنقذه القرآن قبل فوات الأوان

يوسف إستس: القس الذي أنقذه القرآن قبل فوات الأوان

0 المراجعات

رحلة بدأت بلا نية... وانتهت بنور لا ينطفئ

لم يكن يُفكر في الإسلام، ولا حتى يرى فيه طريقًا.
كان رجلًا واثقًا من دينه، راضيًا عن حياته، مُحاطًا بالأضواء، تحيطه كلمات الإنجيل من كل اتجاه، وتُحييه المجالس كـ"قس محترم ورجل دين له وزنه".
يمتلك شركات، وأموال، وعلاقات، لكنه كان يفتقد شيئًا… شيئًا لا يُشترى ولا يُلمس… شيئًا لا يعرف اسمه حتى.

وفي لحظة بدت عادية… دخل رجل غريب بيته.
لا يحمل كتبًا، ولا يجادل، ولا يرفع صوته…
مجرد رجل مسلم بسيط، بملامح هادئة، وعيون تضيء بثقة.

من هنا بدأت الحكاية.
كانت الكلمات قليلة، لكن أثرها عميق.
وكانت النظرات أهدأ من أن تُخيف، لكنها أصدق من كل الخُطب.

هو لم يأتِ ليُقنع أحدًا… لكنه جاء لِيُري الحقيقة بسلوكه، بوضوئه، بسجوده، بصمته.

يوسف إستس لم يدخل في جدال… بل دخل في مواجهة صامتة بين عقله وقلبه، بين ما وُرِّثه وما بدأ يشعر به،
وبدأت الأسئلة التي طالما تجاهلها تنهض من سباتها،
وتدقّ على باب قلبه بصوت لم يعد يستطيع تجاهله.

نشأته وحياته قبل الإسلام

لم يكن يوسف إستس مجرد رجل دين عادي. وُلد في ولاية تكساس الأمريكيةعام 1944، ونشأ في بيت مسيحي محافظ، وسط أسرة تمارس الشعائر بانتظام وتقدّس الإنجيل. بمرور الوقت، لم يكن مجرد مؤمن؛ بل أصبح قسًا معتمدًا، يلقي الخطب، ويناظر غيره من الديانات، ويدعو الناس إلى العقيدة المسيحية.

لكن الأمر لم يتوقف عند الجانب الديني فقط. يوسف كان أيضًا رجل أعمال ناجح، يملك شركات في مجال الموسيقى والإلكترونيات، يعيش حياة مرفهة لا ينقصها شيء. المال وفير، والاحترام الاجتماعي في أعلى مستوياته، والكل ينظر إليه باعتباره "الناصح والعارف بالله".

ورغم هذه الصورة اللامعة، كان هناك فراغ خفي في داخله... أسئلة كثيرة بدأت تطرق قلبه:
هل يمكن أن يكون الله واحدًا حقًا؟ لماذا كل هذا الغموض في العقيدة؟ ولماذا لا أجد السلام رغم كل ما أملك؟

أسئلة لم يكن يجرؤ على طرحها علنًا، لكنها كانت تكبر بصمت... تنتظر شرارة واحدة لتشتعل.

ثم جاءت الشرارة... حين دخل رجل مسلم بسيط إلى حياته.
لكن من كان هذا الرجل؟
وما الذي فعله حتى بدأ القس المسيحي يُراجع إيمانه لأول مرة؟

نقطة التحوّل

لم يكن اللقاء مجرد جلسة حوار، بل كان بداية زلزال داخلي في عقل يوسف إستس.
الضيف كان رجلًا مسلمًا مصريًا بسيطًا اسمه محمد عبد الرحمن. دعاه والد يوسف ليقيم معهم في المنزل، أملاً في أن "يهديه للمسيحية". لكن المفارقة أن الهادئ الصامت كان يحمل يقينًا لا يتزعزع، وثقة تلمع في عينيه دون أن يُهاجم أو يُجادل.

كان محمد لا يجادل كثيرًا، بل يبتسم ويصمت، يرد على الأسئلة بهدوء، ويعيش أخلاق الإسلام أكثر مما يتحدث عنها. هذا السلوك وحده كان كافيًا لزرع الشك في قلب القس المتعصب.

بدأت الليالي تمضي، والحوار يمتد. كل مرة كان يوسف يُحضّر أسئلته بعناية، معتقدًا أنه سيُفحم المسلم، لكنه كان يعود بحيرة أكبر.

لم يجد في القرآن تلك "الفوضى" التي كان يتوقعها، بل وجد توحيدًا خالصًا، لا لبس فيه، ولا غموض. وجد إجابات لم يسأله عنها أحد... لكنها كانت تسكن أعماقه من سنين.

وفي ليلة هادئة، جلس يوسف إلى نفسه طويلًا.
لم يعد يملك شيئًا يقاوم به النور الذي دخل قلبه.
ثم جاءت اللحظة الفارقة...

أعلن صديقه إسلامه.
ثم تبعه والده.
وفي النهاية، وقف يوسف إستس قائلًا: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله."

قصة تحوّله لم تكن لحظة... بل زلزال بطيء حفر طريقه إلى أعماق قلبه، حتى تغيّر كل شيء.

ما بعد الإسلام... ولادة جديدة

بعد أن نطق الشهادتين، لم تعد الدنيا كما كانت.
الرجل الذي كان يملك الشركات، الشهرة، والسلطة الروحية في مجتمعه، ترك كل ذلك دون تردد.
نزع عن قلبه عباءة الكِبر، وألقى خلف ظهره أمجاد الدنيا، وسار نحو حياةٍ جديدة لا يملك فيها إلا سجادته، ودموعه، وقلبًا امتلأ بالنور.

لم تكن البداية سهلة…
خسر كثيرًا من معارفه، انقطعت بعض علاقاته، وتحوّل من شخصية مرموقة إلى رجل غريب في عيون أهله وأصدقائه.
لكنه كان أسعد من أي وقت مضى.
لأول مرة، كان يشعر أن قلبه يصلي قبل أن تتحرك شفتاه، وأن السجود ليس مجرد وضع جسدي… بل انكسارٌ جميل بين يدي من خلقه.

كان يبكي كثيرًا في صلاته.
كان يبكي لأنه أدرك كم ضاع من عمره بعيدًا عن هذا النور.
وكان يبكي أكثر لأنه رغم كل شيء…
لم يطرده الله، بل احتضنه.

تعلم العربية ليقرأ القرآن بلسان نبيّه، وجعل حياته كلها وقفًا للدعوة.
لم يُرد شهرة، ولا مجدًا جديدًا… بل كان يقول:
"كل ما أريده أن يقبلني الله عبدًا بين يديه، لا قسًا ولا داعية… فقط عبدًا نجا."

من بين دموعه... وركعاته... ومحاضراته التي أثّرت في الآلاف، كانت رسالته دائمًا:
"إذا أنقذني الله وأنا في الأربعين، فهل تظن أنه لن ينقذك اليوم؟"

حين يولد القلب من جديد

ليس كل ولادة يُعلنها صرخة، فبعض الولادات لا تُسمع… لكنها تُحس.
يوسف إستس لم يولد من جديد جسدًا، بل قلبًا وروحًا ووعيًا.
ولد حين اختار طريقًا غير مألوف، حين باع دنياه ليشتري آخرته، حين أدرك أن السعادة لا تُصنع بالمال، بل تُزرع في القلب حين يعرف ربه.

قصته ليست مجرد قصة إسلام قس، بل هي تذكرة لكل من ضلّ…أن الطريق إلى الله لا يُغلق أبدًا، وأن من بحث عن الحق بصدق، فإن الله لن يتركه يتيه.

ربما تقرأ الآن وأنت في قلب الحيرة…
وربما تظن أن التغيير صعب، أو متأخر، أو مستحيل…

لكن تذكّر:
"إذا كان الله قد فتح قلب رجل في الأربعين…
فما الذي يمنعه أن يفتح قلبك اليوم؟"

#إسلام_يوسف_أستس

  •  
التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة